وجّه وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، مساء أمس الاثنين، باستبعاد الضباط البُدناء من الترقية السنوية المقررة منتصف الشهر الجاري، في قرار هو الأول من نوعه منذ سنوات، وذلك ضمن حملة ينفذها الوزير لمعالجة مشكلة البدانة وضعف اللياقة البدنية داخل الوزارة.
الإجراء الذي حظي بتأييد سياسي وشعبي واسع، جاء بعد أشهر من تخيير وزارة الدفاع ضباط الجيش من الرتب المتقدمة بين التقاعد أو تخفيض أوزانهم الزائدة لتكون متناسقة مع الطول.
ويحتل العراق المركز 55 عالمياً، والتاسع عربياً في معدلات السمنة، وفقاً لمسح قدمه مرصد السمنة العالمي (The Global Obesity Observatory) في مارس/ آذار الماضي.
ووفقاً لبيان صدر عن وزارة الداخلية العراقية ببغداد، مساء أمس الاثنين، فإنّ وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، وجه بـ"استبعاد مجموعة ضباط من الترقية لجدول شهر يوليو/ تموز الجاري"، دون أن يذكر عدد الضباط ورتبهم. بيد أنّ مسؤولاً بوزارة الداخلية قال لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "الآلاف من الضباط خضعوا للفحص الطبي وفشلوا في اختبار الوزن"، لافتاً إلى أنّ "الضباط المستبعدين من الترفيع هم الذين يتجاوز وزنهم الزائد الحد المنطقي بأكثر من 15 كيلوغراماً".
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، نشرت وسائل إعلام عراقية وثيقة لوزارة الدفاع، تضمّنت تعليمات بإحالة الضباط ممن يعانون من السمنة وزيادة الوزن إلى التقاعد في حال عجزهم عن ترشيق أوزانهم، مطالبة إياهم بالالتزام باللياقة البدنية، ومحذرة من أنّ المترهلين منهم ستجري إحالتهم للتقاعد.
وتعتمد وزارتا الدفاع والداخلية نظام الطول وكتلة الجسم في تحديد الأوزان المناسبة للضباط، فعلى سبيل المثال الوزن المقرر لمن يبلغ طولهم 172 سنتيمتراً، بين 75 و82 كيلوغراماً كحد أقصى، كما تجري مراعاة العمر في تحديد النسب المحددة لكل ضابط.
ويعتبر القرار المتخذ الاثنين، الأول من نوعه الذي يجري بموجبه حرمان ضباط من الترقية بالرتبة والرواتب بسبب الوزن الزائد، إذ إنّ هذا الإجراء كان معمولاً به قبل الغزو الأميركي للبلاد عام 2003، وتوقف بعد ذلك طيلة العشرين عاماً الماضية، ما أدى إلى تفشي البدانة، خاصة بين كبار الضباط والقادة الأمنيين.
وحول القرار، قال عضو جمعية المحاربين القدماء في بغداد، العميد المتقاعد عبد الله الفلاحي، إنه "عودة للسياقات الصحيحة"، مضيفاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، أنّ "القرار رغم كونه تأخر كثيراً، لكنّه أفضل من ألا يأتي. هناك ظاهرة الكروش والوجوه الممتلئة بين الضباط والمراتب أيضاً، ترافقها مسألة سياراتهم الفارهة والهواتف المُذهّبة، في صورة تُذكرنا باستشراء الفساد الإداري والمالي والتنظيمي أيضاً الذي ضرب مؤسسات الدولة العراقية بعد عام 2003".
وأثنى الفلاحي على قرار وزير الداخلية، مبيناً أنه "من المعيب أن يكون ضابط لديه كرش وجسم مشوه، ويجب إشراك الضباط بدورات اللياقة البدنية والتحمّل والمطاولة، كونها من أساسيات العمل العسكري والمهني"، وفق قوله.
عضو التيار المدني العراقي، أحمد حقي، اعتبر أنّ القرار يجب أن يشمل باقي مؤسسات الدولة العراقية، وأضاف لـ"العربي الجديد"، أنّ "حكومة محمد شياع السوداني تحاول تصحيح الكثير من الظواهر السيئة المنظورة وغير المنظورة في مؤسسات ودوائر الحكومة، لكن الأهم الآن هو ملف الفساد في المؤسسات الأمنية، لأنّ أحد أسباب العنف والجريمة المنظمة، ومن قبلها الإرهاب، هو تفشّي الفساد وعدم الاحترافية في تلك المؤسسات"، وفق قوله.
واعتبر حقي أنّ القرار "سينعش صالات الرياضة ومراكز التنحيف، ويجعل أغلب روادها من ضباط الداخلية والجيش".