السلطات المغربية تحارب الهجرة السرية شماليّ البلاد

12 سبتمبر 2024
قارب مهاجرين مغاربة في سبتة، 19 مايو 2021 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تشديد الإجراءات الأمنية واعتقالات المحرضين**: شنت السلطات المغربية حملة أمنية واسعة لمنع تدفق المهاجرين غير النظاميين نحو مدينة سبتة المحتلة، واعتقلت 60 شخصاً للاشتباه في فبركة ونشر أخبار زائفة تحرض على الهجرة غير النظامية.

- **ارتفاع محاولات الهجرة غير النظامية**: شهدت مدينتا سبتة ومليلية المحتلتين موجة كبيرة من محاولات الهجرة سباحة، حيث سُجِّلَت 1500 محاولة في يوم واحد، وارتفعت المحاولات بمعدل يفوق 300% خلال شهري مايو ويونيو.

- **تحديات وحلول مقترحة**: يرى الخبراء أن الاستباقية الأمنية ضرورية لكنها غير كافية، داعين إلى حلول جذرية تشمل الجوانب الاجتماعية والتنموية والاقتصادية والتربوية.

تشنّ السلطات المغربية حملة أمنية واسعة لمنع تدفق المهاجرين غير النظاميين نحو مدينة سبتة المحتلة، بعد أن انتشرت في الأيام الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، منشورات تحضّ الشباب والمراهقين على التسلل إلى المدينة يوم الأحد المقبل، سباحة وعبر اقتحام السياج الحدودي.

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، إنّ قوات الأمن المغربية شدّدت منذ أيام إجراءات المراقبة على مختلف السواحل الشمالية للمملكة، خصوصاً في منطقتي المضيق وبليونش، لمنع تدفق المهاجرين نحو مدينة سبتة المحتلة، فضلاً عن مباشرة عملية تعقب المحرضين على الهجرة السرية في مواقع التواصل الاجتماعي والتحقيق في الجهات التي تقف وراء ذلك.

من جهته، كشف رئيس "مرصد الشمال لحقوق الانسان" (مستقل) بالمغرب، محمد بن عيسى، في حديث مع "العربي الجديد "، مساء اليوم بعد قيامه بجولة استطلاعية في المنطقة، أنه على المستوى الميداني عززت السلطات المراقبة الأمنية وكثفتها في محيط مدينة سبتة المحتلة براً وبحراً، من خلال إضافة العديد من نقط المراقبة، كذلك أبعدت المئات من الشباب والمهاجرين غير النظاميين من المنطقة.

السلطات المغربية تعتقل محرّضين على الهجرة

ومن أجل إحباط محاولة الهجرة الجماعية من الفنيدق إلى سبتة سباحة، المرتقبة الأحد المقبل، شنت السلطات المغربية حملة واسعة من الاعتقالات في صفوف المحرضين على عمليات الهجرة الجماعية غير القانونية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي السياق، أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني، أمس الأربعاء، اعتقال 60 شخصاً، من بينهم قاصرين، خلال الفترة الممتدة ما بين 9 و 11 من الشهر الحالي، وذلك للاشتباه في تورطهم في فبركة ونشر أخبار زائفة على شبكات التواصل الاجتماعي تحرّض على تنظيم عمليات جماعية للهجرة غير النظامية.

وأدت عملية أمنية مماثلة نُفِّذَت بمدينة طنجة إلى توقيف 47 مشتبهاً فيه مباشرة بعد وصولهم إلى المدينة عبر محطة القطار والمحطة الطرقية، وذلك في محاولة منهم للاستجابة لشرائط الفيديو والمحتويات الرقمية التحريضية لتنفيذ عملية جماعية للهجرة غير النظامية.

ويأتي الاستنفار الأمني اللافت، بعد أن عاشت مدينتا سبتة ومليلية المحتلتين نهاية أغسطس/آب الماضي، موجة كبيرة من محاولات الهجرة سباحة، حيث سُجِّلَت 1500 محاولة من طريق البحر في يوم واحد، وهو رقم غير مسبوق، فيما وثّق مرصد شمال لحقوق الإنسان في المغرب، ارتفاع محاولات الهجرة غير النظامية بمعدل يفوق 300 في المائة خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين مقارنة بالشهرين السابقين. وأفاد المرصد الحقوقي في بيان سابق بأنه في الفترة المذكورة تمكن ما بين 1200 و1300 مهاجر غير نظامي، جلهم شباب من الفئة العمرية 15-24 سنة من الوصول إلى سبتة المحتلة، أغلبهم مغاربة. وذكر المرصد أن 90% من المهاجرين غير النظاميين تمكنوا من الوصول إلى مدينة سبتة عبر الحدود البحرية مع مدينة الفنيدق، فيما تمكن 5% منهم من الوصول إلى وجهته عبر حدود المدينة البحرية مع بليونش، ومثلهم عبر السياج الحدودي. 

ويلجأ العديد من الشباب والقُصّر والمهاجرين الأجانب الحالمين بالعيش في أوروبا إلى السباحة نحو مدينة سبتة في وسيلة للهجرة بالنظر إلى كونها غير مكلفة مادياً على عكس الهجرة عبر القوارب الخشبية أو ذات المحرك، التي تتطلب كلفة مادية باهظة لكل شخص.

إلى ذلك، اعتبر الخبير المغربي في شؤون الهجرة ورئيس "جمعية الريف لحقوق الإنسان"، شكيب الخياري، أن ما جرى من اعتقالات في صفوف مشتبه في كونهم داعين إلى الهجرة غير النظامية أو مشتبه في مشاركتهم في تنفيذها يؤكد أن الاستباقية الأمنية أداة أساسية في التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية، حيث تساعد في تقليل المخاطر وتحسين فعالية الإجراءات الأمنية. لكنه شدد على ضرورة أن تنفذ هذه الإجراءات ضمن إطار يحترم حقوق الإنسان وقرينة البراءة، لضمان عدم انتهاك حقوق الأفراد وتوفير الحماية القانونية اللازمة لهم. وأوضح في تصريح لـ"العربي الجديد "، أن العوامل الرئيسية التي تجعل سبتة هدفاً للهجرة غير النظامية هي سهولة الوصول إليها، سواء عبر البر أو البحر، بالإضافة إلى الوضع القانوني للمدينة باعتبارها منطقة خاضعة للقانون الإسباني، ما يجعلها عنصر جذب مستمر للمهاجرين، لافتاً إلى أن هذه العوامل تزيد من تحديات إدارة تدفق المهاجرين، ما يتطلب استراتيجيات شاملة للتعامل معها.

في المقابل، رأى رئيس "مرصد الشمال لحقوق الإنسان" أن المقاربة الأمنية عاجزة عن الحد من الظاهرة، مضيفاً: "مع الأسف السلطات لا تقوم بالبحث عن حلول جذرية لظاهرة الهجرة غير النظامية رغم الانتقادات التي وجهناها لها سابقاً وطلبناها بالبحث عن حلول اجتماعية وتنموية واقتصادية وتربوية. وتكتفي فقط بالمقاربة الأمنية من عمليات الإيقاف والإبعاد والمتابعات القضائية".

المساهمون