بدأت الشرطة الجزائرية في الفترة الأخيرة، نشر اعترافات المجرمين على القنوات التلفزيونية، في خطوة تريدها ردعاً استباقياً للمجرمين، وهو إجراء كان محصوراً سابقاً بالقضايا ذات الصلة بالإرهاب والإرهابيين، قبل أن تقرر السلطات تعميمه في مجمل القضايا، بهدف إطلاع الرأي العام على طبيعة الجرائم والطرق التي يتبعها المجرمون، والتشهير بهم لردع غيرهم مستقبلاً. غير أنّ خطوة السلطة هذه تلاقي تحفظات من جهات حقوقية تؤكد أنّ ذلك ينتهك حقوق المتهمين.
ونشرت الشرطة، أمس الثلاثاء، تسجيلاً مصوراً لاعترافات شخصين متورطين في تجارة الأسلحة من الصنف الرابع (أسلحة حربية)، الموجهة لتحقيق مآرب عصابات إجرامية أو منظمات إرهابية بالجزائر، واستغلّت مصالح أمن ولاية تيزي وزو قرب العاصمة الجزائرية، معلومات وصورا لتفكيك الشبكة الإجرامية التي تتكوّن من أربعة أشخاص.
وصارت الشرطة تستفيد من الفيديوهات التي يصورها وينشرها ناشطون وهواة لعمليات السرقة، لكشف وملاحقة المجرمين وتحديد هوياتهم. وفي السياق، استغلّت مصالح الأمن شريط فيديو نشره هواة على مواقع التواصل الاجتماعي، لحادثة سرقة شابين لشاب في حيّ في العاصمة الجزائرية، لتحديد هوية السارقين ورقم السيارة التي كانت بحوزتهما. وتمّ التعرّف وإلقاء القبض عليهما، ونشرت السلطات الأمنية اعترافات لهما على القنوات التلفزيونية، أقرّا فيها بعدد من عمليات السرقة التي قاموا بها.
وقبل ذلك كانت الأجهزة الأمنية قد نشرت اعترافات للمتهمين في قضية الاحتيال على الطلبة للدراسة في الخارج، المثيرة للجدل، وعرضت إقرارات لعدد من المؤثّرين على إنستغرام المتهمين في القضية، ومدير الشركة الوهمية التي كانت تمارس الاحتيال على الطلبة، وهو ما احتجّ عليه بعض المحامين، حيث اعتبروا أنّ نشر الإقرارات على الرأي العام هو انتهاك لحق المتهمين واستباق للإدانة القضائية. ووصف المحامي والناشط الحقوقي، عبد الغني بادي، في تصريح لـ"العربي الجديد" الأمر بأنه مخالف لحق وقرينة البراءة التي يمنحها القانون للمتهمين، ومحاولة من السلطات لإدانة المشبته بهم قبل أن يدينهم القضاء، وكشف لسرية التحقيقات التي يفترض أن تبقى إلى حين المحاكمة.
لكن مواقف وآراء أخرى تعتبر أن التوجّه الأخير لمصالح الشرطة ببثّ إقرارات المشتبه بهم في قضايا إجرامية مختلفة، قد يكون نوعاً من أنواع التشهير الذي يستهدف خلق حالة من الردع لدى المنحرفين لمنعهم من ارتكاب الجرائم، خاصة أنهم سيجدون أنفسهم في هذه الحالة على شاشات التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بسبب الحرج الذي سيسببونه لعائلاتهم أيضاً. والمسألة لا تتوقف عند الحرج بالنسبة للعائلات، إذ إن التشهير بأبنائها من شأنه أن يلحق ضررًا بالغًا في حياتهم الاجتماعية والنفسية، وهو ما لم تراعه السلطات بإقدامها على هذه الخطوة.
وتكثّف الأجهزة الأمنية في الجزائر من جهود مكافحة الجريمة وتفكيك شبكات الإجرام وتهريب والاتجار بالمخدرات، عبر استغلالها إضافة إلى وسائل وتقنيات حديثة، الكاميرات المثبتة في الشوارع والطرقات، إذ تمكنت قبل أيام من تفكيك شبكة للاتجار بالمخدرات بعد معالجة صور لكاميرات الشوارع، حيث تم رصد عمليات بيع وشراء للمخدرات في حي في العاصمة الجزائرية. كما تستغل أجهزة الشرطة كاميرات الشارع في رصد ومتابعة حركة المرور، ورصد المخالفات والتهوّر الذي يقوم به بعض السائقين على الطرقات العامة.