يؤكد مسؤولون عراقيون أنّ حالات الابتزاز الإلكتروني مستمرة بالرغم من مواصلة القبض على أعداد من المبتزين والتثقيف المستمر من قبل الجهات الأمنية، ومن ضمنها وزارة الداخلية ومديرية الشرطة المجتمعية، وتؤدي بعض حالات الابتزاز إلى الانتحار، هرباً من الفضيحة التي قد يسببها المبتز للضحية.
وأكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي أن العديد من الفتيات والنساء والأحداث كانوا ضحية الابتزاز الإلكتروني عام 2023 بزيادة ملحوظة عن الأرقام المسجلة في عام 2022.
وأضاف الغراوي في بيان له، أمس الثلاثاء، أن "صور الابتزاز تنوعت بالحصول على منافع مادية أو جسدية من الضحايا من خلال تشويه سمعتهم وفضحهم في وسائل التواصل الاجتماعي واختراق حساباتهم وأرقامهم"، مشيراً إلى أنّ "العديد من الفتيات حاولن الانتحار بدلاً من الفضيحة نتيجة الابتزاز من قبل عصابات وأفراد من داخل العراق وخارجه".
وطالب الغراوي الجهات الأمنية بـ"منع بيع (السيم كارت) إلّا بضوابط صارمة ومن خلال منافذ الشركات الرسمية وإدخال كافة حسابات المشتركين في منظومة الحماية من الهاكرز"، كما طالب بتعديل عقوبة المبتز الإلكتروني "وجعلها الإعدام".
وبحسب بيان سابق لوزارة الداخلية العراقية، فإنّ "أغلب حالات الابتزاز التي تمكنت الشرطة المجتمعية من معالجتها ناجمة عن سوء استخدام الضحايا للهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي، وأن أغلبهم من الفتيات المراهقات".
وتقر منظمات معنية بحماية المرأة وحقوق الإنسان بتصاعد جرائم الابتزاز الإلكتروني في البلاد، فيما أكدت غياب القانون الواضح للتعامل مع تلك الجرائم، وسط مطالبات بتشديد العقوبات للحد من تلك الجرائم التي أثرت بشكل خطير على المجتمع.
وتنتشر ظاهرة الابتزاز الإلكتروني في العراق، والتي تمارسها عصابات مختصة وأفراد لتحقيق مكاسب مالية وغايات أخرى، وبينما تجتهد الجهات الأمنية في السعي للحد من الظاهرة وتحجيمها، إلا أن ضعف التقنيات الإلكترونية يحجم إمكانية السيطرة عليها.
في السياق، قالت نور محمد، وهي ناشطة وعضو في منظمة معنية بالنساء العراقيات، إن "وقائع انتحار حدثت وقُيّدت على أنها وفاة اعتيادية، لنساء وفتيات تعرضن للابتزاز الإلكتروني. واللجوء إلى الانتحار جاء نتيجة عدم تفهم المجتمع للابتزاز، وأن أكثر هذه الحالات تحدث في المناطق النائية والمجتمعات العشائرية".
وأضافت محمد في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "العراق لا يملك قانوناً خاصاً بالجرائم المعلوماتية حتى الآن، وأن ما تسعى إليه الأحزاب لطرحه لا يناقش المعالجات القانونية لمشاكل الابتزاز الإلكتروني، بل إنه يهدف إلى إسكات النشطاء والفواعل الاجتماعية الرافضة لممارسات السلطة".
ومطلع عام 2022، كشف إحصاء أعدته رابطة القاضيات العراقيات أخيراً أن مطلع العام الحالي شهد تزايداً كبيراً في حالات الابتزاز التي بلغ عددها 2452 في كل المحافظات، وأوضحت أن هذا الرقم توزع على 557 في العاصمة بغداد، و481 في الرصافة، و421 في ديالى، و227 في ذي قار، و221 في الأنبار، و209 في كربلاء، و207 في كركوك، و146 في نينوى، و113 في القادسية، و102 في بابل، و75 في المثنى، و75 في صلاح الدين، و57 في البصرة، و19 في النجف، و14 في واسط، و9 في ميسان.
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد أعلنت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي عن "تصاعد كبير" في جرائم الابتزاز الإلكتروني. ووفقاً للمتحدث باسم الوزارة، اللواء خالد المحنا، فإن "ارتفاع الظاهرة بدأ يُهدّد نسيج المجتمع العراقي، لذلك وجهت وزارة الداخلية وكالة الاستخبارات ومديرية مكافحة الجرائم والشرطة المجتمعية لتبني هذا الموضوع".
وأشارت الوزارة إلى أن "جريمة الابتزاز الإلكتروني تسببت في مقتل وانتحار كثير من النساء، وأن أحد المبتزين تسبب بطلاق 10 نساء، لذلك فإن جرائم مماثلة تؤثر بشكل كبير في نسيج المجتمع العراقي"، وأكدت أن "وزارة الداخلية جادة بمتابعة الملف، وأن هنالك مواد يستخدمها القضاء العراقي في معالجة هذه الأمور، وأن الكثير من المتهمين سُجنوا لمدة تصل إلى 14 سنة".