"الشمول لكلّ طفل" في يومه العالمي

20 نوفمبر 2022
تُعَدّ أزمة المناخ من أبرز التهديدات التي تستهدف أطفال العالم اليوم (فرانس برس)
+ الخط -

لكلّ طفل.. الحبّ والحقوق والمساواة والحماية والتعليم والمستقبل والدمج والفرص والانتصارات والدمج والأهداف والبيئة الصحية والتغذية والصحة وكوكب صالح للعيش ومياه صالحة للشرب وعدالة مناخية. لا تنتهي القائمة وقد يُضاف إليها الأمان والرعاية.. إنّما قبل كل شيء تأتي الطفولة. فالأطفال في حاجة إلى عيش تلك المرحلة العمرية المنسوبة إليهم، غير أنّهم اليوم، أو على الأقلّ كثيرين منهم، يجدون أنفسهم وقد حُرموا منها لسبب أو لآخر، فيما تكثر الأسباب.

منذ بداية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، راحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) تطالب يومياً بحقّ من الحقوق لأطفال العالم تحت عنوان "الشمول لكلّ طفل". فهي كانت تتهيّأ ليوم الطفل العالمي الذي يحلّ هذا الأحد في العشرين من نوفمبر. وإذ شدّدت على الحقوق المرتبطة بالبيئة، لا سيّما أنّ مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (كوب 27) عُقد ما بين السادس والثامن عشر من هذا الشهر، فإنّها لم تنسَ حقوق الأطفال اللاجئين والنازحين وذوي الاحتياجات الخاصة وذوي الإعاقة والمهدّدين بفعل الصراعات العسكرية والأزمات وكذلك المهدّدين بفعل الأعراف المجتمعية والمحرومين من التعليم وغيرهم.

قبل 33 عاماً، تاريخ إقرار اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة، قطع قادة العالم وعداً بأن يحافظوا على سلامة الأطفال ويساعدوهم على التعلّم والتقيّد دائماً بحقّهم في التحدّث وإيصال أصواتهم. وبالنسبة إلى "يونيسف"، فإنّ اليوم العالمي للطفل هو "تذكير لنا للوفاء بوعد اتفاقية حقوق الطفل". وإذ تؤكد أنّ ثمّة فريقاً واحداً فقط عندما يتعلّق الأمر بحقوق الطفل، تدعو إلى النهوض من أجل "عالم أكثر مساواة وشمولاً للجميع ولكلّ طفل".

بعض التحديات

وبينما أحداث عدّة تطغى اليوم على اهتمام أهل المعمورة، محلية كانت أم عالمية، لا سيّما انطلاق كأس العالم "مونديال قطر 2022"، فإنّه لا بدّ من استذكار يوم الطفل. فلكلّ صغير الحقّ في الشعور بأنّه موضوع احتفاء، بغضّ النظر عن جنسه وإثنيته ودينه ووضعه الصحي والنفسي (الإعاقات والاحتياجات الخاصة) وأيّ وضع آخر، ولا بدّ من العمل لضمان حقّ كلّ طفل بـ"الشمول" وحمايته من كلّ أنواع التمييز.

ولأنّ الأطفال يُعَدّون من الفئات الأكثر هشاشة، فإّنهم يقعون ضحايا للأزمات باختلافها. وفي ما يتعلّق بأزمة تغيّر المناخ، تتعرّض حياة مليار طفل ومستقبلهم للخطر بمستوى عالٍ بسبب تفاقم حالة المناخ. لذا فإنّ ثمّة حاجة إلى الاستثمار أكثر في التكيّف مع تغيّر المناخ، يكون محوره الطفل، بحسب ما توضح "يونيسف". وبهدف حماية حاضر الأطفال ومستقبلهم، لا بدّ للبلدان من تقليص الانبعاثات الضارة، إذ يتحمّل الصغار الوطأة الأشدّ في كلّ أنحاء العالم، نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر والظواهر الجوية المتطرّفة وانعدام الأمن المائي والغذائي وانتشار الأمراض المعدية. ويُرفَع مطلب العدالة في مجال المناخ ليتمكّن الأطفال من النموّ في كوكب صحي وآمن ومستدام وقابل للعيش. فأزمة المناخ تعرّض صحتهم وتعليمهم والخدمات التي يعتمدون عليها للخطر.

ولعلّ النقص الكبير في المياه الذي يواجهه ملايين الأطفال والذي يُعَدّ أزمة بحدّ ذاته، يُعَدّ من أبرز تبعات أزمة المناخ المتصاعدة وكذلك الصراعات العسكرية وغيرهما. وبعيداً عن تغيّر المناخ، تتسبّب الصراعات في أزمات عدّة، من بينها اللجوء والنزوح.

وتشدّد "يونيسف" على أنّ الأطفال اللاجئين هم "أطفال أولاً"، وعلى أنّه يحقّ لكلّ طفل، بغضّ النظر عن "من أين أتى"، أن يسعى إلى الأمان والدعم والرعاية التي يحتاجها حتى يتمكّن من البقاء والنموّ. وتلفت إلى أنّها تعمل على حماية الأطفال اللاجئين ودمجهم وتمكينهم أينما وُجدوا، مشدّدة كذلك على حقّهم بالعيش حياة خالية من التمييز. وبالتالي تدعو إلى بذل الجهود من أجل بناء عالم منصف وقائم على المساواة لكلّ طفل.

ولأنّ التغذية الجيدة تساوي صحة جيدة، ولأنّ تغيّر المناخ والصراعات تتسبّب في أزمات غذاء، فإنّه لا بدّ من العمل لإتاحة وصول كلّ طفل إلى أغذية مغذّية وإلى النماء الصحي وإلى أن ينشأ سعيداً وقوياً.

كذلك، يُشدّد المعنيون الأمميون بشؤون الطفولة على وجوب العمل لبناء عالم "أكثر لطفاً وإنصافاً وشمولاً للجميع ولكلّ طفل ذي إعاقة أو غير ذي إعاقة". ويركّزون كذلك على أهميّة رعاية الصحة النفسية التي هي حقّ لكلّ طفل و"ليست من الكماليات" كما يصنّفها كثيرون للأسف.

وتحت عنوان "استثمروا في التعليم الجيد"، تشرح "يونيسف" أنّ لكلّ طفل الحقّ في الحصول على تعليم نوعي وشامل، وأنّ إرسال الطفل إلى المدرسة هو الخطوة الأولى في رحلة تعلّمه، داعية إلى تزويده بالموارد التي يحتاجها ليكتسب مهارات القراءة والحساب الأساسية، فهذا ما يحتاجه وما يستحّقه.

هذا بعض من أبرز ما حاولت "يونيسف" الإضاءة عليه عشية يوم الطفل العالمي وفي خلاله. لكنّ ثمّة أسئلة تطرح نفسها هنا، من بينها: إلى أيّ مدى قد يبقى كلّ ذلك مجرّد كلام ووعود؟ وهل يقع الأطفال ضحايا ذلك الكلام والوعود، إلى جانب كونهم ضحايا أزمات مختلفة باختلاف هوياتهم وبلدانهم وأوضاعهم الخاصة؟ وإلى أيّ درجة يُسجَّل حرص على وجودهم وحضورهم ومستقبلهم؟

النزاعات تغتال 580 طفلاً في المنطقة

وبمناسبة يوم الطفل العالمي، أصدرت منظمة "يونيسف" تقريراً حول العنف والنزاعات والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تكشف فيه أنّ حياة نحو 580 طفلاً سُلبت في هذه المنطقة منذ بداية عام 2022، وهو ما يساوي أكثر من 10 أطفال أسبوعياً، داعية إلى حماية الأطفال وحقوقهم في كلّ أنحاء المنطقة.

وتُبيّن المنظمة أنّ الأطفال في المنطقة يواجهون ارتفاعاً جديداً في أعمال العنف، ويعانون من الآثار المدمّرة للنزاعات التي طال أمدها، وكذلك العنف المجتمعي، والذخائر غير المنفجرة ومخلّفات الحرب، والاضطرابات السياسية والاجتماعية في عديد من الدول، بما في ذلك إيران والعراق وليبيا والسودان وسورية واليمن وفلسطين.

وتعبّر "يونيسف" عن جزعها لاستمرار الأطفال في دفع ثمن باهظ للعنف في النزاعات، مشدّدة على وجوب أن تلتزم الدول الأطراف في اتفاقية حقوق الطفل بحماية الصغار في حالات النزاع والعنف وضمان حقّهم في الحياة وحرية التعبير. وتوضح أنّ احترام حقّ الأطفال في الحماية من العنف لا بدّ من أن يُصان في كلّ الأوقات ومن قبل كلّ أطراف النزاعات.

تجدر الإشارة إلى أنّ اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل صارت أكثر معاهدات حقوق الإنسان المصادق عليها على نطاق واسع في التاريخ، فقد انضمّت إليها 196 دولة طرفاً على مدى 33 عاماً. ولأنّ اعتماد الاتفاقية كان في 20 نوفمبر 1989، يُحتفل بيوم الطفل العالمي في مثل هذا اليوم من كلّ عام.

المساهمون