الحرّ يُرهق الغزيّين المصابين

31 يوليو 2021
يعجزون عن البقاء داخل المنزل (محمد الحجار)
+ الخط -

مع ارتفاع درجات الحرارة، وعدم قدرة عائلات كثيرة على شراء وسائل التهوية والتبريد، تتحول العديد من منازل الغزيين إلى ما يشبه الأفران. ويقضي العديد من المرضى والمصابين من جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع ومسيرات العودة، جلّ وقتهم في البيت، ما يضاعف معاناتهم.
وارتفعت أسعار المراوح الكهربائية مع اشتداد الحصار وإغلاق المعابر الذي استمر بعد العدوان الإسرائيلي الأخير. ويُصبح الأمر أكثر صعوبة للذين يعيشون في مخيمات أو في بيوت سقفها من الاسبست (معدن يستخدم في مجال البناء وتسقيف المنازل والعوازل الداخلية والخارجية وأنابيب صرف المياه والأدخنة والتهوية) بسبب عدم عزلها الحرارة. 
أُصيب أحمد أبو العطا (31 عاماً) خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، بشظايا صاروخ استهدف منزلاً في حيّ الشجاعية شرقيّ مدينة غزة. واليوم، يعاني من آلام حادة في ظهره. وتزداد معاناته في الوقت الحالي مع اشتداد درجات الحرارة، إذ تزيد من آلام ظهره، وخصوصاً أن بعض الشظايا ما زالت عالقة في جسده، وقد فضّل الطبيب تجنّب إجراء عملية جراحية له، لكون الشظايا قريبة من العمود الفقري، ما قد يسبب له إعاقة جسدية. ويعيش أبو العطا ظروفاً اقتصادية صعبة، ولا يملك ثمن مروحة كهربائية، ما يدفعه إلى الجلوس خارج المنزل.

ويقول أبو العطا لـ"العربي الجديد": "عشنا أوقاتاً صعبة كثيرة خلال العدوان الأخير على القطاع. لكن على الرغم من أنّ المستشفى كان مليئاً بالمصابين، فيما الظروف الصحية كانت صعبة في ظلّ تفشي فيروس كورونا، يبقى المستشفى أفضل من المنزل. على الأقل، تتوافر أجهزة التكييف. أما المنزل، فالتيار الكهربائي غير متوافر فيه. كذلك فإنّني لا أملك المال لشراء مروحة كهربائية، وأكتفي بتلك المعلّقة في السقف".

وأُصيب خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع أكثر من 8050 شخصاً، منهم 1900 أصيبوا بجروح بالغة، وقد صنّفت 90 منها شديدة الخطورة. ومن بين المصابين 560 طفلاً و380 امرأة و91 مُسناً، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وواجه البعض صعوبات كبيرة من جرّاء نقص الأدوية على مدار شهرين بعد العدوان بسبب إغلاق المعابر. وتفاقمت مع اشتداد الحرارة، كحال نادر حمادة (28 عاماً) وشقيقه إبراهيم حمادة (25 عاماً). أُصيب الشقيقان خلال القصف الإسرائيلي الذي استهدف عائلة أبو حطب في مخيّم الشاطئ، وتعرّض نادر لكسر في ساقه اليمنى، الأمر الذي اضطره إلى تجبيرها حتى يتمكن من العودة إلى المشي بعد نحو خمسة أشهر. إبراهيم أيضاً أُصيب في ساقه اليسرى، وقد تشوهت، ويعيشان في منزل سطحه اسبستي وجدرانه متصدعة. ويقول نادر لـ "العربي الجديد": "بسبب الأسياخ، أشعر بوجود كتلة نار في عظامي. أحتاج إلى التكييف على مدار الساعة، كما أخبرني الطبيب، لكن في غزة نواجه انقطاعاً في التيار الكهربائي، فضلاً عن عدم قدرتي على شراء جهاز تكييف أو مروحة".

ارتفاع درجات الحرارة في غزة (محمد الحجار)
(محمد الحجار)

يضيف أنّ كثيرين في المخيم يضعون فراشهم أمام الأبواب لينعموا ببعض النسمات، "وهذا حالي للحدّ من الألم". بدوره، يقول شقيقه إبراهيم إنّه يشعر بأنّ ناراً تشتعل في قدمه بسبب الأسياخ. كذلك فإنّ الرغبة في حكّ قدمه يجعلها تلتهب في أحيان كثيرة. ويتكرّر هذا معه في المساءات ويعجز عن النوم. يقول: "أحاول الحصول على مسكنات ومضادات حيوية، لأنّ الكثير من الأدوية لا تتوافر في المستشفيات، حتى إنّ مفعول المسكنات المتوافرة لا يفي بالغرض".

ارتفاع درجات الحرارة في غزة (محمد الحجار)
(محمد الحجار)

في وضح النهار، لا يكاد أحد من سكّان مخيم الشاطئ، غربيّ مدينة غزة، يغلق باب منزله علّهم ينعمون بنسمات قليلة بدلاً من البقاء داخل منازلهم، خصوصاً المنازل الاسبستية المطلة على شاطئ البحر في الجزء الجنوبي للمخيم. ويشكو كثيرون واقع منازلهم المتردي، حتى إنّ المراوح لا تجدي نفعاً في ظلّ ارتفاع درجتي الحرارة والرطوبة.

ارتفاع درجات الحرارة في غزة (محمد الحجار)
(محمد الحجار)

تقول فتحية عثمان (60 عاماً) لـ"العربي الجديد" إنّ ارتفاع درجات الحرارة يشعرها بالضيق، خصوصاً أنّها مريضة بالسكري والضغط. وتشير إلى أنّ الاكتظاظ داخل المخيم يرتفع عاماً بعد عام، وتزيد نسبة البناء، ما يجعل المخيم أشبه بعلبة، ليعاني الأهالي في فصل الشتاء والصيف على حدّ سواء. وتقول عثمان لـ"العربي الجديد": "نحصل على مياه ملوثة، وتتداخل مياه البحر مع المياه الجوفية، وهذا معروف لدى المنظمات الدولية حتى. وفي محاولة للتخفيف من الحرّ، نغسل وجوهنا بمياه شديدة الملوحة، ما يؤثر في البشرة، وقد توجهت إلى عيادة الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) لعلاج بشرتي. نعاني شتاءً وصيفاً، حتى من المياه التي نغتسل بها".  

ارتفاع درجات الحرارة في غزة (محمد الحجار)
(محمد الحجار)
المساهمون