أصدر فريق "منسقو استجابة سورية"، اليوم السبت، تقييماً للأوضاع الإنسانية، شمالي غرب سورية.
ورصد التقرير حال النازحين في هذه المناطق ونسبة العائدين إلى كلّ من ريفي حلب وإدلب المحرّرين، مؤكداً أنّ الخروقات ما زالت مستمرة من جانب النظام وحليفه الروسي.
وأكّد الفريق أنّ الخروقات الموثّقة لاتفاق وقف إطلاق النار، بعد عام على توقيعه، بلغت 5453 خرقاً، معتبراً أنّ وقف إطلاق النار غير مستقرّ ومهدّد بشكل كبير.
كما وثّق الفريق مقتل 19 طفلاً و7 نساء و43 رجلاً و7 من العاملين في الشأن الإنساني، بينما استهدفت قوات النظام وروسيا مركزين للإيواء و 15 منشأة تعليمية و منشأتين طبيتين، و10 مراكز خدمية و11 داراً للعبادة و4 أسواق شعبية.
في المقابل، بلغ عدد النازحين خلال العمليات العسكرية قبل وقف إطلاق النار، نحو مليون و42 ألف شخص، وبلغ عدد النازحين من مناطق ريف إدلب 302751 نسمة، أما النازحون من ريف حلب، فبلغ عددهم 251890 نسمة، وبلغ المجموع الكلّي للعائدين 554605 نسمة، بنسبة 53.26 في المائة.
الاستجابة الإنسانية للنازحين في المنطقة كانت متوسطة. بلغت نسبتها في المخيمات المنتظمة 37.8%، وفي المخيمات العشوائية 23.4%، وفي القرى والبلدات التي تؤوي نازحين 39.5%، أمّا في القرى والبلدات التي تشهد عودة للنازحين فبلغت النسبة 19.3%. ونسب الفقر في المنطقة ازدادت بحوالي 1.8%، لتصل إلى معدل إجمالي 84.3%، في حين ارتفعت معدلات البطالة بنسبة 2.3% لتتفاقم إلى 81.8%.
وفي هذا السياق، قال محمد حلاج، مدير فريق "منسقو استجابة سورية"، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الخروقات ما زالت مستمرة بوتيرة كبيرة والاستهداف يختلف من منطقة إلى أخرى وبين الفترة والأخرى. والبارحة كان هناك شبه مجازر في قرية بزابور في ريف إدلب، وفي منطقة الحراقات بترحين، وسوق الفيول في منطقة الحمراء. نلاحظ أيضاً أنّ استهداف المنشآت والبنى التحتية ما زال مستمراً، خلال هذا الاتفاق، كما ما زال المدنيون يسقطون ضحايا". وأضاف: "53 في المائة من النازحين عادوا، والباقيون، لم يتمكنوا من العودة، حتى الآن، بسبب الخروقات. فضلاً عن سيطرة قوات النظام على مناطق استراتيجية، منها معرّة النعمان وسراق وريف حماة الشمالي".
وأضاف حلاج أنّ "الاستجابة الإنسانية ما زالت ضعيفة، على الرغم من ارتفاعها عن الأشهر الماضية. ونلاحظ أنّ الفجوة كبيرة ما بين الاحتياجات وبين التموين اللازم للعمليات الإنسانية. أما الخدمات المقدّمة للعائدين تحديداً، في ريف حلب وأريحا، فما زالت ضعيفة، ونؤكّد أنّ المتطلبات ضخمة، خاصة في المجال الطبي. تم تمديد اتفاق وقف إطلاق النار، قبل أيام، ونلاحظ أنّ نسبة الفقر بين الأهالي مرتفعة، إضافة إلى معدل البطالة، وهذا دليل على غياب أيّ تحسن اجتماعي أو معيشي".
ويرى الكثير من النازحين أنّ العودة إلى مناطقهم الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، والمليشيات التابعة لها، أمر مستحيل، فالكثير من المخاوف تحكم هذه العودة، لا سيما أنّ المسؤول عن تهجيرهم هو ذاته الذي يحكم قبضته على مناطقهم.
أحمد معرّاوي، الذي غادر ريف معرة النعمان مع عائلته أواخر عام 2019، قبل سيطرة قوات النظام على المنطقة، يعدّ أمر عودته مستحيلاً. وقال معراوي لـ"العربي الجديد": "العودة مستحيلة بالنسبة إليّ. أنا أقيم حالياً مع أهلي في منزل بالإيجار شمالي إدلب، الوضع هنا أفضل وأهون بكثير من أن نكون تحت قبضة قوات النظام ورحمتها، فالمجرم لا يمكن أن يكون رحيماً أبداً".
ومن العائدين إلى مناطقهم، في بلدة آفس بريف إدلب، بعد تهجير عنها دام نحو 6 أشهر، سارة العلي، التي توضح لـ "العربي الجديد" أنّ البلدة تفتقر إلى الخدمات وليس فيها مستوصف حتى، وهي تقطع مسافة طويلة للحصول على الخدمات الصحية.
وتسبّبت العمليات العسكرية التي نفذتها قوات النظام السوري في مناطق الريف الشمالي من محافظة حماة، والريف الجنوبي من محافظة إدلب، بموجة نزوح كبيرة خلال عام 2019. واستمرّت حركة النزوح حتى توقيع وقف إطلاق النار في 5 مارس/ آذار 2020. الأمر الذي أعطى متنفساً للأهالي والنازحين في مناطق شمال سورية للعودة للحياة.