- **انتشار الظاهرة وتفاعل المجتمع**: انتشرت مقاطع فيديو للباعة بزي الضفدع على وسائل التواصل الاجتماعي، مما زاد من شعبية هذه الطريقة. انضم كبار السن والمتقاعدون أيضًا، رغم التحديات مثل الحرارة وملاحقة الشرطة.
- **الآراء المتباينة حول الظاهرة**: انقسم الشارع الصيني بين مؤيد يرى أنها تعكس العجز والإحباط بين الشباب، ومعارض يرى أنها تسبب إزعاجًا. الباحث دا بينغ مو أكد على الحاجة لتحسين حوكمة نماذج الأعمال الجديدة.
سيطرت الضفادع الخضراء على شوارع الصين خلال الأشهر الأخيرة، خصوصاً شوارع المدن الصناعية الكبرى مثل بكين وشنغهاي وشينزن، ولم يكن ذلك مشهداً من نهاية العالم أو غزواً للكائنات البرمائية، بل وسيلة استخدمها صغار الباعة الجوالين من أجل الالتفاف على القوانين المشددة، واستعطاف العامة كون الضفدع من بين الحيوانات المحببة للشعب الصيني.
ولجأ عدد من الباعة الشبان إلى ارتداء ثياب فضفاضة على هيئة ضفدع في محاولة للفت الانتباه، فضلاً عن إخفاء وجوههم لممارسة العمل من دون خجل، خصوصاً أن معظمهم من الطلبة أو الخريجين الذين ضاقت بهم السبل نظراً لعدم تمكنهم من إيجاد فرصة عمل.
وانتشرت مقاطع فيديو لأشخاص يستخدمون تلك الحيلة في جميع أنحاء البلاد عبر وسائل التواصل الاجتماعي الصينية، وكان بعضهم يرتدي زياً على هيئة ضفدع أخضر، أو يبيع البالونات الخضراء والضفادع الخضراء الصغيرة، وأثار مقطع فيديو يظهر ملاحقة أفراد من الشرطة في منطقة تشينغوان بمقاطعة قانسو (شمال غرب)، لأحد هؤلاء الشبان غضباً واسعاً، إذ كان عناصر الشرطة يأمرونه بخلع زي "الضفدع"، بينما يردد الشاب بحسرة: ما هو شعوركم عندما ترتدون ملابس مثل هذه كل يوم في هذه الأجواء الحارة؟
وبعد انتشار واسع لمقطع الفيديو، أصدرت الشرطة بياناً قالت فيه: إنه من غير القانوني بيع الأشياء في الأماكن العامة من دون تصريح، وإن البائع "الضفدع" كان مصدر إزعاج للمارة.
مع تداول مزيد من مقاطع الفيديو وصور الضفادع على وسائل التواصل الاجتماعي، اكتسبت هذه الطريقة في كسب الرزق شعبية كبيرة، خاصة بين الشباب، ما رفع الطلب على المنتجات المتعلقة بالضفادع على منصات البيع الإلكتروني، فوصلت قيمة ثوب الضفدع على منصة "تاوباو" التي تديرها شركة "علي بابا" إلى 200 يوان صيني (نحو 28 دولاراً)، بينما بلغت قيمة بالون الضفدع القابل للنفخ إلى 30 يوانا (4 دولارات).
ومع تزايد الإقبال على هذه المنتجات، كان لافتاً أن الشباب الساخطين ليسوا وحدهم من تخفّوا خلف قناع الضفدع، بل لجأ إلى تلك الحيلة أيضاً العديد من كبار السن ومن المتقاعدين الذين قرروا محاولة كسب لقمة عيشهم بنفس الطريقة.
يبلغ عمر لو ينغ 28 سنة، وهو أب لطفلين، ويعمل نهاراً في شركة لتوصيل الطرود بمنطقة لونغ خوا بمدينة شينزن، وفي الليل يرتدي ثياب الضفدع لبيع الضفادع المطاطية أمام أحد المجمعات التجارية الكبرى في المدينة. يقول في حديث مع "العربي الجديد": "زادت الأعباء المادية بعد ولادة طفلي الثاني، وشعرت أن وظيفة واحدة غير كافية لإعالة أسرة من أربعة أفراد، لذلك بدأت البحث عن وظيفة ثانية، وبعد مشاهدتي لعدد من الباعة المتخفين في ثياب الضفدع استهوتني الفكرة، وباشرت العمل في اليوم التالي".
ويوضح ينغ أن "الأمر لا يحتاج إلى أكثر من ثوب فضفاض، وصندوق صغير من المنتجات المحببة للأطفال. بمجرد النزول إلى الساحات العامة يلتف حولي الصغار، ويبدأ آباؤهم وأمهاتهم بالتقاط الصور لأطفالهم معي. لكون هذه المنتجات رخيصة تكون نسبة الشراء 100% 100، وعادة أكسب في الليلة الواحدة حوالي 350 يوان (ما يعادل 50 دولاراً)".
وحول أبرز التحديات التي يواجهها، يقول لو ينغ: "الأزمة الكبرى تتمثل في شدة الحرارة، فتلك الثياب الفضفاضة مصنوعة من طبقات سميكة من القطن، وفي بعض الأحيان بالكاد أستطيع التنفس، وخلال أسبوعين فقط خسرت أربعة كيلوغرامات من وزني. أيضاً هناك مشكلة في التعامل مع الشرطة، فالعمل ليس قانونياً، وهناك الكثير من عربات الباعة الجوالين في المنطقة، وأحياناً يتم مصادرتها لأنها لا تمتلك التراخيص اللازمة، لكن في حالتي يتم غض الطرف عني نظراً لاجتماع الأطفال من حولي، وكذلك بسبب التعليقات السلبية التي انتشرت على شبكات التواصل الصينية بعد تداول مقاطع لملاحقة شبان تخفوا خلف قناع الضفدع".
وانقسم الشارع الصيني بين مؤيد ومعارض للظاهرة التي انتشرت في عموم البلاد، وكتب أحد مستخدمي الإنترنت على حسابه في موقع "ويبو": "الحياة ليست سهلة، وهناك حاجة إلى مزيد من الفهم". وكتب مستخدم آخر: "في بعض الأحيان يزعج الباعة المتجولون السكان، حيث يستمرون في مطالبتك بالشراء، وآخرون يحرجونك أمام أطفالك فتضطر إلى شراء أشياء لست مقتنعاً بها". وكتب ثالث تعليقاً على مقطع فيديو لمطاردة الشرطة لـ "ضفدع" هارب: "لا يمكن للسلطات أن تغض الطرف عنك لمجرد أنك محبوب. هناك ضوابط وقوانين يجب احترامها".
وفي تعليقه على الظاهرة، يقول الباحث في المعهد الصيني للعلوم النفسية والاجتماعية، دا بينغ مو: "رغم أنها ظاهرة محببة لعامة الصينيين، فإنها تعكس بعداً آخر لحالة العجز والإحباط التي تسيطر على شباب الطبقة المتوسطة، فهناك افتقار للحافز، والعديد من الشباب ذوي الدخل المحدود فقدوا الشغف، لذلك لجأوا إلى هذه الطريقة للهروب من المجتمع خلف قناع الضفدع، ولو كشفنا النقاب عن وجوههم لوجدنا أن جلهم من حملة الشهادات الذين ضاقت بهم السبل في البحث عن وظيفة بعد التخرج".
يتابع: "لدينا عدد كبير من الخريجين (توقعت سجلات صينية رسمية أن يصل عدد خريجي الجامعات الجدد في جميع أنحاء البلاد خلال العام الجاري إلى نحو 11.8 مليون خريج)، ومن الصعب استيعاب جميع هؤلاء الشباب في سوق العمل، فضلاً عن المنافسة الشديدة. بالتالي هناك حاجة للبحث عن بدائل تخفف من الضغط على القوة العاملة، وإلى جانب العمل على تعزيز بيئة حضرية نابضة بالحياة، فإننا نحتاج أيضاً إلى ابتكار نهج تنظيمي لتحسين حوكمة نماذج الأعمال الجديدة، ورفع مستويات الخدمات بما لا يتعارض مع إمكانات الشباب ومؤهلاتهم".