اختارت الشابة الفلسطينية، شيرين المشهراوي، تعلّم الطهي من خلال الالتحاق بإحدى الدورات في قطاع غزة، لاكتساب أكبر قدر ممكن من المهارة والخبرة في إعداد وجبات الطعام، أملاً في افتتاح مشروعها الخاص مستقبلاً الذي يمكّنها من تحدي البطالة المنتشرة في المجتمع الغزّي.
وإلى جانب الدراسة الجامعية، تولي المشهراوي الطبخ اهتماماً كبيراً، فتنفّذ بعض الوصفات التي تعلمتها في المنزل أو تسعى إلى اكتساب المزيد من الخبرة في فنون الطهي من خلال التدريب الذي حصلت عليه، لا سيما الوجبات التي تحظى باهتمام كبير في الشارع الفلسطيني.
وتشهد الفترة الأخيرة زيادة ملحوظة في أعداد مراكز تعليم الطهي في غزة، وتنفيذ بعض المؤسسات مشاريع ودورات ممولة دولياً للسيدات والرجال لإكسابهم هذه المهارة، تزامناً مع إقبال واضح على تعلّم هذه الفنون وإتقانها بشكلٍ كبير.
وتقول المشهراوي لـ "العربي الجديد" إنّ اكتساب الفتيات والخريجات مهارة الطهي عامل إيجابي إلى جانب دراستهن الجامعية، وهو الأمر الذي يمكنهنّ مستقبلاً من افتتاح مشاريع خاصة بهنّ حال تعذر حصولهن على فرص عمل في السوق المحلي.
وتشير إلى أنّ قرار الالتحاق بدورة في مجال الطعام، كان نابعاً من حبها للمغامرة إلى جانب الشغف بمجال الطهي، والرغبة في اكتساب المزيد من المهارات والتوسّع بشكل أكبر في هذا المجال مستقبلاً، سواء نحو افتتاح مشروع خاص بها أو تنفيذ ما تعلمته من أسرتها.
وبحسب إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء، فإنّ معدل البطالة بين الشباب في غزة بلغ 67 بالمائة، في الوقت الذي يعتبر الشباب الخريجين الذين لديهم مؤهل علمي، دبلوم متوسط فأعلى، هم الأكثر معاناةً من البطالة إذ بلغت نسبة البطالة في صفوفهم 79 بالمائة.
أما الشابة، ميساء أبو طعيمة، فاتجهت هي الأخرى لاكتساب المزيد من مهارات الطهي من خلال الالتحاق بدورة تدريبية في هذا المجال تقودها نحو افتتاح مشروعها المستقل.
وتقول أبو طعيمة لـ "العربي الجديد"، إنّ "تعلم فنون الطهي أصبح أمراً منتشراً في الفترة الأخيرة، إلى جانب انتشار ظاهرة الترويج الإلكتروني بين السيدات والشابات. إذ هنّ يقمن بإعداد الطعام والحلوى والترويج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة".
وفي السياق، يؤكد الطاهي والمدرب السوري المقيم في غزة، وريف حميدو، إنّ السنوات الثلاث الأخيرة في غزة تشهد زيادة واضحة في أعداد مراكز تعليم الطهي وأعداد الملتحقين بتعلم مهارات وفنون إعداد الطعام، بموازاة اختلاف النظرة المجتمعية، التي كانت سائدة، تجاه الطهاة.
ويقول حميدو لـ "العربي الجديد" إنّ أحد أبرز أسباب الاتجاه من قبل السيدات والرجال إلى تعلم الطهي، هو إيجاد مهنة بديلة في ظلّ ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، والرغبة في تأسيس مشاريع خاصة بهم أو الالتحاق بالمطاعم العاملة في غزة.
والكثير من خرّيجي هذه الدورات والبرامج، اتجهوا نحو تأسيس مشاريع خاصة بهم وتسويق منتجاتهم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما انعكس بالإيجاب عليهم وساهم في تحسين ظروفهم المادية، وفق الشيف وريف.
أما الطاهية رولا القيشاوي، فشكّلت تجربتها في مجال فنون الطهي، دافعاً لها نحو تأسيس مركز تعليم متخصّص في مجال إعداد الطعام، عملت من خلاله على تدريب مئات الخريجين من الشبان والشابات خلال فترة لم تتجاوز عامين ونصفاً.
وتقول القيشاوي لـ "العربي الجديد" إنّ مركزها نجح خلال تلك الفترة في تخريج قرابة 800 إلى 900 خريج في مجال إعداد الطعام والطهي بشتى الأصناف والأنواع، وبمختلف الفئات العمرية سواء عبر تدريب الأطفال والفتية أو حتى الشابات والسيدات والرجال والشباب.