تصطفّ شاحنات كبيرة محمّلة بمئات الآلاف من عبوات المياه في ساحة في مدينة جاكسون الواقعة في ولاية ميسيسيبي، حيث يقوم جنود أميركيون بتفريغها. يعكس هذا المشهد كيفية تقديم المساعدات من الحرس الوطني المخوّل الاستجابة بشكل عاجل للأزمة الحادّة التي يعانيها سكان عاصمة هذه الولاية الجنوبية.
بعد الفيضانات المدمّرة، بات جزء كبير من شبكة إمدادات المياه في جاكسون خارج الخدمة، أمّا الأنابيب، فقد باتت توفّر سائلاً بنياً غير صالح للشرب أو الغلي. وتقول ماري جونز (55 عاماً): "في منزلي تتدفّق المياه ببطء شديد. إنه وضع مروّع لمدينة جاكسون بأكملها كما تعلمون، وليس فقط على المستوى الفردي".
تتابع جونز: "لا يبدو أنّ أحداً يعرف كيفية حلّ هذه المشكلة. لكن الآن، بما أن البيت الأبيض تدخّل في المسألة، آمل أن نحصل من جديد على مياه جارية ونظيفة، لأننا نواجه هذا الأمر منذ سنوات. ومن السخيف حقاً أن نعيش هذا الواقع كمواطنين".
تحرّكت واشنطن بسبب الوضع الذي آلت إليه جاكسون، ووعد الرئيس جو بايدن بتقديم جميع الوسائل الفدرالية الممكنة لولاية ميسيسيبي. في هذا السياق، تجرى عمليات صيانة كبيرة لاستعادة ضغط المياه عبر الشبكة. لكن حتى الآن، تعتمد حياة السكان على عبوات المياه البلاستيكية المخزّنة على منصّات نقّالة، ويحصل كلّ مقيم على حزمتين في أماكن التوزيع المجانية.
وتقول ناتينا تومسون (41 عاماً)، وهي سائقة حافلة: "لا أستطيع الطبخ كما أريد، ولا أستطيع تنظيف أسناني كما أريد". تضيف: "أدرك أن الجيش وآخرين يحاولون مساعدتنا".
من جهتها، تشيد ماري جونز بروح المساعدة المتبادلة، وتقول: "عليك أن تضحّي بنفسك من أجل جيرانك. هذا ما نفعله في ميسيسيبي"، وتوضح أنها ذهبت إلى عدّة مواقع لجمع عبوات المياه لعدد من كبار السن في حيّها الذين لا يملكون وسيلة نقل.
ما تعيشه جاكسون يذكّر بواحدة من أسوأ الفضائح الصحيّة في التاريخ الأميركي، والتي تتمثّل في المياه الملوّثة بالرصاص التي وُجدت في فلينت في ولاية ميشيغن في العقد الماضي.
ويحمّل تريسي إدواردز، وهو متقاعد، مسؤولي المدينة ما وصلت إليه الأمور، قائلاً: "آمل ألا نصبح مثل فلينت". ويتساءل "ما إذا كانت هناك أشياء خطيرة في المياه يمكن أن يكون لها تأثير طويل الأجل على سكّان جاكسون. علينا توخّي الحذر حيال ذلك".
وجاكسون هي أكبر مدينة في ميسيسيبي، إحدى الولايات الأكثر فقراً في البلاد. وتعاني هذه المدينة مشكلات قديمة في شبكة المياه، كما أنّ الموارد المالية للبلدية غير كافية، في ظل انخفاض القاعدة الضريبية بعد رحيل السكان البيض خلال السنوات الأربعين الماضية. وبات السكّان السود يشكّلون اليوم أكثر من 80% من السكان، الذين يعيش ربعهم تحت خط الفقر.
(فرانس برس)