الخدمات الطبية مهملة في مدينة دير الزور السورية

21 فبراير 2024
تبدو الأوضاع مزرية في المنشآت الطبية في دير الزور (فرانس برس)
+ الخط -

يشكو السوريون في دير الزور شرقي سورية من تردّي الخدمات التي يوفّرها القطاع الصحي في المنطقة، ومن سوء الخدمات الصحية في "مستشفى الأسد" الذي يديره النظام السوري، والذي يتعامل الكادر الطبي فيه معهم وفقاً لإمكانياتهم، فثمّة تمييز ما بين الفقراء والأغنياء.

المواطن السوري عبد المعطي أبو سليمان من المرضى الذين قصدوا هذا المستشفى في دير الزور أخيراً، فيحكي لـ"العربي الجديد" عن الوضع. بالنسبة إليه "من المؤسف أن نسمّيه مستشفى. فالأسبوع الماضي، قصدته في حالة طوارئ، ولم يكن في المستشفى الذين يدّعون أنّه متكامل سوى ممرّض وطبيب مقيم. ولم أحصل على الدواء اللازم إلا بعد انتظار طويل".

يضيف أبو سليمان أنّه صادف "رجلاً يعاني من اختناق، لكنّهم أبلغوه أن الدواء غير موجود". ويشير إلى أنّ "الممرض الذي كان مناوباً حينها هو الذي كان يبلغ الطبيب المناوب، الذي نشكّ في أنّه طبيب، بحالات المرضى وبالأدوية التي يحتاج إليها هؤلاء".

ويخبر أبو سليمان أنّه حاول التواصل مع عدد من الأطباء، "غير أنّ أياً منهم لم يتجاوب معي. فعندما تقصد الطبيب في العيادة يتجاوب معك، إذ إنّك تدفع له المال".

الصورة
في المستشفى الوطني في دير الزور 1 (العربي الجديد)
من الإهمال الفاضح في "مستشفى الأسد" في دير الزور (العربي الجديد)

من جهتها، تخبر مواطنة سورية اكتفت بالتعريف عن نفسها باسم ظبية "العربي الجديد" عن الإهمال في المستشفى. فالمرأة المقيمة في مدينة دير الزور هي زوجة أحد المرضى في هذه المنشاة الطبية، وتؤكد "رأيت الإهمال في المستشفى بأمّ عيني. الإهمال غير طبيعي، وأشعر بأنّه متعمّد".

تضيف ظبية: "احتجنا إلى أدوية في فترة وجودنا في المستشفى لعلاج زوجي، فأخبرونا أنّها موجودة لكنّه يتوجّب علينا دفع ثمنها. كذلك لا يوجد أطباء أو ممرّضين في المستشفى، والأسرّة فيه غير نظيفة، والنوافذ مفتوحة، ولا تتوفّر فيه تدفئة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ قسم العناية المركّزة مفتوح أمام الجميع، بالتالي في إمكان كلّ شخص الدخول إليه، فيما الأرض متّسخة جداً والمياه تتسرّب من الأرضيات".

في هذا الإطار، يقول الناشط السوري أحمد علاوي لـ"العربي الجديد" إنّ "مدينة دير الزور تعاني من تهميش من قبل النظام السوري. فالعلاج فيها يتحمّله السكان على نفقتهم الخاصة، والأدوية في معظم الأحيان غير متوفّرة، والأطباء غير موجودين في المستشفيات، وبالتالي يبقى الحمل على كاهل الممرّضين".

يضيف علاوي أنّه "لا يتوفّر حالياً أيّ اهتمام بالمستشفيات العامة في المدينة"، موضحاً أنّ "الفرقة الرابعة (إحدى فرق الجيش السوري التابع للنظام) أنشأت مستشفى خاصاً بشارع الوادي في حيّ الجورة، هو مستشفى الزين. كذلك ثمّة مستشفى خاص آخر تعود ملكيته إلى الحرس الثوري الإيراني ويستخدم في الواجهة أطباء سوريين. وبالتالي فإنّ الإهمال في المستشفيات العامة متعمّد من أجل دفع الناس إلى المستشفيات الخاصة في المدينة".

ويعاني "مستشفى الأسد" في دير الزور من إهمال كبير لجهة الخدمات والنظام والعناية بالمرضى. ويبيّن مصدر محلي مطّلع على شؤون المستشفى، طلب عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، أنّ "مستشفى الأسد كمنشأة طبية يتألّف من ثلاثة مستشفيات، هي المستشفى الوطني الذي يضمّ قسمَي الأمراض النسائية وطب الأطفال، ومستشفى الفرات مع أقسام أمراض القلب والأمراض الداخلية والأمراض الصدرية والتنفسية، علماً أنّ المستشفيَين يتبعان مديرية الصحة في دير الزور".

يضيف المصدر المحلي: "أمّا القسم الأساسي وهو هيئة مستشفى الأسد فيتبع لوزارة الصحة (في حكومة النظام) بصورة مباشرة، ولا يخضع للمديرية ولا يرتبط بها بأيّ شكل من الأشكال. والخدمات فيه شبه معدومة، فالطبيب المقيم يعاين المريض والممرّض يكتب الوصفة الطبية، التي تكون في الغالب دواءً مسكّناً للألم يتوجّب على المريض شراؤها من خارج المستشفى. وحتى في حال احتاج المريض إلى أدوية في خلال استشفائه، بما في ذلك السيروم (المحاليل الوريدية)، فإنّ عليه شراءه من خارج المستشفى".

ويلفت المصدر المحلي نفسه إلى أنّه "في حال وصل أحد المسؤولين في النظام إلى المستشفى، يُسجَّل استنفار فيه، فيُصار إلى إحضار الأطباء قسراً من منازلهم بسرعة قصوى. وعندما يكون المريض أحد الأغنياء، يخبر طبيبه بأنّه ذاهب إلى المستشفى فيلحق به مباشرة. لكن عندما يكون المريض من عامة الشعب وحالته المادية سيّئة، فيُصار إلى التعامل معه بإهمال".

الصورة
في المستشفى الوطني في دير الزور 2 (العربي الجديد)
المياه تتسرّب من الأرضيات في "مستشفى الأسد" في دير الزور (العربي الجديد)

ويؤكد المصدر المحلي أنّ "حال المنشآت الصحية التابعة للنظام السوري في دير الزور هي كما حال بقيّة دوائر النظام، إذ تُسجَّل فيها سرقات وغير ذلك". ويرى أنّ "من الأسباب التي تحول دون تطوير المستشفيات إنشاء أخرى، خاصة تعود ملكيّتها إلى جهات سياسية من تحت الطاولة وإلى أشخاص مدنيّين أمام القانون".

وكان موقع "هنا دير الزور" الإلكتروني قد نقل عن أحد المرضى الذين راجعوا المستشفى أنّ لا أطباء مناوبين ما بين منتصف الليل والساعة الثامنة صباحاً، فيما يديره ممرّض في هذه الأوقات. كذلك أشار الموقع إلى وفيات سُجّلت بسبب عجز الممرّضين عن التعامل مع حالات طوارئ وصلت إلى المستشفى في غياب الأطباء المناوبين فيما عبّر الأطباء المقيمون عن عدم قدرتهم على تشخيص الحالات.

تجدر الإشارة إلى أنّ قوات النظام السوري استعادت السيطرة الكاملة على مدينة دير الزور في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2017، علماً أنّ جزءاً من المدينة كان تحت سيطرة تنظيم داعش.

المساهمون