أفاد مسؤولون أمنيون عراقيون بأن ثمة تراجعاً واضحاً في ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية خلال المناسبات والاحتفالات التي تتسبب في سقوط ضحايا ومصابين في كل مرة، موضحين أن ذلك يأتي نتيجة الإجراءات الأمنية الأخيرة في حق مطلقي الرصاص في الهواء، بالإضافة إلى زيادة وعي الناس بعد نشر صور ضحايا من بينهم أطفال قضوا نتيجة إطلاق نار في احتفالات بمدن عدة.
ويُعَدّ إطلاق النار في الأفراح والأتراح ومناسبات أخرى من العادات السيئة التي تنتشر في المجتمع العراقي بكثرة في الأعوام الماضية، وتسبّبت في سقوط إصابات كثيرة ما بين قتلى وجرحى.
وقبيل انطلاق فعاليات كأس الخليج العربي (خليجي 25) التي تجري في البصرة جنوبي العراق حالياً، أصدرت السلطات العراقية تحذيرات مشددة حيال إطلاق النار في حال فوز المنتخب العراقي بالمباريات، محذرة من أن عقوبات سوف تُفرَض على المخالفين من بينها السجن. كذلك، أصدرت مؤسسات دينية مختلفة فتاوى تحرّم إطلاق النار وتحذّر من خطورة الاشتراك في قتل أبرياء بذلك.
يقول المتحدث باسم الشرطة العراقية في محافظة القادسية جنوبي العراق، رحيم عودة، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إن "دوراً كبيراً أدته القوى الأمنية في السعي إلى الحد من ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية، حيث جرت مؤتمرات عدة بين الشرطة وشرائح اجتماعية مختلفة، كان لها دور متميز في انخفاض ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية العشوائية".
يضيف عودة أن "دوراً فعالاً أدته كذلك العشائر ورجال الدين والمثقفون والرياضيون، إذ عمدوا إلى إشاعة ثقافة رفض إطلاق النار وإلى العمل على تقليصها"، موضحاً أنه "منذ انطلاق بطولة الخليج في العراق لم نلحظ أي عملية إطلاق نار. فالمواطنون لجأوا إلى طرق آمنة للتعبير عن الفرح بفوز المنتخب، وهذا مؤشر جيد".
من جهته، يقول مسؤول في وزارة الصحة العراقية لـ"العربي الجديد" إن "المستشفيات لم تسجل أي وفاة من جراء إطلاق نار (عشوائي) منذ انطلاق بطولة كأس الخليج 25. كذلك ثمة انخفاض كبير على مستوى الإصابات".
ويوضح المسؤول، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أنه "لو قارنّا المعطيات اليوم بتلك التي تعود إلى أعوام سابقة، لوجدنا أننا أمام تحسّن كبير على مستوى مدن البلاد كلها. ولعل التحذيرات الأمنية والتوعية وقبلها ازدراء المجتمع مطلقي النار، ساهمت كلها في تقليص الظاهرة المميتة وغير الحضارية".
في سياق متصل، يبيّن الشيخ إبراهيم المحمداوي، أحد أبرز الشيوخ في البصرة، لـ"العربي الجديد"، أن "العشائر تعمل بطريقة متواصلة منذ أشهر عدة لمواجهة هذه الظاهرة، بعد تسجيل ضحايا من الأطفال والشبان سقط عليهم رصاص المحتفلين". يضيف المحمداوي أن "ثمة اتفاقاً بين معظم شيوخ العشائر في البصرة وفي محافظات مختلفة، لتأكيد رفض ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية في كل المناسبات، سواءً أكانت أتراحاً أو أفراحاً. وبحسب ذلك، تتبرّأ العشائر من أي شخص يطلق النار، ولا تدافع عنه استناداً إلى أسس القوانين العشائرية".
ويشرح المحمداوي أن "الاتفاق أتى بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، في حين أن ورشاً عُقدت بين شيوخ العشائر ومنظمات المجتمع المدني وجهات صحية كانت تكشف لنا أرقاماً كبيرة مؤسفة لضحايا إطلاق النار، وقد ساهمت هذه الورش في رفع الوعي بين أبناء العشائر وأبناء المدن". ويتابع المحمداوي: "ونحن لاحظنا كذلك في مناطق العشائر انخفاضاً كبيراً في هذه الظاهرة، واستبشرنا خيراً. ونعمل مع بقية العشائر والجهات الحكومية وغير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني على أنهاء الظاهرة غير الحضارية، على أن نعبّر عن أفراحنا وأتراحنا بصورة حضارية أفضل".