الدنمارك: فرصة للاجئين من دمشق وريفها

21 فبراير 2022
هاجس المهاجرين الحصول على الإقامة الدائمة (العربي الجديد)
+ الخط -

يعود السجال في الدنمارك حول اللاجئين السوريين الذين عانوا خلال العامين الماضيين من سياسة متشددة، اعتبرت منطقتي العاصمة السورية دمشق وريفها "آمنتين"، ما يعني إعادة النظر في وضع الآتين من هناك، ما خلق أجواء سلبية، خصوصاً مع الإصرار اليميني على ترحيلهم. لكن، هناك ضوء يساري في الأفق قد يوقف معاناتهم ويوفر لهم الإقامة الدائمة في الدنمارك.

وتقول مصادر برلمانية خاصة في كوبنهاغن لـ"العربي الجديد" إنّ رئيسة الحكومة الدنماركية ميتا فريدركسن، تجد نفسها اليوم تحت ضغوط كبيرة من قبل أحزاب في معسكرها، تطالب بتعديل جذري للقوانين الخاصة باللجوء "المؤقت". وفي تفاصيل ما يجري في أروقة المشرعين، فإنّ أحزاب يسار ويسار الوسط التي تشكل الغالبية البرلمانية لفريدركسن تريد التراجع عن قوانين اللجوء المشددة عام 2015. ووفقاً للمقترح، سيكون ممكناً للاجئين في الدنمارك الاحتفاظ بحقهم في البقاء "ما لم تحدث تغييرات أساسية ومستقرة ودائمة في وطنهم الأصلي"، ما يعني عملياً وضع حد للسجال الذي خلقته سياسات الدنمارك بشأن من يطلق عليهم صفة "لاجئين مؤقتين"، خصوصاً اللاجئين السوريين من منطقتي دمشق وريفها، اللتين اعتبرهما السياسيون والمجلس الدنماركي للاجئين من ضمن المناطق الآمنة التي يمكن إعادة السوريين إليهما. وحولت السياسات المتشددة التي أدخلت على قوانين الإقامة عام 2015 آلاف السوريين وغيرهم إلى صفة المقيمين مؤقتاً. وتسارَع خلال العامين الماضيين تحويل بضع عشرات من هؤلاء إلى "مراكز ترحيل"، من دون أن تتمكن الشرطة الدنماركية من ترحيلهم إلى دمشق، لأسباب تتعلق أساساً برفض التواصل مع النظام السوري، والجدال حول اعتبار سورية آمنة. وتعرضت الدنمارك لانتقادات حقوقية كثيرة، سواء من أوروبا أو الأمم المتحدة بسبب سياساتها المتشددة.
وفي ظل سعي الأحزاب لتعديل قانون اللجوء بعد الإجازة الشتوية هذا الأسبوع، فسيكون مفروضاً على حكومة يسار الوسط عدم المجازفة برفضه بدعم من اليمين ويمين الوسط، ما يهدد استمرار فريدركسن في الحكم. والمواقف الصارمة للحزبين الاشتراكيين "اللائحة الموحدة" (اليساري) و"الشعب الاشتراكي" ويسار الوسط ساهمت، منذ خريف العام الماضي، في وقف تدهور سحب الإقامات من السوريين والأفغان. وعانت الفئة الأخيرة من "خطأ" بحسب وصف اليسار، في تصنيف أفغانستان بالدولة الآمنة (ما قبل سيطرة طالبان عليها في أغسطس/آب الماضي، الأمر الذي أدى إلى تجميد تمديد إقاماتهم). 
وإذا ما أمّنت الأحزاب غالبية برلمانية لمقترحها فسيضع ذلك حداً لمعاناة أسر سورية وجدت نفسها على قوائم الترحيل، واضطرت أخرى إلى مغادرة البلد بعد 6 سنوات إقامة، للبدء مجدداً بحياة لجوء أخرى في دول جوار، خصوصاً ألمانيا وهولندا.  

اضطرت أسر وُضعت على قوائم الترحيل إلى اللجوء مجدداً إلى ألمانيا وهولندا
اضطرت أسر وُضعت على قوائم الترحيل للجوء مجدداً إلى ألمانيا وهولندا (العربي الجديد)

ويقف وزير الهجرة والاندماج في الدنمارك ماتياس تيسفاي، موقفاً متصلباً من تغيير القوانين، على الرغم من الاحتجاجات التي شهدتها مدن دنماركية والبرلمان صيف العام الماضي. ويصر على اعتبار اللاجئين السوريين، وتحديداً من دمشق وريفها، لاجئين بصفة مؤقتة. ويقول إن "اللاجئين السوريين الذين قدموا خلال الحرب الأهلية المأساوية في وطنهم يجب اعتبارهم مقيمين بصفة مؤقتة". ويعلل موقف بلاده المتشدد بالقول إن "المجتمع الدنماركي لا يستطيع تحمّل بقاء اللاجئين فيه إلى الأبد". 
في هذا السياق، يقول الباحث وأستاذ القانون في جامعة جنوب الدنمارك بيتر ستاروب إنّ "معظم اللاجئين القادمين إلى الدنمارك سيبقون في البلاد بصفة دائمة". ويوضح أنّ "ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين غير الغربيين، بعد الأتراك، يتوقع أن يحصلوا على إقامات دائمة". 

وللحصول على إقامة دائمة في الدنمارك، يجب العيش في البلد بصفة شرعية 8 سنوات وإجادة اللغة وعدم ارتكاب مخالفات قانونية وغيرها. ويتطلب الانتقال من إقامة مؤقتة إلى دائمة، بالنسبة للاجئ، أن يعمل خلال السنوات الثلاث والنصف من آخر أربع سنوات، وبراتب سنوي للعامين الأخيرين لا يقل عن 300 ألف كرونة، وأن ينجح في "امتحان المواطنة".  
ويصر تيسفاي على أنّ "حجر الزاوية في سياسة اللجوء التي تبنتها الحكومة هو في اعتبار القادمين مقيمين بصفة مؤقتة، وبالتالي فإنّ عدم نجاحنا في إعادة السوريين من اللاجئين بصفة مؤقتة إلى الوطن سيحولهم إلى مقيمين دائمين".

يتعين على كوبنهاغن مراجعة سياساتها حيال آلاف السوريين (العربي الجديد)
يتعين على كوبنهاغن مراجعة سياساتها حيال آلاف السوريين (العربي الجديد)

ومنذ عام 2018، سارعت حكومة يمين الوسط السابقة، وبدعم من حزب الشعب الدنماركي المتشدد، وباتفاق مع الحزب الحاكم حالياً (الحزب الاشتراكي الديمقراطي)، في فرض تحوّل جذري على تصاريح الإقامة. وانتهجت سياسة مفادها بأن "اللجوء ليس بهدف الدمج، بل بهدف التأهيل للعودة إلى الوطن الأصلي. وبناء عليه، دخلت الدنمارك منذ ذلك الوقت في سجال حقوقي مع المحاكم الأوروبية ومع مفوضية الأمم المتحدة للجوء وحقوق الإنسان". 

وربما سيتعين على كوبنهاغن مراجعة سياساتها التي تعتبر آلاف السوريين، بعد نحو ثماني سنوات من وجودهم في الدنمارك، مقيمين بصفة مؤقتة. ويتفق أستاذ سياسات الهجرة غاميلتوفت هانسن، مع الرأي القائل إنّ "الحرب الشرسة في سورية مستمرة، وما زال من غير الممكن إرسال اللاجئين من غالبية محافظات ذلك البلد، وبالتالي سيتعين إعادة النظر في وضع أكثر من 34 ألف سوري".

المساهمون