على الرغم من أن القوانين الدنماركية لا تمنع انتشار بيوت الدعارة، إلا أن تفاقم الاتجار بالبشر، واستقدام نساء من الخارج لتشغيلهن بالإكراه في تلك البيوت، يفتحان سجالاً حول ما تقوم به السلطات والشرطة لمنع الظاهرة المتفاقمة في البلاد، كما هو الحال في دول أوروبية أخرى.
وتنتقد تقارير أوروبية جهود الشرطة الدنماركية المتواضعة في ملاحقة مشغلي النساء في سوق الدعارة، وهو ما أشار إليه المجلس الأوروبي. وتحاول الدنمارك تشديد العقوبات لمنع تشغيل النساء المستقدمات من الخارج. وكان المجلس الأوروبي قد تحدث صراحة الأسبوع الماضي عن الحالة الدنماركية، من بين حالات أوروبية أخرى، متهماً الشرطة الدنماركية بأنها تجري القليل من التحقيقات، وما من إدانات تتعلق بالاتجار بالبشر".
ونقل التلفزيون الدنماركي عن السكرتيرة التنفيذية لاتفاقية المجلس الأوروبي لمكافحة الاتجار بالبشر بيتيا نيستوروفا، قولها إن الدنمارك متأخرة في الحد من الاتجار بالنساء، على غرار كل من النرويج وبلجيكا. ونوّه تقرير أوروبي بجهود النرويج وبلجيكا اللتين تلاحقان المزيد من المتاجرين بالبشر، وقد خصصتا المزيد من الموارد لمكافحة الاتجار بالبشر، داعياً بقية الدول، بمن فيها الدنمارك والسويد لعمل المزيد.
وتظهر الأرقام الصادرة عن مجلس أوروبا أن الإدانات بتهمة الاتجار بالبشر تتكرر في دول أوروبية أخرى مثل النرويج وبلجيكا.
وتُفيد التقارير الصحافية والحقوقية في كوبنهاغن بأن 80 في المائة من النساء المجبرات على العمل في بيوت الدعارة يستقدمن من تايلاند ونيجيريا. وعادة ما يتم خداع الضحايا من النساء وإيهامهن أنهن مسافرات للعمل في مراكز للتدليك، لكن تحجز جوازات سفرهن ويوقعن على عقود بعشرات آلاف الدولارات يتعين عليهن سدادها في مقابل تسفيرهن، ويصار إلى ربطهن بمشغلين رجال محليين.
وعادة ما توزع النساء على عيادات تدليك متخصصة، في وقت ينتهي الحال بأخريات في منازل متهالكة في قرى وأطراف المدن.
وتُفيد التقارير الأوروبية والحقوقية الدنماركية بأنّه على مدار 5 سنوات، لوحق 221 مشغلاً فقط، ولم يدن سوى شخص واحد بتهمة الاتجار بالبشر. وتصل عقوبة المشغل إلى السجن لمدة 10 سنوات. من جهة أخرى، فإن انخفاض الملاحقة القضائية أمام المحاكم الدنماركية هو ما تنتقده المنظمات الحقوقية المحلية والأوروبية، بالإضافة إلى غياب الموارد الكافية المخصصة للشرطة، التي تتعامل بقسوة ومن دون حماية مع المجبرات على مثل هذه الأعمال.
وتعمل منظمة "أميامي" غير الحكومية على إنقاذ النساء اللواتي أجبرن على السكن في بيوت دعارة ومراكز تدليك. ونقلت الصحافة المحلية عن المسؤولة في المنظمة إليزابيث بومان، قولها: "يصعب فهم عدم حل الشرطة الدنماركية المزيد من هذه القضايا". ونستغرب التحقيق في 50 قضية من دون أن يؤدي ذلك إلا إلى إدانة واحدة أو إثنتين، وهو ما يثير تساؤلات".
ويطالب أساتذة القانون في كوبنهاغن المشرعين بتشديد قانون العقوبات المتعلق بـ "سوق البغاء". ويُطالب البعض بمعاقبة الزبون (من يشتري الجنس) بالسجن على غرار تلك المنصوص عليها في حالات الاغتصاب والاتجار بالبشر.
السجال الدنماركي انعكس قلقاً في السويد، حيث تمنع القوانين بيوت الدعارة منعاً باتاً، وتعاقب من يدفع المال من أجل الجنس. وبحسب المركز الدنماركي لحقوق الإنسان، يحدد سنوياً 100 شخص في المتوسط على أنهم ضحايا اتجار بالبشر، بالإضافة إلى الاستعانة بتايلانديات ونيجيريات في مراكز التدليك.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن الاتجار بالأشخاص هو جريمة خطيرة وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان، يمس الآلاف من الرجال والنساء والأطفال ممن يقعون فريسة في أيدي المتاجرين سواء في بلدانهم أو خارجها. وتتيح اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها، مساعدة الدول في جهودها الرامية إلى تنفيذ بروتوكول منع الاتجار بالبشر ومعاقبة المتاجرين بالأشخاص.
وتعرّف المادة 3، الفقرة أ من بروتوكول الاتفاقية، الاتجار بالأشخاص بأشكاله المختلفة، والتي من ضمنها تجنيد الأشخاص أو نقلهم وتحويلهم أو إيواؤهم بدافع الاستغلال أو حجزهم للأشخاص عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو أي من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو الابتزاز أو إساءة استخدام السلطة أو استغلال مواقف الضعف أو إعطاء مبالغ مالية أو مزايا بدافع السيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الحد الأدنى من الاستغلال، استغلال الأشخاص في شبكات الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي أو العمالة المجانية والسخرة أو العمل كخدم أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالاسترقاق، أو استعباد الأشخاص بهدف الاستخدام الجسماني ونزع الأعضاء.