أعاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، إثارة أزمة ارتفاع نسب الطلاق في البلاد. وأخيراً، أصدر تقريراً أظهر هذا الارتفاع خلال العام الماضي 2019، مسجلاً 225929 حالة طلاق في مقابل 211554 عام 2018، أي بزيادة نسبتها 6.8 في المائة. أما عقود الزواج، فسجلت 927844 عقداً عام 2019، في مقابل 887315 عقداً عام 2018 بزيادة نسبتها 4.6 في المائة.
كذلك، أظهر التقرير أنّ أعلى نسبة طلاق سُجّلت لدى الفئة العمرية ما بين 30 و35 عاماً، بينما سجلت أقل نسبة طلاق لدى الفئة العمرية ما بين 18 و20 عاماً. وفي ما يتعلّق بالنساء، سجلت أعلى نسبة طلاق لدى الفئة العمرية ما بين 30 و35 عاماً، والنسبة الأقل لدى الفئة العمرية 65 عاماً فأكثر. كذلك سجّلت أعلى نسبة طلاق لدى الحاصلين على شهادة متوسطة، بينما سجّلت أقل نسبة طلاق لدى الحاصلين على درجة جامعية. وبلغ أعلى معدّل طلاق 4,9 في الألف في محافظة القاهرة، وأقل معدل طلاق واحد في الألف في محافظتي أسيوط والمنيا في صعيد مصر. وبلغ عدد أحكام الطلاق النهائية 11819 حكماً عام 2019، في مقابل 8542 حكماً عام 2018، بزيادة نسبتها 38.4 في المائة.
وسجّلت أعلى نسبة طلاق بسبب الخلع 10447 حالة، أي بنسبة 88.4 في المائة. كذلك، سجلت أقل نسبة طلاق بسبب تغيير الديانة ما نسبته 0.01 في المائة من جملة الأحكام النهائية.
حالة كل دقيقتين
هذه الأرقام تطرح علامات استفهام حول ارتفاع نسب الطلاق ومخاطره على المجتمع. ويقول خبراء إن مصر تواجه حالة طلاق كل دقيقتين ونصف دقيقة أو أقل. وخلال السنوات الأخيرة، ارتفعت نسبة الطلاق حتى أصبحت من بين أعلى دول العالم على هذا المستوى، ما دفع الخبراء إلى التحذير من خطورة ارتفاع نسب الطلاق بين الشباب، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية كان لها تأثير كبير في الحياة الاجتماعية. وتُعَدّ الأزمة الاقتصادية عاملاً أساسياً في ارتفاع نسب الطلاق والتفكك الأسري، إذ إن الفقر وضعف القدرة الشرائية في مقابل غلاء الأسعار يحاصران معظم الأسر، وخصوصاً محدودي الدخل.
من هنا، يُعدّ ارتفاع معدلات الفقر أحد أسباب الطلاق الرئيسية. وعادة ما تنشأ خلافات بين الزوجين حول المصاريف والديون والأقساط، فضلاً عن متطلبات الحياة الزوجية اليومية، وبدل إيجار الشقة، والتدخلات الأسرية الخطيرة. وبالتالي، تؤدي كل تلك الأسباب إلى الطلاق والخلع. من هنا، لا بد من الاهتمام بتحسين المستوى المعيشي للأفراد، والاستفادة من البرامج الإعلامية للتوعية، وإعداد برامج لتوجيه الشباب وتأهيلهم نفسياً من أجل الحفاظ على عائلة مترابطة.
أزمة اجتماعيّة
وتقول الأستاذة في علم الاجتماع عزة كريم إنّ الطلاق، خصوصاً بين المتزوجين حديثاً، يُعَدّ أزمة كبيرة في مصر، ويؤدي إلى أزمات نفسية واجتماعية. وتوضح أن المرأة تنخفض حظوظها في الزواج مجدداً بعد الطلاق، أو تكون مضطرة إلى قبول الزواج من شخص لديه ظروف صعبة لم تكن لتقبل بها لولا طلاقها. يضاف إلى ما سبق المشاكل الأخرى الناتجة من وجود أطفال، وأحياناً رفض الأم أو الأب تربيتهم. وبالتالي، قد يلجأ الأطفال إلى الشارع. وترى أن معظم أطفال الشوارع هم من زيجات فاشلة. كذلك فإن الطلاق يزيد من نسبة الجرائم في المجتمع، ويؤدي إلى مشاكل اجتماعية أخرى، كالانتحار أو الرغبة في الانتقام.
في الإطار نفسه، تقول أستاذة علم الاجتماع في جامعة "بنها" هالة منصور، إن مبادرات "مودة – لمّ الشمل – لا للطلاق" لم تؤدِّ إلى نتائج إيجابية بسبب كثرة المشاكل الزوجية وتشابكها، مؤكدة أن مؤشر الطلاق في المحافظات المصرية بات مقلقاً في ظل ارتفاع معدلاته، مقارنةً بالسنوات السابقة بشكل ملحوظ، وهو ما أكده الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مشددة على أن معظم حالات الطلاق في المحاكم الأسرية هي نتيجة مشاكل مادية واجتماعية، بالإضافة إلى تراجع دور الأسرة في التدخل والسعي إلى تحقيق الصلح بين الزوجين المتخاصمين.
توعية دينية
يرى رئيس اللجنة الرئيسية للفتوى فى الأزهر، الشيخ أحمد حجاج، أنه بات هناك استسهال للجوء إلى الطلاق، على الرغم من أن الله شرّعه إذا ما استحالت العشرة بين طرفين، مؤكداً على أهمية التوعية الدينية ونشر الثقافة الإسلامية في المساجد ومراكز الشباب والجامعات والندوات، وتكاتف كل أجهزة الدولة للعمل على الحد منها.