يمثل الازدحام المروري معضلة حقيقية بالنسبة إلى أهالي العاصمة العراقية بغداد، وهو أمر مستمر منذ سنوات، حتى بعد اتخاذ إجراءات ميدانية لفتح شوارع حيوية عدة ظلّت مغلقة منذ عام 2003 بسبب "دواعٍ أمنية".
ترتبط المعضلة بوجود أعداد مهولة من السيارات في بغداد، وتوافد آلاف السيارات عليها من محافظات أخرى يومياً، فضلاً عن سوء التخطيط، وافتتاح مجمعات تجارية ضخمة في مناطق وسط المدينة المزدحمة، إلى جانب تمركز معظم الدوائر الحكومية ومقار الوزارات في مناطق قلب العاصمة التجارية، ما يتسبب في ضغوط كبيرة على حياة المواطنين.
وأخيراً، أطلق رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ما وصفها بأنها "حزمة أولى لفك الاختناقات المرورية في بغداد عبر 16 مشروعاً تتعلق باستحداث طرق وجسور"، مؤكداً أهميتها في معالجة المشكلة باعتبارها "الأولى من نوعها في البلاد". وأكد السوداني أن حكومته "اتخذت إجراءات سريعة لفك الاختناقات، أبرزها فتح طرق كانت مغلقة لمدة سنوات، وإزالة عدد كبير من نقاط التفتيش الأمنية، وفتح شوارع في وسط المدينة، وداخل المنطقة الخضراء".
وأوضحت الحكومة العراقية في بيان، أن الشركات التي اتفقت معها لتنفيذ مشاريع معالجة مشاكل السير، هي شركة "ترانس تك" الهندسية، وشركة المجموعة السادسة للسكك الحديدية الصينية المحدودة، وشركة هندسة الدولة الصينية المحدودة، وشركة بناء المواصلات الصينية المحدودة الدولية، وشركة النهر الأصفر. وأشارت إلى أن تلك المشاريع ترتبط بإقرار الموازنة المالية للعام الحالي، فيما لم يتحدث البيان ولا رئيس الحكومة عن الملف الخاص بالزيادة الهائلة في أعداد السيارات، علماً أن مديرية المرور في بغداد أعلنت أن عدد السيارات في العاصمة يصل إلى 4 ملايين سيارة.
وأكدت مديرية المرور أن مشاريع "فك اختناقات بغداد" التي أطلقها السوداني ستساهم بشكل كبير في تخفيف الزخم المروري الذي تشهده العاصمة. وقال مديرها العميد زياد القيسي: "تضع مديرية المرور بالتنسيق مع مديريات الطرق والجسور والأشغال والبلديات والجهات المختصة في أمانة ومحافظة بغداد، خططاً سريعة لاحتواء أي كثافة من جراء أعمال الصيانة أو تنفيذ المشاريع في الشوارع أو الأزقة، تمهيداً لمعالجة اختناقات المرور في المناطق"، وأضاف: "تنظم المديرية حركة السير، وتعمل على تخفيف عبء الزخم المروري عن كاهل المواطنين، لكن هناك حاجة لالتزام المواطن بقواعد المرور العامة، وأي قطع لطريق في بغداد ممنوع، ونطالب بالإبلاغ عنه عبر منصات المديرية".
من جهته، وصف النائب هادي السلامي حزمة المشاريع التي أعلنتها حكومة السوداني بأنها "مهمة، لكنها لا تختلف عمّا أعلنته حكومات سابقة، وكلها ظلت حبراً على ورق". وقال لـ"العربي الجديد": "ترتبط المشاريع بالموازنة المالية الجديدة، وتحتاج إلى مخصصات كبيرة، ولا نعرف هل ستتدخل الأحزاب في تنفيذها والحصول على صفقات أم لا". ولفت إلى أنه "من أهم الإجراءات التي لا بدّ أن تتخذها الحكومة تنظيم استيراد السيارات، وهذا الأمر مسؤولية وزارة التخطيط التي يجب أن تتابع الملف، وتجمّد سياسة الاستيراد المفتوح، والحكومة ملزمة بتأسيس مشاريع بديلة مثل إنشاء قطارات داخلية في العاصمة، وتشييد طرق رابطة بين المدن".
وفي تعليقات متفرقة، اعتبر سكان في بغداد، تحدثت إليهم "العربي الجديد"، أن "قرارات الحكومة لن تطبق، لأن جهات سياسية ستمنع تطبيقها، إذ تعرقل بعض الأحزاب والفصائل المسلحة فتح شوارع كثيرة بحجة أنها تهدد مقارهم.
وفي العام الماضي، قررت حكومة مصطفى الكاظمي، إزالة عشرات من الحواجز الأمنية في بغداد. ورأى مسؤولون أمنيون حينها أنّ هذه الحواجز باتت غير مجدية، لا سيّما أنّها لم تمنع تكرار جرائم العنف.
وسبق ذلك رفع نحو 70 حاجزاً أمنياً في بغداد، وفتح المنطقة الخضراء أمام حركة السير، والتي تضمّ مبنى السفارتين الأميركية والبريطانية ومقار حكومية عراقية.
وتشهد كثير من شوارع المحافظات العراقية، خصوصاً العاصمة بغداد، زحاماً يومياً بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد السيارات، والتي يقابلها عدم توسيع شبكة الشوارع القديمة والمتهالكة، والتي لم تعد تستوعب تلك الأعداد من السيارات. وأكّدت وزارة التخطيط، في وقتٍ سابق، أنّ عدد سيارات القطاع الخاص المسجّلة في عموم العراق حتى نهاية عام 2021، بلغ 7 ملايين و460 ألف سيارة، ويشمل ذلك السيارات المسجلة في إقليم كردستان العراق.