في غزة، لا يختلف كثيراً نظام "الاستقطاب" السلفي عن غيره في التنظيمات السياسية وأجنحتها العسكرية الأخرى.
يبدأ بالدعوة إلى المسجد لحضور ندوة ما، تتخللها مسابقة تمنح الفائزين فيها بعض الجوائز. فحوى المسابقة عموماً يتركز في الاستدلال على بعض الآيات القرآنية أو الرسل والتاريخ الإسلامي، كما حفظ الأحاديث الشريفة والإلمام في الفقه الإسلامي.
هذه الحركة التي باتت تمارس تحركاتها ونشاطاتها وتؤرق أجهزة الأمن التابعة لحماس في غزة. فقامت الأخيرة بملاحقة أعضائها واعتقالهم كما أنها هدمت مسجداً لهم في دير البلح وسط قطاع غزة.
يقول "أبو المجد" الذي فضل عدم الكشف عن اسمه الحقيقي، إن الحركة السلفية في غزة بدأت تدريجياً بالاهتمام بالأطفال كونهم صغاراً، وهنا تكمن ضرورة غرس التعاليم والمبادئ الدينية بهم بعيداً عن أنظمة الحكم السياسية "العلمانية" في تطبيق عملها، وإن كانوا يتظاهرون بغير ذلك فهذا الواضح لنا.
بدوره يعقب "أبو حذيفة": "المساجد هي دور عبادة ونحن إن تواجدنا في واحد منها، فنحن نجتمع على سبيل التقرب إلى الله وتطبيق سنة نبيه بعيداً عن ما يحدث في المساجد الأخرى التي تعج بالفتن والكذب والنفاق ممن يتولاها كالتنظيمات السياسية".
وعن الأطفال يتابع: "حريصون كل الحرص على تعليمهم القرآن الكريم ولغته، حيث إن الحديث بالعامية يكاد ينعدم حتى بيني وبين أهلي في البيت. فتجد صغارنا أصبحوا يتقنون اللغة بل ويتغنون بها وهذا ما يدفع الكثيرين إلى السعي للالتحاق بندواتنا وخطبنا الدينية".
وتقوم الحركة السلفية داخل المساجد باستقطاب الأطفال والشباب من خلال حلقات "العلم" التي تقام في المساجد والنوادي الثقافية، وممارسة الرياضة وإقامة الرحلات. ما يحبّه الأهالي لأطفالهم بعيداً عن معرفة بعضهم فيما يتم تلقينه للأطفال إن كان الأهالي غير متابعين.
فيما يشير أحمد ناجي إلى خطورة التعامل مع "السلفيين"، معتبراً أنها لا تعدو كونها حركة تكفيرية بعد تجربة شخصية قي الالتحاق بندواتهم هو وابنه البالغ من العمر 13 عاماً، وقيام ابنه بتبرير ما يفعله تنظيم "داعش" بحق البشر.
ويضيف لـ"جيل العربي الجديد": "أصررت على الذهاب مع ابني الذي أصبح يتذمر من كل شيء، بل ويكفر هذا وذاك لمجرد معارضة ما يتلقى في المسجد الذي يتردد عليه، بل ويكفر المقاومين الذين هم بعيدين كل البعد عن العمل السياسي" لافتاً: "خلال زيارتي للمسجد أكثر من مرة لم أر غير أنهم مهتمون فقط لنظام الحكم هنا وفي الضفة الغربية، مهملين إسرائيل تماماً. غير أنهم يتحدثون باستمرار عن ديكتاتورية الحكومة بحق مجاهديهم كما قالوا. فأنا شخصيًا شعرت بالخوف منهم بخاصة بعدما صرحوا مراراً وتكراراً بموالاتهم لداعش ومبايعتهم للبغدادي".
وينقسم التيار السلفيّ داخل قطاع غزّة إلى ثلاثة أقسام وهي "سلفية أولي الأمر" وهم المتابعون لولي الأمر "الرئيس" أيا كان وضعه -بناء على حديث موضوع- "أطع ولو جلد ظهرك وأخذ مالك".
والقسم الثاني هو السلفية العلمية، وهم السلفيون الذين يعملون على تدريس العلم دون إبداء مواقف سياسية، لكن تكون مواقفهم وسط بين سلفية أولي الأمر.
أما القسم الثالث فهو يضم السلفية الجهادية وهم أنصار القاعدة وداعش وهم يرون ضرورة الخروج عن الحاكم ويكفّرون معظم السلطات الحاكمة.
هذه الثلاثة أقسام بدا عليها الانقسام، بين القاعدة وجبهة النصرة وداعش. ويمثلهم حوالي 6 فصائل عسكرية محدودة النطاق، لا تتدخل في مواجهة الاحتلال.
وكانت الأجهزة الأمنية التابعة لحماس قد شنّت حملة اعتقالات طالت عدداً من كوادر وعناصر الجماعات السلفية المناصرين لتنظيم "داعش"، بسبب قيام عدد منهم بإلقاء خطب في المساجد تشيد بدور داعش وتصرفاته.
(فلسطين)