في عالم اليوم، يعلم الناس أن تغيّر المناخ وتلوّث الهواء وإزالة الغابات تشكل مشاكل حقيقية يجب التعامل معها بجدية، لكن ما يحصل فعلياً أيضاً أن العالم يتعامل بجدية مع هذه القضايا، ويتقدم نحو حلها من خلال النمو الاقتصادي والابتكار التكنولوجي اللذين يجعلان كوكب الأرض مكاناً أنظف وأكثر أماناً للعيش.
ينقل موقع "بغ ثينك" عن وكالة حماية البيئة الأميركية أن انبعاثات الملوثات الستة الشائعة، وهي جسيمات بي إم 2.5 وبي إم 10، وثاني أكسيد الكبريت، وأكسيد النيتروجين، والمركبات العضوية المتطايرة، وثاني أكسيد الكربون، والرصاص انخفضت بنسبة 78 بالمائة بين عامي 1970 و2020.
ويلخص باحثون الوضع في العالم بالقول إن "الهواء في العديد من البلدان الغنية أنظف اليوم مقارنة بعقود سابقة، في حين تسير دول نامية نحو تطوير اقتصاداتها الذي سيعزز وسائل معالجتها تلوّث الهواء".
وفيما تتمثل إحدى أفضل طرق إخراج أي أمة من الفقر في زيادة إنتاجها الزراعي، تورد دراسة أجريت عام 2021 أن المحاصيل المحسّنة التي جرى تطويرها بين عامي 1965 و2010 زادت إنتاج الغذاء أكثر من 40 في المائة.
والواقع أنه في موازاة "الانفجار" في إنتاج الغذاء، اجتاز العالم ذروة إزالة الغابات من 150 مليون هكتار، وهي نصف مساحة الهند في ثمانينيات القرن العشرين، إلى 47 مليون هكتار في العقد الماضي.
وبالانتقال إلى تغيّر المناخ المرتبط بزيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العقود الأخيرة، يرى محللون أن توقعات الكارثة التي تتصدر غالباً عناوين الأخبار لا تتماشى مع الأدلة، وبينها أن البنية التحتية المحسّنة مثل تكييف الهواء منعت الكثير من الوفيات المرتبطة بالطقس. كما تراجعت الوفيات بسبب الكوارث الطبيعية، إذ كانت تقتل أكثر من مليون شخص سنوياً قبل قرن، في حين يتراوح عدد القتلى حالياً بين 10 آلاف و20 ألفاً.
واللافت أن أبحاثاً حديثة كشفت أن الوقود الأحفوري ولّد انبعاثات غازات دفيئة أقل بكثير مما توقعته نماذج مناخية شائعة. وكتبت صحيفة "نيويورك تايمز" في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي أن "انخفاض أسعار مصادر الطاقة المتجددة، والتعبئة السياسية العالمية وتوضيح مستقبل الطاقة، خفضت الاحترار المتوقع نحو النصف خلال خمس سنوات فقط".
ويعني ذلك بحسب الخبير الاقتصادي جوليان سيمون أن "البراعة البشرية تحقق نجاحات في تطوير حلول طويلة الأمد للمشاكل البيئية. وفي عالم مليء بالأخبار السيئة، هذه حقيقة تستحق الاحتفال".