الجيش المصري يطرد سكاناً من قرى سيناء مجدداً بعد توثيقهم الدمار

20 مايو 2023
دمرت آلاف المنازل في سيناء خلال الحرب على الإرهاب (سعيد خطيب/ فرانس برس)
+ الخط -

قرر عشرات المصريين المهجرين من قرى غرب مدينة رفح، في محافظة شمال سيناء، العودة إليها مجدداً، من دون قرار رسمي من الجيش المصري الذي يسيطر على المنطقة، ما دفع قوات الجيش إلى إجبار تلك العائلات على مغادرة القرى مجدداً رغم زوال سبب التهجير.
واستنكر عدد من المهجرين موقف الجيش منهم، مشيرين إلى أنهم واصلوا على مدار أشهر تقديم المناشدات والمطالبات التي تؤكد حقهم في العودة إلى قراهم، خصوصاً بعد طرد تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش الإرهابي من تلك القرى.
ويؤكد أبو أحمد من قبيلة "الأرميلات"، وهو أحد سكان القرى المهجرة، لـ"العربي الجديد"، إن "سكان قرى، مثل المطلة والحسينيات وبلعا، قرروا العودة إلى منازلهم بعد تجاهل السلطات أحوالهم المعيشية التي تسبب فيها تهجيرهم عامي 2016 و2017، إذ لم تصرف لهم أية تعويضات رغم أن منازلهم تدمرت نتيجة العمليات العسكرية، وليس ضمن مخطط إقامة المنطقة العازلة في رفح التي جرى البدء فيها عام 2014، وحين عادوا إلى قراهم، صدموا بحجم الدمار الذي أصابها، فقرروا ترميمها على نفقتهم الشخصية، وإعادة الحياة إليها، وما إن وصلت صور من هذا الدمار إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حتى جاءت قوات عسكرية كبيرة إلى القرى، وطردت المواطنين منها مجدداً".
وأضاف أبو أحمد: "ضباط الجيش حذروا المواطنين من العودة إلى المناطق المهجرة مرة أخرى من دون قرار رسمي، فيما جرى الحديث عن اعتقال 17 منهم بالفعل، وتجرى حالياً محاولات للإفراج عنهم، في حين جرت مطاردة بقية الأهالي حتى وصلوا إلى محيط الشيخ زويد، لكن هناك نقاشاً دائراً بين المهجرين حول إمكانية العودة الجماعية إلى القرى من خلال مسير يضم مئات المواطنين من النساء والأطفال وكبار السن، ودخول قراهم ومنازلهم رغماً عن قرار الجيش، مع مطالبات لمشايخ القبائل وقادة المجموعات القبلية بضرورة الانحياز إلى المهجرين".
ويقول أحد مشايخ قبيلة "السواركة"، لـ"العربي الجديد"، إنه "لم تعد هناك حجة لمنع رجوع المواطنين إلى قراهم ومنازلهم سوى تطهيرها من العبوات الناسفة والمتفجرات والأجسام المشبوهة التي زرعها التنظيم الإرهابي، وكذلك بقايا المتفجرات التي ألقاها الجيش على القرى خلال القتال، حجة الجيش التي يسوقها لمشايخ القبائل منطقية، لكنه في الوقت نفسه تأخر عن الانتهاء منها، رغم أن القبائل أبدت استعدادها لمرافقة فرق هندسة المتفجرات لإزالة كل الأجسام المشبوهة".

يطالب أهالي سيناء المهجرين بالعودة إلى مناطقهم (إد غيلز/Getty)
يطالب أهالي سيناء بالعودة إلى مناطقهم (إد غيلز/Getty)

وأضاف الشيخ القبلي: "عودة الأهالي حق أصيل، عندما قاتلنا إلى جنب الجيش، قاتلنا من أجل أرضنا وقرانا، وكانت الوعود واضحة من قيادة الجيش والمخابرات، إلا أن المماطلة والتسويف باتا متكررين، وهذا غير مقبول، وعبرنا خلال لقاءات سابقة مع مسؤولين حكوميين وعسكريين عن ذلك".
وأوضح أن "ما جرى في قرى غرب رفح كان متوقعاً، إذ توجه المواطنين إلى منازلهم مع استتباب الحالة الأمنية في سيناء طيلة العام الأخير، ما دفعهم إلى العودة الفردية، وليس بموجب قرار كما جرى في قرى جنوب رفح خلال الأشهر الماضية، خصوصاً في المناطق التابعة لقبيلة الترابين، كالبرث وشيبانة والمقاطعة".
وحصلت "العربي الجديد" على صور ومقاطع فيديو من مواطنين تمكنوا من الدخول إلى قراهم المهجرة، تظهر أنه لم يعد فيها أي شكل من أشكال الحياة، وأن تدميراً شاملاً أصابها رغم بعدها عن مركز الهجمات والعمليات التي قام بها الجيش المصري، وكذلك هجمات تنظيم ولاية سيناء الإرهابي، لتضاف هذه المناطق إلى عشرات القرى المهجرة المدمرة في نطاق مدن رفح والشيخ زويد والعريش.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وهجر الجيش المصري آلاف الأهالي من مدينة رفح وقراها، وقرى الشيخ زويد ومناطق متفرقة من مدينتي العريش وبئر العبد، في ظل حربه على تنظيم داعش الإرهابي التي بدأت في عام 2013. ومنذ التهجير، لم يسمح لجميع سكان مدينة رفح بالعودة إليها، وكذلك بعض قراها، رغم المطالبات المتكررة من الأهالي بضرورة العودة إلى مناطقهم بعد انتهاء الحرب على الإرهاب.
وأزال الجيش المصري مئات المنازل في مدينة رفح، لكنه صرف تعويضات مالية لأصحابها، في إشارة إلى استحالة عودتهم إلى تلك المناطق التي هجروا منها مهما تغيرت الظروف أو الأسباب خلال السنوات المقبلة، فيما يبقى مصير مدينة "رفح الجديدة" مجهولاً، من حيث الفئات التي ستقطنها خلال الفترة المقبلة، خصوصاً في ظل توسيعها وزيادة أعداد المباني التي جرى إنشاؤها فيها خلال السنوات الماضية.

المساهمون