الحقوقي المصري عمرو إمام.. ألف يوم من الحبس الاحتياطي ووعود بالإفراج

12 يوليو 2022
ما زال عمرو إمام محبوساً احتياطياً على ذمّة قضيتَين (تويتر)
+ الخط -

يُصادف اليوم 12 يوليو/تموز 2022 مرور ألف يوم منذ تاريخ توقيف عمرو إمام، المحامي الحقوقي المصري، من منزله في منطقة المعادي جنوبيّ القاهرة فجر 16 أكتوبر/تشرين الأول 2019. وهو مذّاك الحين في الحبس الاحتياطي، علماً أنّه ظهر في اليوم التالي في نيابة أمن الدولة العليا، على ذمّة القضية رقم 488 لعام 2019، وهي القضية ذاتها التي كان موكّلاً فيها عن عدد من المتّهمين، بتهم نشر أخبار كاذبة وسوء استخدام مواقع تواصل اجتماعي ومشاركة جماعة إرهابية بالعلم بنياتها.

وكان آخر ما كتبه عمرو إمام على صفحته الخاصة على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي قبل إغلاقه كلياً: "أنا بيتقبض عليّا من البيت". وقبل القبض عليه مباشرة، كان إمام قد أعلن دخوله في إضراب جزئي عن الطعام، اعتراضاً على الاعتقال والتعذيب اللذَين يتعرّض لهما أصدقاؤه، وخصوصاً الناشطة السياسية والصحافية إسراء عبد الفتاح، والناشط السياسي البارز علاء عبد الفتاح، والمحامي الحقوقي محمد الباقر. وقد قال حينها إنّه في حال عدم تحقيق المطالب سيصعّد احتجاجه من خلال إضراب كامل عن الطعام، ثمّ اعتصام مفتوح في أحد المقار القضائية مع إضرابه الكامل عن الطعام، وبعدها بالتصعيد وإعلان توقّفه عن تناول أيّ سوائل غير المياه، قبل الوصول إلى الإضراب الشامل والتوقّف عن تناول المياه.

وقد لخّص إمام مطالبه من هذا الإضراب التضامني في "فتح تحقيق وسماع أقوال علاء عبد الفتاح كمجني عليه في واقعة تعذيبه، ونقل محمد الباقر وعلاء عبد الفتاح من سجن شديد الحراسة 2، وفتح تحقيق في ما تعرّضت له إسراء عبد الفتاح من تعذيب وسماع أقوالها كمجني عليها، وفتح الزيارات في سجن شديد الحراسة 2 وتمكين جميع نزلاء السجن من كلّ حقوقهم كاملة، كما نصّت عليه لائحة مصلحة السجون". لكنّه وجد نفسه مداناً بتهم الذين طالب لهم بالحرية، وقد ضُمّ إليهم في القضية نفسها.

وفي 26 أغسطس/ آب 2020، خضع إمام للتحقيق وحُبس على ذمة قضية جديدة تحمل رقم 855 لعام 2020 بالتهم نفسها، من أجل بقائه أطول فترة ممكنة في الحبس الاحتياطي، من دون أحراز أو أدلة اتهام، لا شيء سوى تحريات قطاع الأمن الوطني في وزارة الداخلية المصرية، وذلك بادّعاء أنّه تواصل من داخل محبسه (الانفرادي) بسجن طرّة عنبر الزراعة مع عدد من العناصر الإرهابية ونقل تكليفاتها إلى عناصر أخرى في خارج السجن من خلال الزيارات الأسرية (الممنوعة) بموجب قرار وزير الداخلية الخاص بالتدابير الاحترازية لمواجهة وباء كورونا، وإمداده وتمويله تلك العناصر بهدف ارتكاب جرائم إرهابية.

في كلتا القضيتَين التي حُبس على ذمّتهما إمام الذي كان يعمل في الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قبل أن تنهي عملها تماماً، كانت شخصيات سياسية وحقوقية معروفة تشاركه التهم نفسها، وقد حصلت على حريّتها بعد مدد متفاوتة من الحبس الاحتياطي منذ عام أو أكثر، فيما كان المحامي الحقوقي يودّع الشخصية تلو الأخرى على أمل اللقاء في خارج الزنازين. 

وفي 24 إبريل/ نيسان 2022، أُعلنَت قائمة خاصة بإخلاء سبيل عدد من النشطاء السياسيين والصحافيين والحقوقيين، بعد إفطار الأسرة المصرية في حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي تحدّث آنذاك عن إعادة تشكيل لجنة العفو للنظر في ملفات المحبوسين السياسيين. وكان من ضمن قائمة إخلاء السبيل تلك عمرو إمام، لكنّه للأسف كان الوحيد الذي لم يخرج من بين كلّ الأشخاص المدرجة أسماؤهم في القائمة من دون معرفة الأسباب حتى الآن.

ومع كثرة الوعود بخروجه فى الأيام التالية والقوائم التالية، باتت أسرته تتلمّس الفرج في القوائم التالية، غير أنّ إخلاء سبيله لم يحصل. ويخبر شقيقه ياسر إمام: "طرقنا كلّ الأبواب القانونية والإنسانية وأبواب كلّ من يحاول التوسّط لحلّ أزمة المحبوسين السياسيين في مصر، خصوصاً من بين رموز القوى المدنية المعروف عنهم مبادئهم وأفكارهم المدنية السلمية. وقد خرج بالفعل العشرات بناءً على تلك الجهود واستعادت أسرهم الهدوء والأمان. لكنّ ثمّة مئات ما زالوا يقبعون في السجون، على الرغم من انتهاء مدد الحبس الاحتياطي القانونية وعلى الرغم من الجهود المعلنة لحلّ الأزمة".

ويتابع ياسر إمام: "طرقنا باب النائب العام، والمجلس القومي لحقوق الإنسان متمثلاً برئيسة المجلس مشيرة خطاب، وطرقنا أبواب أعضاء لجنة العفو الرئاسي، ومن قبلهم أعضاء مجموعة الحوار الدولي، وطرقنا باب أعضاء مجلس النواب، وخصوصاً من يعرف عمرو منهم بشكل شخصي. وطرقنا باب كلّ من يتوسّط لحلّ الأزمة أو يسعى لإنهاء ملف المحبوسين السياسيين وسنظلّ نطرق الأبواب كلها. وسنظلّ نحمل أملاً في عقول وقلوب واعية تحاول إنهاء الظلم من المسؤولين المصريين. وقبل كلّ الأبواب، سنظلّ متعلقين في باب الله، آخذين بالأسباب كلها ومتوكلين عليه وحده لإنهاء تلك الكارثة التي حلّت على أسرتنا وعلى عمرو منذ 1000 يوم... حتى إخلاء سبيل المحامي عمرو إمام".

وعمرو إمام واحد من ضمن فريق المحامين الحقوقيين في مصر الذين ساهموا في السنوات الماضية في إيصال كلّ المعلومات الممكنة المتعلقة بالمعتقلين السياسيين في السجون المصرية، باختلاف انتماءاتهم السياسية والفكرية، إلى الرأي العام. وقد برز دورهم الحقوقي والقانوني بشكل إنساني كبير في دفاعهم عن أكثر من ثلاثة آلاف معتقل على خلفية احتجاجات سبتمبر/ أيلول 2019.

المساهمون