تُعدّ نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة مرتفعة في العراق، وتقدر بنحو 13 في المائة من أصل عدد السكان الذي يزيد عن 40 مليون نسمة. والنسبة إلى ارتفاع في ظل استمرار المسببات كحوادث السير والسلاح المتفلت والحروب التي شهدها العراق وغير ذلك. ولا تؤمن الحكومة العراقية الحد الأدنى من حقوقهم، من بينها تجهيز المباني والمؤسسات الحكومية والمستشفيات ومواقف السيارات وإنشاء ممرات آمنة لتناسب احتياجاتهم.
وتُفاقم قلة عدد المستشفيات المتخصصة في العناية بالأشخاص ذوي الإعاقة وتوفير العلاج المناسب لهم، وعدم تخصيص الحكومة رواتب جيدة لهم أسوة بالكثير من الدول، ناهيك عن عدم تجهيز الطرقات والدوائر الحكومية وغيرها، من مأساتهم. ولا يمنحون الأولوية سواء في الدوائر الحكومية أو غيرها. وساهمت الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت عام 2019 في زيادة نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة من جراء العنف الذي مورس بحق المحتجين.
والعام الماضي، أعلنت عضوة مجلس النواب ماجدة التميمي أنّ "عدد الأشخاص ذوي الإعاقة يتجاوز الخمسة ملايين شخص"، مشيرة إلى أنّ "هذه الشريحة تواجه معاناة كبيرة بالإضافة إلى عائلاتها بسبب عدم توفر البيئة المناسبة لهم للعيش بكرامة". وأشارت في بيان إلى أنّ "الراتب المخصص لهم قليل ولا يغطي أبسط الاحتياجات. وما من اهتمام بتصميم الطرقات والمباني والمؤسسات بما يتناسب مع احتياجاتهم".
في هذا الإطار، يقول أحمد محسن (52 عاماً)، الذي أصيب بالشلل بعد تعرضه لإطلاق نار من قبل عناصر مليشيا "جيش المهدي" عام 2008 في مدينة بغداد، إنه ما زال يعاني خلال التجول في شوارع العاصمة مع ابنه، ويتمنى أن تكون الأرصفة مجهزة للأشخاص ذوي الإعاقة على غرار الكثير من دول العالم، التي تعمد إلى إنشاء ممرات خاصة. ويشير إلى أن بعض الدوائر الحكومية تصر على حضوره لإتمام المعاملات، على الرغم من قيام نجله بتقديم الأوراق الخاصة بحالته الصحية والتي تثبت عدم قدرته على الحضور "إلّا أنّ الإجراءات الحكومية لا ترحم". يضيف محسن في حديثه لـ "العربي الجديد" أنه حتى عام 2018، كان يضطر للذهاب إلى دائرة التقاعد العامة من أجل تسلم راتبه، وكان يعاني كثيراً، إلّا أنّ اعتماد البطاقة المصرفية سهل آلية استلام راتبه، مؤكداً أنه يستبدل كرسيه المتحرك كل ثلاث سنوات، ويضطر إلى شرائه على نفقته الخاصة، علمأ أنه يجب أن يتوفر من قبل الدولة والسلطات الصحية. ويقول إنّ ما تؤمنه الدولة يصل إلى أشخاص محددين.
أما حسين علي ثابت (33 عاماً)، فكان قد تعرض لطلق ناري في ساقه اليسرى خلال الاحتجاجات الشعبية في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، الأمر الذي أدى إلى إصابته بشلل تام في ساقه. ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ الدوائر الصحية لم تتعامل معه بطريقة جيدة، وكثيراً ما تعرض للتنمر من الموظفين والملامة بسبب مشاركته في الاحتجاجات، وأنه المسؤول عما أصابه. يتابع أن الدوائر الصحية كانت تطلب نقله إلى المستشفيات من دون الاستعانة بسيارة إسعاف، وكان عليه تدبر الأمر.
ويشير ثابت إلى أنه يستخدم العكاز حالياً، ويعاني كثيراً خلال الدخول إلى الدوائر الحكومية والمطاعم والمراحيض العامة بسبب غياب الاهتمام بالأشخاص ذوي الاعاقة، موضحاً أن "معظم المراكز الصحية في العراق لا تضم أطباء متخصصين في علاج الأشخاص ذوي الإعاقة، عدا عن تراجع الخدمات الأساسية".
من جهتها، تقول الناشطة المدنية والحقوقية حنان قاسم إن "الوعي الحكومي لم يصل إلى حد الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة، كما أن الدوائر الحكومية لا تراعي أوضاعهم بسبب البيروقراطية وعدم تحديث الإجراءات والقوانين". وتوضح أن "قلة خبرة الأطباء تؤدي أحياناً إلى زيادة نسبة الأشخاص ذوي الاعاقة بسبب استسهال بتر الأطراف". وتتابع أنّ "الكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق يعانون من اضطرابات نفسية عدة، كالاكتئاب وغيرها، الأمر الذي يؤثر على صحتهم". وتؤكد: "خلال الفترة الأخيرة، أقدم البعض على الانتحار بسبب تهميشهم وصعوبة الحياة الأمر الذي جعلهم يشعرون باليأس".
إلى ذلك، يقول عضو البرلمان العراقي هادي السلامي إن "لجنة الصحة البرلمانية مسؤولة عن تشريع وإصدار القوانين الخاصة بتذليل المتاعب أمام الأشخاص ذوي الاعاقة، وهم جرحى الحرب والمتضررون من العمليات الإرهابية والمتظاهرين وغيرهم". ويؤكد أن "الخلافات السياسية أعمت الأحزاب والكتل البرلمانية عن تشريع قوانين واتخاذ إجراءات بحق هذه الشريحة. كما أنّ العقلية التقليدية وعدم الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة يظهران في تصميم الطرقات والأرصفة".
ويولي قانون رعاية ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة رقم 38 لسنة 2013 الأشخاص ذوي الإعاقة أهمية خاصة، إذ ينص على إشراكهم بصفة إداريين وبمستويات عالية في الهيئة التي تم تشكيلها ضمن القانون.