الطبيب المصري حسام عبد الحميد: القضاء على كورونا خلال أشهر

18 نوفمبر 2020
عبد الحميد واحد من المشاركين في إنجاز اللقاح (العربي الجديد)
+ الخط -

حاورت "العربي الجديد" الدكتور المصري حسام عبد الحميد، المشارك في إنتاج لقاح "بيونتيك" و"فايزر" ضدّ كورونا، فأكد أنّ الخطوة تمثل أملاً للبشرية بعد يأس وخوف، مبشراً بالقضاء على كورونا خلال أشهر

الدكتور حسام عبد الحميد، عالِم مصري وأستاذ مساعد بكلية الصيدلة في جامعة "الأزهر" في مصر، كما يشغل الآن منصب نائب رئيس وحدة البحث في شركة "بيونتيك" الألمانية التي تشاركت مع شركة "فايزر" الأميركية في إنتاج لقاح فعّال ضد فيروس كورونا الجديد، بحسب إعلان أخير عن الشركتين رحبت به السلطات الصحية في كثير من الدول والمنظمات، وهو الحدث الذي يشغل العالم من أقصاه إلى أقصاه، بسبب التأثيرات المميتة وتغيير وجه الحياة في مناحيها كافة التي تسبب بها كورونا.

يقول لـ"العربي الجديد"، إنّ مشروع البحث عن لقاح بدأ في فبراير/ شباط الماضي بعملية مسح لبعض أجزاء من المواد الوراثية المسؤولة عن تصنيع بعض بروتينات الفيروس "حتى نتمكن من تحديد البروتين الأمثل لتنشيط الجهاز المناعي لتحفيز الجسم بتكوين أجسام مضادة للفيروس، التي بدورها ستعادل أو تبطل فعل الفيروس في حال الإصابة". يتابع أنّ "مشروعاً كهذا يتولى مسؤوليته فريق كبير جداً، وكلما تقدم العمل في المشروع ازداد عدد الناس وفقاً للحاجة. وهذا الفريق كان مكوناً من عدد كبير من شركتنا (بيونتيك)، وكذلك من شركة فايزر".
أما عن اللقاح نفسه المعلن عنه وهل سيمثل علاجاً نهائياً لكورونا، فيقول: "نعم، وهذا طبعاً إذا لم يتحور الفيروس، فسيكون هذا العلاج الآمن والفعال بنسبة 90 في المائة بمثابة بداية للسيطرة على فيروس كورونا، وستكون العملية مسألة وقت فقط. ولا يجب أن ننسى أنّ القضاء على الفيروس يتطلب وصول اللقاح لنسبة كبيرة من السكان حول العالم، وهذا يتطلب وقتاً ومجهوداً جباراً ستبذله الشركتان لتقليص الوقت، ولإنتاج أكبر قدر ممكن من الجرعات في وقت قصير". 
حول شكل اللقاح وخصائصه، يقول: "هو إعطاء المريض جزءاً من المادة الوراثية مغلفة في مادة حاملة لها لتحافظ عليها وتوصلها كرسالة للخلية لتصنيع بروتين معين باعتباره جزءاً من الفيروس، وبحقنه في الإنسان تدخل هذه المادة الوراثية إلى الخلية، ثم تقوم الخلية بترجمة ذلك البروتين المرغوب في تصنيعه ليقوم بدوره بتنشيط الجهاز المناعي ليقوم بتصنيع أجسام مضادة للفيروس وتنشيط الخلايا التائية (مجموعة من الخلايا اللمفاوية الموجودة في الدم)، التي تقوم بدورها بالتخلص من الخلايا المصابة". يتابع: "استخدام اللقاح بسيط جداً، مثل معظم اللقاحات، إذ تحقن جرعة منه في العضل وبعد 3 أسابيع تحقن جرعة تنشيطية أخرى".
يعرج عبد الحميد على مسألة العمل المشترك بين "فايزر" والشركة التي يعمل بها (بيونتيك) لإنتاج اللقاح، فيقول: "هذا المشروع عملت به شركتنا وشركة فايزر بنسب متساوية، لأنّ هذا النوع من اللقاحات سيستخدم للمرة الأولى، فهو مختلف عن اللقاح التقليدي، وشركتنا من الشركات الرائدة في هذا المجال على مستوى العالم، وهذا كان الدافع لموافقة فايزر على الاتفاق معنا لتطويره". أما بالنسبة لأيّ حديث عن نسبة المشروع إلى شركة "فايزر" وحدها، فيقول: "لا أبداً، وأعتقد أنّ الإعلام الأوروبي وربما الأميركي أيضاً يذكر الشركتين، لكن لا بدّ من أن نضع في الاعتبار أنّ شركة فايزر شركة عريقة وكبيرة ولها خبرة كبيرة في التعامل مع مثل هذه الظروف مقارنة بشركتنا، على الرغم من أنّ هذا النوع من اللقاحات نحن الرواد فيه وليست فايزر، لكنّ فايزر تمتلك الخبرة في النقل والتوزيع والشؤون اللوجستية".
المشروع عمل فيه عدد كبير من العلماء من جنسيات مختلفة، وعلى رأسهم الرئيس التنفيذي لشركة "بيونتيك" أوغر شاهين، وزميلته وزوجته أوزلم توراجي. وفي هذا الإطار، يقول عبد الحميد: "في شركتنا فقط عمل في هذا المشروع أكثر من 1300 شخص، وكلما زاد الجهد نحتاج إلى المزيد ليعملوا في المشروع، فهناك أقسام كثيرة عملت وتعمل منذ البدء في البحث عن اللقاح. وبحكم تخصص الشركة، أولينا الأمر كلّ اهتمامنا؛ لأنّ البشرية كاد أن ينفرط عقدها، والحمد لله نجحنا، وخلال الأشهر المقبلة يكون وباء كورونا قد انتهى وأصبح مرضاً عادياً له علاج، فالمهم أن يتم إنتاج وتوزيع اللقاحات المطلوبة لتغطية احتياجات الدول كافة".

لا بدّ من التنويه بجهد عالم عربي مثل حسام عبد الحميد يخوض هذه المعركة الكبرى لإنقاذ البشرية، لكن ماذا يقول هو بالذات للشباب العرب؟ يجيب: "على الشباب الاهتمام بالتخصص الدقيق في العلم، فالعالم كله مفتوح الآن على بعضه، ويجب أن يجتهدوا في مجالات التخصص، وألّا يجعلوا بينهم وبين العالم المتقدم حججاً واهية، وكما أنّ الحضارة الغربية قامت على جهد علماء العرب والمسلمين في القرون الوسطى، فهم مطالبون باستعادة المجد العلمي لأنّه مفتاح النهضة". يضيف: "نحن على قناعة بحديث الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم: ما خلق الله من داء إلّا وجعل له دواء... وبينما أشير إلى أنّ عدداً كبيراً من العاملين في الشركة ينتمون للإسلام، وعلى رأسهم الرئيس التنفيذي للشركة وزوجته، فإنّ هذا لا يعني أنّ أحداً في الشركة ادخر جهداً لإنقاذ البشرية، ففي هذه الظروف كان الجميع يتعاون باهتمام وجدية بالغين، وكان الهدف الأول والأخير البحث عن لقاح لمكافحة وباء فتّاك حلّ بالبشرية جمعاء".

المساهمون