سيطرت حالة واسعة من الجدل على المصريين في أعقاب إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي إطلاق صندوق الأسرة الذي سيموّل من خلال مبالغ مالية يدفعها المقبلون على الزواج، على أن تدفع الحكومة حصة مماثلة لتلك التي ستجمع من المتزوجين الجدد.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي وحتى نقاشات المواطنين على المقاهي ووسائل المواصلات العامة، بعبارات السخرية من فكرة إنشاء الصندوق، ومحاولة الحكومة تحصيل رسوم لإنجاز الزيجات. وانتقد شبان كثيرون ما وصفوه بأنه "تحصيل لرسوم يشبه تلك التي تدفع للحصول على رخص لقيادة السيارات".
وظهر تياران داخل الحكومة المصرية تبنّى كل منهما وجهة نظر مختلفة في شأن الرسوم الخاصة بالصندوق الذي أعلنه الرئيس السيسي.
ووفقاً لمعلومات حصلت عليها "العربي الجديد"، رأى التيار الأول أنه يجب تحديد مبلغ محدد للمقبلين على الزواج، فيما أوضحت مصادر قضائية مطلعة على المشاورات الخاصة بالصندوق أن "التصور المبدئي للمبلغ المقترح يتراوح بين 1000 و4 آلاف جنيه (40 و160 دولاراً).
أما التيار الثاني فطالب بتحديد نسبة مئوية من قيمة مؤخر الصداق المدون في وثيقة الزواج الرسمية، على غرار الرسوم التي يحصل عليها المأذون الشرعي لتوثيق العقد.
وأوضحت مصادر قضائية أن التيار الثاني رأى أنه يمكن تحصيل مبالغ أكبر، خاصة من الفئات الأعلى دخلاً التي يدون أطرافها مبالغ كبيرة في عقود مؤخر الصداق. وأشارت إلى أن "تحديد مبلغ ثابت سيهدر تحصيل الصندوق مبالغ كبيرة، خاصة أنه يصعب تحديد مبلغ كبير موحد لكافة فئات المجتمع".
وحددت المصادر القضائية النسبة المئوية التي طرحها التيار الثاني بين 3 و5 في المائة من قيمة مؤخر الصداق المدون في عقد الزواج.
وتشير المصادر إلى أن "رأي التيار الثاني أكثر ترجيحاً، لكنه يواجه مخاوف ترتبط بإمكان أن يتلاعب المقبلون على الزواج بالرسوم عبر تدوين مبالغ أقل في العقود من أجل التهرب من المبلغ المستحق للصندوق، وإدراجه في وصل أمانة منفصل عن عقد الزواج، ويستحق في حالة الطلاق".
ولا بدّ من الإشارة إلى أن عقود قران كثيرة تفشل بسبب خلاف أهل العروسين على من سيسدد أجر المأذون، وكذلك بسبب خلافات تتعلق بأجر المأذون لتوثيق العقد، كما أن العريس يشترط أحياناً تدوين مبلغ قليل للغاية كمؤخر صداق كي لا يتحمل دفع مبلغ كبير للمأذون.
وكان الرئيس السيسي كشف، على هامش افتتاح مصنعي الغازات الطبية والصناعية ومحطة توليد الطاقة الثلاثية في مجمع الصناعات الكيميائية بمحافظة الجيزة مطلع الأسبوع الحالي، أن الدولة ستطرح صندوقاً لدعم الأسرة المصرية في الأوقات الحرجة، خاصة لدى نشوب خلافات بين الزوجين. ولفت إلى أن الصندوق سيموّل من الحكومة والمتزوجين معاً، محدداً قيمة مساهمة الحكومة بنفس تلك التي يدفعها المقبلون على الزواج.
وأوضح أن الصندوق يأتي في إطار سعي الدولة إلى حماية الأسر لدى حصول خلافات بين الطرفين في شأن من يتكفل بدفع نفقات الأبناء.
وشرحت المصادر القضائية لـ"العربي الجديد" أن "فكرة صندوق الأسرة المصرية اقترحها الرئيس السيسي شخصياً، وكلّف وزارة العدل بصياغتها وتحديد تفاصيلها، وهو يعتقد بأنها ستعيد ضبط عمليات الزواج وتحد من الطلاق، وتجعل الأشخاص الجديين الذين يملكون نفقات الزواج يقبلون عليه".
ووفقاً لهذه المصادر، أبدى الرئيس السيسي في أحاديث لم تنشر إعلامياً، استياءه من عمليات جمع التبرعات لتزويج شبان لا يملكون نفقات عقد القران، واعتبر أن هذا الأمر بمثابة جريمة ترتكب في حق الأولاد الذين تنتجهم هذه الزيجات، وكذلك جريمة في حق الدولة المصرية التي تلزم الإنفاق على هؤلاء الأطفال.
وكان وزير العدل المستشار عمر مروان رأى في تصريحات تلفزيونية أنه "في حال حدوث طلاق بين الزوجين يتدخل الصندوق لمنع اختلال أوضاع الأسر. وعلى سبيل المثال إذا تواجد أب غير ملتزم بدفع مصاريف المدارس، يسدد الصندوق مبالغ التعليم ويأخذها من الأب لاحقاً، لذا الأهم في فكرة الصندوق توفير التمويل الدائم، وتجنيبه العثرات".
وحول رؤية الحكومة لرسوم تمويل الصندوق التي سيدفعها المقبلون على الزواج، قال مروان إن "المبالغ التي سيدفعها المقبلون على الزواج ستكون زهيدة، ولا تشكل عائقاً على أي فئة مجتمعية، وسيحددها متخصصون لدى توثيق الزواج".
ولفت إلى أن "تبعية الصندوق لم تحسم بعد، لكن من المرجح تكليف وزارة التضامن الاجتماعي، بالأمر باعتبار أن الموضوع ضمن اختصاصها".