الشمال السوري: بدائل التدفئة توقع ضحايا

01 يناير 2024
يبيع وسائل تدفئة (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

يلجأ بعض الأهالي في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرق سورية، إلى وسائل تدفئة بديلة عن مادة المازوت بسبب فقدانها أو رداءتها، مثل الحطب بالإضافة إلى مدافئ بدائية تعمل بالكهرباء، علماً أن أضرارها كبيرة. في 21 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، توفي أربعة أطفال من عائلة واحدة في مدينة منبج بريف حلب الشرقي الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية، بسبب نقص الأوكسجين في الغرفة التي كانوا ينامون فيها. ويقول مصدر في لجنة الصحة في المدينة فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد"، إنّ نقص الأوكسجين أدى إلى الوفاة بحسب تقرير الطبيب الشرعي في اللجنة، نتيجة استخدام المدفأة في غرفة محكمة الإغلاق. ويوضح أن والدة الأطفال في حالة حرجة، وتتلقى العلاج في غرفة العناية المشددة في مستشفى الأمل بمدينة منبج، وقد وصل الأطفال الأربعة علي ومحمد وآمال وجوري إلى المستشفى متوفين. وتتحدر عائلة الأطفال الضحايا من بلدة شيوخ تحتاني في ريف كوباني الغربي، وتقيم في حي السرب بمدينة منبج.
من جهته، يوضح الناشط الإعلامي محمد بكار لـ "العربي الجديد"، أن حادثة الوفاة هذه هي الأولى هذا العام في المدينة، مضيفاً: "يلجأ الناس إلى استخدام المدافئ التي تعمل بالكهرباء خلال توفرها بدلاً من تلك التي تحتاج إلى المازوت. في أحيان كثيرة، يلجأ السكان لوسائل بديلة غير آمنة".
ويشير الناشط مدين عليان خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى تسجيل حوادث عدة جراء استخدام الأهالي في مناطق شمال شرق سورية وقود التدفئة سيئ النوعية، وقد سجلت حوادث في مدينة عين العرب منتصف الشهر الجاري. يضيف: "مؤخراً، لجأ الأهالي في مناطق شرق الفرات إلى خلط مواد كيميائية مع الوقود السيئ، علماً أن هذه المواد قد تنفجر. وسجلت حادثة نجمت عنها وفاة طفلة جراء استخدام مدفأة حطب، مع الإشارة إلى أن العائلة تتحدر من مدينة عفرين في ريف حلب". ويوضح أن "وقود التدفئة المدعوم من قبل الإدارة الذاتية ليس مناسباً للاستخدام في المدافئ. لذلك، يستخدم الأهالي بدائل قد تسبب الحرائق وقد ينجم عنها وفيات".

ويبيّن عليان أن منطقة شمال شرق سورية معروفة بأنها منبع الثروات النفطية في سورية. مع ذلك، لا يحصل المواطنون على وقود بنوعية مناسبة للتدفئة على الرغم من المطالب التي تتكرر في كل عام من الأهالي لتحسين نوعية الوقود الموزع.
إلى ذلك، يقول أحمد خليل من سكان القامشلي لـ "العربي الجديد": "وُزّعت مادة مازوت التدفئة في بعض الأحياء، إلا أن الحي الذي أسكن فيه لم يحصل على المازوت حتى الآن، على الرغم من الطقس البارد. نضطر إلى شراء مادة المازوت من السوق الحرة، ولا نحصل إلا على كمية محدودة لا تسد الحاجة إلا لبضعة أيام في ظل الطقس البارد". يتابع: "نضطر إلى التنقل بين محطات الوقود للحصول على هذه الكمية المطلوبة بعد انتظار ساعات طويلة"، على الرغم من توفر هذه المادة ونقلها إلى المحافظات الأخرى. ويوضح: "نشكو القلة والحرمان. الوضع مأساوي جداً وخصوصاً للعائلات التي فيها أطفال. ويضطر البعض إلى إشعال المدفأة لبعض الوقت ثم إطفائها من أجل التوفير أو التدفئة من خلال الحطب".
أما إدريس علي من حي حلكو في القامشلي، فيقول لـ "العربي الجديد": "إجراءات الكومين ومجالس الأحياء تأخذ وقتاً. ويستغرق تجديد البطاقة للحصول على مازوت التدفئة قرابة الشهر ونصف الشهر. لم أحصل على هذه المادة بعد علماً أن فصل الشتاء يكاد أن ينتهي. البقاء من دون مادة المازوت أمر صعب جداً. وفي ظل وجود صغار، أضطر إلى شراء المازوت من السوق الحرة بأسعار عالية. من جهة أخرى، فإن الكمية التي توزع لا تكفي حتى العائلات الصغيرة في ظل الجو البارد وانقطاع الكهرباء. بالتالي، لا نستطيع الاعتماد على السخان الكهربائي نظراً لخطورته، ويتحول إلى عامل مساعد للتدفئة فقط. نعتمد على المازوت وخصوصاً في الشقق السكنية التي لا تصلها الشمس".

يضيف علي: "نضطر لإشعال المدفأة طوال الوقت، وخصوصاً في حال وجود أطفال صغار أو مسنين أو حتى في حالات المرض وغير ذلك. الكمية المقدمة من الوقود لا تكفي إطلاقاً، لذلك نشتري المازوت بأسعار باهظة ما يرهقنا، خصوصاً في هذه الظروف الراهنة وغلاء أسعار المواد بشكل عام".
نزار محمد من حي الهلالية في القامشلي، يقول لـ "العربي الجديد": "استلمنا مادة مازوت التدفئة على البطاقة منذ حوالى 10 أيام، لكن الكمية قليلة جداً ونوعيتها كانت مقبولة نوعاً ما. نطالب الجهات المعنية بتوزيع دفعة أخرى لأنها لا تسد حاجة أي عائلة مهما كانت صغيرة".
يشار إلى أن الإدارة الذاتية توزع كمية من الوقود على العائلات في مناطق شمال شرق سورية بكمية 300 لتر لكل عائلة، لقاء مبلغ 100 ألف ليرة سورية (7 دولارات)، لكن نوعية الوقود الموزع تكون سيئة ويكون في الغالب غير صالح للاستخدام.

المساهمون