استمع إلى الملخص
- توصي المنظمة بـ150 دقيقة تمارين معتدلة أو 75 دقيقة تمارين شديدة أسبوعيًا للبالغين، مع تسليط الضوء على فجوة الخمول بين الجنسين وضرورة تغيير السلوكيات وتحسين البيئة لتعزيز النشاط.
- الدراسة تبين أن نصف بلدان العالم حققت تقدمًا في خفض الخمول البدني خلال العقد الماضي، مع 22 دولة تسير نحو تحقيق الهدف العالمي لعام 2030، مؤكدةً على أهمية تعزيز السياسات وزيادة التمويل لمكافحة الخمول.
كشفت دراسة حديثة لمنظمة الصحة العالمية، نشرت اليوم الأربعاء، عن أن نحو ثلث البالغين في العالم يعانون من الخمول البدني، وهو رقم آخذ في الارتفاع، إذ لا يمارسون نشاطاً بدنياً كافياً، ما يهدد صحتهم البدنية والنفسية، وتفوق نسبة هؤلاء 50% في ست دول عربية.
وتعد الدراسة التي نشرتها مجلة "ذي لانسيت غلوبل هيلث" متضمنة تقديرات خبراء، وخصوصاً من منظمة الصحة العالمية، هي الأوسع حتى اليوم، مشيرة إلى أنه في عام 2022 لم يمارس 31.3% من البالغين، أي نحو 1.8 مليار شخص، أي نشاط بدني مطابق للتوصيات الصحية، أي بزيادة نحو خمس نقاط عما كان عليه هذا الرقم عام 2010.
الخمول البدني تهديد صامت للصحة
وفي حال استمر الاتجاه الحالي، سترتفع مستويات الخمول إلى 35% بحلول عام 2030، وفقاً للباحثين، ما يعني الابتعاد أكثر فأكثر عن الهدف العالمي المتمثل في الحد من الخمول البدني بنسبة 15% بحلول سنة 2030.
لتعزيز الصحة الجيدة، توصي منظمة الصحة العالمية البالغين بأداء 150 دقيقة على الأقل من التمارين البدنية المعتدلة خلال الأسبوع، كالمشي والسباحة وركوب الدراجات وغير ذلك، أو القيام بـ75 دقيقة على الأقل من التمارين البدنية الشديدة خلال الأسبوع، كالجري والرياضات الجماعية وغيرها، أو بمزيج متكافئ من الأنشطة المعتدلة والشديدة.
وقال مدير إدارة تعزيز الصحة في المنظمة الدكتور روديغر كريش، خلال مؤتمر صحافي، إن "الخمول البدني يمثل تهديداً صامتاً للصحة العالمية"، معرباً عن أسفه لكون "العالم لا يتحرك في الاتجاه الصحيح"، خلافاً لما كان يؤمل، مشيراً إلى أن الخمول يزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري من النوع الثاني، وبعض أنواع السرطان، كسرطانَي الثدي والقولون، والاضطرابات النفسية، داعياً إلى عدم الاكتفاء "بمشاهدة الأنشطة الرياضية من دون ممارسة أي نشاط بدني"، وأضاف "انهضوا وتحركوا".
متوسط الخمول البدني لدى النساء (33,8%) يفوق المعدّل لدى الرجال (28,7%)
ورأت رئيسة وحدة النشاط البدني في المنظمة الدكتورة فيونا بول أن هذه النتائج بمثابة "جرس إنذار"، موضحة أنّ لهذه الزيادة الكبيرة في الخمول في العالم "أسباباً متعددة"، من بينها اتساع استخدام وسائل النقل، وازدياد الوظائف المستقرة، والأنشطة الترفيهية القائمة على الشاشات.
وشرحت الدكتورة ليان رايلي، من قسم الأمراض غير المعدية في منظمة الصحة العالمية، أن قلة النشاط البدني لا تؤثر سلباً في الفرد فحسب، بل تمثل كذلك "عبئاً مالياً على الأنظمة الصحية".
ويخفي الارتفاع شبه العام في نمط الحياة الخامل في كل أنحاء العالم فوارق جغرافية واجتماعية سكانية، حيث احتلت منطقتا آسيا والمحيط الهادئ (48%) تليها جنوب آسيا (45%) رأس قائمة المناطق التي عانت من قلة النشاط البدني عام 2022، في حين سُجلت النسب الأدنى في أوقيانيا (14%) وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
22 دولة تسير على الطريق الصحيح لتحقيق الهدف العالمي المتمثل في خفض نسبة الخمول بحلول سنة 2030
ويعاني أكثر من 50% من البالغين في عشر دول هي الإمارات العربية المتحدة والكويت وكوبا ولبنان وكوريا الجنوبية وبنما وقطر والعراق والبرتغال والمملكة العربية السعودية من قلة الحركة. وفي المقابل، تقلّ النسبة عن 10% في 15 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والدول الغربية الغنية وأوقيانيا وجنوب آسيا.
وتعزز الدراسة اتجاهاً آخر وهو أن متوسط الخمول البدني لدى النساء (33,8%) يفوق المعدّل لدى الرجال (28,7%). وفي ثلث البلدان تقريباً، تتجاوز الفجوة بين النساء والرجال عشر نقاط مئوية. وفي أفغانستان وباكستان وكوبا وغويانا وإيران وجزر البهاماس تصل إلى 20 نقطة على الأقل. ويشكّل العمر أيضاً عاملاً في الخمول، إذ لوحظت زيادة كبيرة في معدله لدى من تجاوزوا الستّين.
ورأى الخبراء أن تعديل السلوك الفردي لا يكفي لتغيير هذا الواقع، بل ينبغي إحداث تغيير في المجتمعات وتوفير بيئات، وخصوصاً في المدن، أكثر ملاءمة للنشاط البدني (كالمشي وركوب الدراجات الهوائية وغير ذلك)، وجعل العمل أقل استقراراً. كما دعا المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، في بيان له، إلى "إعطاء الأولوية لتدابير جريئة، من بينها تعزيز السياسات وزيادة التمويل، لتغيير هذا الاتجاه المثير للقلق".
ورغم الصورة التي رسمتها هذه الدراسة، أشار باحثون إلى بعض علامات التحسن في مختلف أنحاء العالم، حيث لوحظ في هذا الإطار أن نحو نصف بلدان العالم حققت تقدماً في العقد الفائت، وأن 22 دولة تسير على الطريق الصحيح لتحقيق الهدف العالمي المتمثل في خفض نسبة الخمول بحلول سنة 2030، في حال واصلت تقدّمها بالوتيرة نفسها.
(فرانس برس)