الجوع لا ينتهي في شمال غزة رغم عودة مخابز للعمل

30 ابريل 2024
طوابير طويلة أمام المخابز لشراء الخبز في غزة، في 14 إبريل 2024 (محمود عيسى/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- استئناف عمل مخابز شمال غزة يعيد الأمل للسكان رغم استمرار الحرب وتحذيرات وكالات الإغاثة من خطر المجاعة بسبب نقص الإمدادات.
- أسماء البلبيسي تمثل الصعوبات اليومية لسكان غزة، حيث تقطع مسافة طويلة وسط الدمار لتأمين الخبز، مما يبرز الحاجة الماسة للغذاء.
- افتتاح أول مخبز كبير بدعم من برنامج الأغذية العالمي يعمل على مدار الساعة لمواجهة الطلب المتزايد، في خطوة حاسمة لمنع المجاعة رغم التحديات الكبيرة.

عادت مخابز شمال غزة للعمل، غير أن خطر المجاعة لا يزال يلوح في الأفق على الرغم من زيادة الإمدادات وفقاً لتحذيرات متواصلة لوكالات الإغاثة، في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

تسير أسماء البلبيسي لمدة ساعة يومياً كي تصل إلى أقرب مخبز لها لجلب خبز لأطفالها وأقارب آخرين في مناطق بشمال غزة، ويمكن أن يكون الطريق خطيرا، إذ إنه يمتد بطول شوارع مليئة بأنقاض مبان مدمرة يتعذر على السيارات المرور فيها. وتظهر رحلة أسماء مدى حاجة سكان غزة البالغة للخبز من أجل درء الجوع القاتل.

وقالت أسماء: "قبل فتح المخابز كنا نحضر طحين الذرة رغم صعوبة عجنه، ونصنع منه خبزاً، لكننا لا نجد حتى الحطب، والغاز غال وليس بمقدورنا تأمينه".

وعندما افتتح أول مخبز باستخدام الطحين (دقيق القمح) والوقود المقدم من برنامج الأغذية العالمي، احتشد المئات في طوابير طويلة تمتد للشوارع القريبة بين أنقاض المنازل. وتعين على المخابز توظيف عشرات المشرفين للحفاظ على النظام. وتم الآن افتتاح عدد قليل من المخابز التي يعمل بعضها 24 ساعة في اليوم. ومع أن الطوابير أصبحت أقل الآن تقول أسماء إنه لا يزال عليها أن تنتظر 20 دقيقة على الأقل يوميا للحصول على كيسين من الخبز الذي تحتاجه لعائلتها الكبيرة.

فاستعادة مخابز غزة وضمان انتظام الإمدادات من الدقيق والمياه والوقود لها أمر حاسم لوقف انتشار المجاعة عبر القطاع الصغير المكتظ بالسكان بعد مرور ما يقرب من سبعة أشهر على تفجر الحرب. وعادة ما يكون الخبز هو الغذاء الرئيسي لسكان غزة برغم أن الكثير من المواد الغذائية الأخرى كانت متوفرة قبل الحرب، من خضروات مزروعة محليا ودجاج وغنم وأسماك طازجة من البحر وأغذية معلبة ومستوردة.

وأعلنت إسرائيل في بداية الحرب عن حصار كامل للقطاع. وعلى الرغم من أنها بدأت بعد ذلك في السماح بدخول بعض المواد الغذائية فإن وكالات الإغاثة، بما في ذلك تلك التي تديرها الأمم المتحدة، قالت إنها لا تفعل ما يكفي لتسهيل دخول الإمدادات وتوزيعها. وتنفي إسرائيل وضع أي قيود على الإمدادات الإنسانية للمدنيين في غزة وتحمل الأمم المتحدة مسؤولية بطء توصيل المساعدات قائلة إن عملياتها غير فعالة.

لكن مع ظهور جيوب مجاعة في غزة ووفاة بعض الأطفال بسبب سوء التغذية والجفاف، وفي ظل معاناة الناس من الجوع في أنحاء القطاع، زاد حتى أقرب حلفاء إسرائيل الضغط عليها لبذل مزيد من الجهود للسماح بدخول الغذاء. وبدأت المساعدات تتدفق بكميات أكبر إلى شمال غزة هذا الشهر بعد أن فتحت إسرائيل معبرا جديدا، وقام برنامج الأغذية العالمي بتزويد المخابز في إطار جهد أوسع.

غير أن وكالات الإغاثة تحذر من أن كل ذلك لا يزال غير كاف لإنهاء كارثة إنسانية هناك، وقال برنامج الأغذية العالمي الأسبوع الماضي إن شمال غزة لا يزال يتجه نحو المجاعة.

إمدادات المساعدات

أعيد فتح أول مخبز كبير في شمال غزة يوم 13 إبريل/ نيسان وهو أحد خمسة مخابز كانت تديرها شركة مخابز كامل عجور التي تصنع الآن خبز البيتا وأرغفة السندويشات المنتفخة لبيعها بسعر مدعوم. وقال كرم عجور مسؤول مراقبة الجودة في المخبز: "تعرضنا لأضرار كبيرة، لدينا خمسة أفرع تقريبا ونقاط أخرى، أغلبها تعرضت للدمار الكامل والجزئي. وقدرنا الحمد لله أن نشغل هذا المكان وننتج بشكل كامل".

ولإعادة فتح المخبز، كان على العمال إنقاذ الآلات من فروع مختلفة، دُمرت أو تضررت بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية، ونقلها إلى الفرع الوحيد الذي قرروا إعادة فتحه بدعم من برنامج الأغذية العالمي. وهم يعجنون الخبز على شكل كرات ثم يفردونه في جيوب تنتفخ أثناء مرورها في الفرن لتوضع في أكياس كبيرة كمجموعات. ويتم بيع الخبز عبر نوافذ.

ومع زيادة الطلب على الخبز من مئات ألوف الأشخاص الذين ما زالوا يعيشون في شمال غزة، قرر أصحاب مخابز عجور تشغيل المخبز على مدى 24 ساعة وتركيب خط إنتاج ثالث هناك إلى جانب الخطين الموجودين. ويعد الإمداد المستمر بالطحين والوقود اللازم لتشغيل المخبز أمرا حيويا. وعمليات إيصال المساعدات إلى شمال غزة أكثر تعقيدا بكثير من تلك التي يتم إيصالها للأجزاء الجنوبية من القطاع القريبة من نقاط العبور مع مصر.

ووظفت مخابز عجور أشخاصا للتعامل مع شحنات المساعدات التي يرسلها برنامج الأغذية العالمي إلى ساحتين في مدينة غزة وجلبها بأمان إلى المخبز. وعندما سُئل عن شعوره بعد إعادة فتح المخبز، قال كرم عجور إنه من الناس ويشاركهم مشاعرهم وحاجتهم للطعام.

(رويترز)

المساهمون