تواجه السويد تحدّيات اختفاء آلاف طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم. وأعلنت استوكهولم، اليوم الإثنين، أنّ أكثر من 10 آلاف شخص اختفوا عن أنظار السلطات.
ومنذ أن وصل إلى السويد عام 2015 حوالي 163 ألفاً، حصل عشرات الآلاف على قرارات ترحيل إلى بلدان المنشأ. هذا إلى جانب آلاف آخرين ممن حضروا قبل موجات اللجوء بسنوات، ويقيمون بصفة غير قانونية.
الشرطة السويدية، التي تحيل إليها مصلحة الهجرة أرقام وهويات الموضوعين على قوائم الترحيل، تواجه صعوبة في الوصول إلى هؤلاء. وبحسب تقديرات مديرة شرطة الحدود في البلاد، كايسا فيلدين، فإنه لا يمكن استبعاد أن بعض هؤلاء ربما "انتقلوا سريعا عبر الحدود الأوروبية، ما يجعل تقدير رقم المغادرين وتتبّعهم صعبا". واعتبرت، في تصريحات للتلفزيون السويدي، أس في تي، اليوم، أن ذلك يعني "وجود أشخاص في مجتمعنا لا نعرف شيئا عنهم ولا أحد يسيطر (رسميا) على ذلك الوجود".
ويثير وجود الآلاف بصفة غير قانونية، وبدون حقوق، جدلا حول ظاهرة "مجتمع الظل"، كما يطلقون عليها محلياً، خصوصا لإمكانية استغلال هؤلاء الأشخاص في أعمال لا تتناسب مع قوانين البلاد، ومن بينها التوظيف بأجرة متدنية وسكن لا يليق صحيا وعائليا لبعض الأسر المختفية.
وتعاني استوكهولم نقصا في أعداد الشرطة، يقدر بنحو 10 آلاف شرطي، لمواجهة الكثير من المعضلات الاجتماعية والأمنية، مع الانتشار المتزايد للعنف في مدنها. حيث تشهد ضواحي العاصمة ومدن غوتيبورغ ومالمو (جنوب) عمليات إطلاق نار وقتل شبه يومي، في سياق تنافس عصابات الممنوعات. وزادت خلال الأشهر الأخيرة التفجيرات وجرائم القتل باستخدام السلاح الناري، وقُتل شرطي في الخريف الماضي على يد مراهق أثناء محاولة القبض على أحد أفراد العصابات.
وبحسب الأرقام الرسمية، فقد سلمت "مصلحة الهجرة" السويدية عن العام الماضي 2021، أكثر من 18 ألف شخص إلى الشرطة بقصد الترحيل، ومن بين هؤلاء اختفى أكثر من 10 آلاف.
وبمقارنة أرقام الشرطة نفسها بالأعوام الماضية، يمكن ملاحظة أن أعداد المبلغين بالترحيل زادت منذ 2017، ومع تلك العملية ازداد أعداد المختفين عن الأنظار. وسجل ذلك العام رفض أكثر من 17 ألف طلب إقامة واختفى أكثر من 12 ألفا، وهو ما ينطبق على العام التالي 2018، وشهد 2019 و2020 اختفاء نحو 11 ألفا عن كل عام. وتعاني الشرطة السويدية من مصاعب تجميع المرفوضين في معسكرات ترحيل، بسبب شحّ الموارد البشرية.
في المقابل، تفيد الأرقام الرسمية في السويد، وفي سياق برنامج الترحيل القسري ومشروع "العودة الطوعية"، حيث يقدم للمتعاونين على السفر النهائي إلى دولهم مبالغ مالية لمباشرة حياة كريمة في الوطن، فقد رحل عن السويد منذ 2014 نحو 90 ألفا ممن رفضت طلباتهم، ومن بينهم من جرى ترحيلهم قسرا.
مخاوف من استغلال ظروفهم
من جهته، يعبّر الصليب الأحمر السويدي عن قلقه من تزايد أرقام من يعيشون بدون أوراق. وتعتبر هذه المنظمة الإنسانية، التي يلجأ إليها المهاجرون بلا أوراق، أن اختفاء هؤلاء عن الأنظار "يعرّضهم وأسرهم لمخاطر كثيرة".
وشددت خبيرة الهجرة في الصليب الأحمر السويدي، ألكسندرا سيينستيدت، على ضرورة التواصل مع المختفين، لتقديم بعض الدعم، وليشعروا بأمان الترحيل إلى بلادهم الأصلية مع أسرهم.
وكان سجال "مجتمع الظل" اندلع مجددا بعد أن كُشف، قبل وقت قصير، عن عاملة نظافة تعمل بصفة غير قانونية في منزل رئيسة الوزراء السويدية، ماغدالينا أندرسون. وتبين أنها تعمل في شركة نظافة، رغم أنها بلا إقامة وعلى قوائم الترحيل إلى نيكاراغوا.
وتثير منظمات إنسانية وحقوقية في معظم دول إسكندنافيا ظواهر "مجتمعات الظل"، باعتبارها مجتمعات يجري فيها استغلال الناس للقيام بأعمال لا تتناسب مع قوانين سوق العمل وحقوق العاملين. وتفتش الشرطة عادة في بعض القطاعات، مثل المطاعم والفنادق وشركات التنظيف ومتاجر مهاجرين وشركات صغيرة، بحثا عن هؤلاء الذين يعيشون في ظروف صعبة من الاستغلال. ولكن غياب مجمعات إسكان المزمع ترحيلهم، ورفضهم التعاون للرحيل، يؤدي إلى الاختفاء، الذي يخشى الصليب الأحمر أنه يساهم في تسهيل استغلالهم.
حكومة استوكهولم تسعى من خلال التواصل المباشر مع حكومات دول المنشأ إلى تسريع استقبال المهاجرين السريين، رغم توقف التواصل مع أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي أواخر الصيف وانهيار الحكومة. ويضع ذلك أعباء جديدة على تنفيذ برنامج ترحيل آلاف الأفغان المرفوضين. وتشترط السويد، منذ نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، ربط المساعدات الخارجية باستعادة الحكومات مواطنيها.