يدخل التصعيد بين "العدول" ( التوثيق العدلي) ووزارة العدل في المغرب منعطفا جديدا، بعد أن قرر المكتب التنفيذي لـ"الهيئة الوطنية للعدول" خوض إضراب جديد، هو الثاني من نوعه في أقل من أسبوعين، مع تنظيم وقفة احتجاجية أمام الوزارة الوصية على القطاع.
وأعلن المكتب التنفيذي للهيئة الوطنية للعدول عن خوض إضراب وطني في أنحاء البلاد بدءا من يوم غد الخميس ويستمر ليومين، مع تنظيم وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة العدل صباح الجمعة، وذلك احتجاجا على "التراكمات التي يعرفها القطاع، والهدر التشريعي الذي تمارسه وزارة العدل".
العدول: تصعيد غير مسبوق ضد وزارة العدل
وقال المكتب التنفيذي للهيئة، في بيان له، إن "هذا التصعيد غير المسبوق في تاريخ الهيئة جاء نتيجة لتراكمات وصفها البعض بالهدر التشريعي الذي تمارسه وزارة العدل"، موضحا أنه "منذ عام 2010، تمتلك الهيئة تاريخا من الحوار المفتوح مع وزارة العدل، بدءا من عهد وزير العدل السابق المصطفى الرميد، ولكن في كل ولاية، يتم خلق مشاكل وعراقيل متنوعة بهدف عرقلة مسار تعديل قانون مهنة توثيقية عريقة وأصيلة في تاريخ المغرب".
آيت الحو: وزارة العدل تراجعت عما تم الاتفاق عليه مع الهيئة الوطنية للعدول
ولفت إلى أن "السياق التاريخي الذي يعرفه المغرب والإصلاحات الدستورية التي جاء بها دستور 2011، وتحديدا الفصل 157 من دستور المملكة، وقانون 54.19 بمثابة ميثاق للمرافق العمومية والذي يعتبر إطارا مرجعيا لجميع القطاعات الحكومية، وقانون 55.19 المتعلق بتبسيط الاجراءات والمساطر الإدارية.. وتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة التي أشرف عليها عاهل البلاد، والقرار الملكي الذي سمح للمرأة بممارسة خطة العدالة واتخاذ التدابير اللازمة لذلك من طرف وزارة العدل، إلا أنه، وللأسف الشديد، ظل مشكل ملاءمة قانون المهنة مع دستور المملكة قائما بحدة أكبر".
وأضاف البيان أن "بعض توصيات إصلاح منظومة العدالة ظلت حبرا على ورق، وأبرزها التوصية 52 التي أوصت بمراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بودائع المتعاملين مع المهن القانونية والقضائية بما يضمن تحصينها".
وبناء على قرار الإضراب الذي اتخذه المكتب التنفيذي للهيئة، لن يتم خلال مدة 48 ساعة تحرير أية عقود زواج أو طلاق، ولا توثيق التوكيلات وعقود البيع ومختلف التصرفات العقارية والتجارية، فضلا عن بقية إجراءات الأحوال الشخصية والميراث.
ويأتي التصعيد الجديد بعد أيام عن خوض العدول لإضراب شامل عن العمل بدأ في 29 يناير/ كانون الثاني الماضي، واستمر لمدة أسبوع كامل، وذلك لمطالبة الحكومة بعدم التراجع عما نص عليه مشروع القانون المتعلق بمهنة " التوثيق العدلي"، والذي يقضي بمنحهم الحق في تلقي أموال عن توثيق عقود العقارات.
تعتبر مهنة "العدول" من أقدم المهن في المغرب، إذ يرتبط ظهورها بدخول الإسلام إلى البلاد
وقال رئيس المجلس الجهوي للعدول بالرباط والكاتب العام للهيئة الوطنية للعدول بالمغرب، يوسف آيت الحو، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، إن الإضراب الجديد هو رسالة إلى وزارة العدل، موضحا أن "وزارة العدل تراجعت عما جرى الاتفاق عليه مع الهيئة، وأن القانون الخاص بالعدول لم ير النور رغم بدء النقاش بشأنه مع الوزارة منذ أكثر من 13 سنة، وعلى تسييرها 5 وزراء، دون أن نخرج بنتيجة ودون أن تنصفنا".
وتابع: "نطالب بإنصافنا كباقي المهن القضائية والتوثيقية في زمن العصرنة والرقمنة. ورغم خوضنا لإضراب لمدة أسبوع ومراسلتنا لوزير العدل، إلا أن الوزارة لم تتجاوب إلى حد الساعة مع احتجاجات العدول ولم تستقبلنا ولم تدعنا إلى الحوار. ما دفعنا إلى الإعلان عن إضراب ليومين كخطوة أولى في انتظار الرد الذي سيتخذه اجتماع الجمعية العمومية التي تعتبر بمثابة "برلمان العدول"، يوم الأحد المقبل، وهو الرد الذي سيكون تصعيديا، لأن الأمر يتعلق ليس فقط بمطالب العدول، وإنما كذلك بمطالب مجتمعية".
وتعتبر مهنة "العدول" من أقدم المهن في المغرب، إذ يرتبط ظهورها بدخول الإسلام إلى البلاد، وتأسيس أول دولة إسلامية قبل أكثر من 12 قرنا. ويقوم العدول بكتابة جميع أنواع التصرفات العقارية والمدنية والتجارية، فضلا عن عقود الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وميراث.
ويضطلع بمهمة توثيق العقود في المغرب، صنفان من الموثقين؛ أولهما العدول، وهم الأقدم وجودا، وثانيهما الموثقون العصريون الذين يرجع ظهورهم إلى الحقبة الاستعمارية بعد أن تم إحداث مهنة التوثيق بمقتضى مرسوم صدر في 4 مايو/ أيار 1925.