الجنسية الألمانية... الاعتراف بإسرائيل شرط ملزم

برلين

شادي عاكوم

avata
شادي عاكوم
15 ديسمبر 2023
2133
+ الخط -

أصدرت وزارة الداخلية في ولاية "ساكسونيا انهالت" الألمانية مرسوماً يقضي بربط الحصول على الجنسية الألمانية بالتزام المتقدم بحق إسرائيل في الوجود، واعتبار أن أمن تل أبيب مصلحة عليا لألمانيا.
وأوضحت وزيرة داخلية الولاية المنتمية إلى الحزب المسيحي الديمقراطي تمارا تسيشانغ أنها عممت المرسوم على المقاطعات والمدن في نهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأنه بات على طالبي الجنسية من الأجانب أن يؤكدوا كتابياً أنهم يعترفون بحق إسرائيل في الوجود، وأن يدينوا أي جهود موجهة ضدها، كما أنه عند دراسة الطلب، سيجري التأكد من عدم وجود دليل على مواقف معادية للسامية، ورفض التجنيس إذا ما قام الأجنبي بأمور ضد النظام الأساسي، وعدم تسليم شهادة التجنيس إذا ما رفض الإقرار بقبول الشروط، وأن يدون ذلك في ملفه.

وأكدت تسيشانغ لصحيفة "تاغس شبيغل" أنه "يجب على أي شخص يأتي إلى ألمانيا لطلب الحماية أن يعترف بأمن إسرائيل من دون أي تحفظات قبل الحصول على جواز السفر الألماني. هي الطريقة الوحيدة التي سينجح فيها الاندماج في بلدنا، ويجب أن تتضمن اختبارات التجنيس أسئلة حول المسؤولية الخاصة عن حياة اليهود في ألمانيا، وعدم الاكتفاء بمعرفة تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية".
بينما أكد معلقون مؤيدون أن مشروع قانون التجنيس يجب أن يضم شرطاً قانونياً واضحاً يظهر أن الأفعال المعادية للسامية، أو الممارسات العنصرية، تتعارض مع ضمان الكرامة الإنسانية للمواطنين، وأنه ينبغي للسلطات التحقق قبل منح الجنسية من عدم وجود إدانات جنائية قائمة على دوافع معادية للسامية أو غيرها.
في المقابل، اعترض السياسي عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي هالغي لينده على القرار، مؤكداً أنه "لا يمكن القضاء على انتشار كراهية إسرائيل عبر التوقيع على إقرار". 
من جانبه، تساءل الخبير الدستوري البروفسور فولكر بوهومه نيسلر، في حديث مع صحيفة "بيلد": "ماذا لو كذب الأجنبي طالب الجنسية وأخفى معاداته للسامية؟". لافتاً إلى أنه "حتى في ظل القانون المعمول به حالياً، يمكن سحب الجنسية بأثر رجعي خلال أول عشر سنوات إذا ما تكشفت أمور تثبت أن الشخص معاد للسامية. الأمر الحاسم هو أن تنظر السلطات عن كثب في الممارسة العملية للحاصلين على الجنسية".
وفي الإطار، برزت تعليقات تؤكد أن مواجهة معادية السامية على المدى الطويل تحتاج إلى المزيد من التثقيف السياسي، ومن السياسات الاجتماعية. واعتبرت المتحدثة باسم السياسة القانونية في حزب اليسار كلارا بونغر، في تصريحات لموقع "المنبر القانوني"، أن "معاداة السامية متجذرة بعمق في ألمانيا، وجعل التجنيس يرتبط بحق إسرائيل في الوجود لن يغير من هذا الواقع. هذا الشرط المطروح لا يعالج المشكلة المجتمعية، بل يهدف إلى استبعاد وإهانة مجموعات سكانية، مثل اللاجئين، وخاصة المسلمين منهم. عندما يتعلق الأمر بالتجنيس ينبغي أيضاً بذل جهود لضمان عدم وجود مكان لجميع أشكال التمييز، والإقرار المطلوب لا يمكن أن يُظهر المواقف الحقيقية للأشخاص".
وأبرزالمكتب الفيدرالي للإدارة (حكومي) أنه في الفترة بين 2015 و2022، سُحبت الجنسية الألمانية في 522 حالة، وفي عام 2023 وحده، سُحبت 123 جنسية حتى الآن.
وسلط المحامي المتخصص في قانون الهجرة فيليب بروي، في تصريحات لصحيفة "بيلد"، الضوء على نقطة أخرى في القانون الجديد، مفادها أنه مستقبلاً يمكن للأعمال المعادية للسامية التي تقع تحت طائلة المسؤولية الجنائية أن تؤدي إلى استبعاد التجنيس.

تظاهرة مطالبة بوقف العدوان على غزة في برلين (أود أندرسن/فرانس برس)
تظاهرة مطالبة بوقف العدوان على غزة في برلين (أود أندرسن/فرانس برس)

وأثرت عملية "طوفان الأقصى" على توجه الائتلاف الحاكم إلى تقليص المدة اللازمة التي يحق بعدها للأجانب التقدم للحصول على الجنسية الألمانية من 8 إلى 5 سنوات، وإلى 3 سنوات في حالات خاصة، وأحيل مشروع القانون على لجنة الشؤون الداخلية في "البوندستاغ" لإبداء الملاحظات، والتداول في التعديلات والإصلاحات المقترحة بسبب القلق بشأن تنامي الكراهية لليهود في ألمانيا.
وخلال مداولات البوندستاغ في الأسبوع الماضي، ظهرت انتقادات لاذعة من أحزاب المعارضة. وفي حين دعا الحزب المسيحي الديمقراطي إلى التشدد، حذر حزب البديل من أجل ألمانيا من محاولات "إهدار المواطنة" في ظل توجه الحكومة إلى تجنيس مزيد من الأجانب، ما يشكل إشارة واضحة مفادها أنه لم يعد أحد مضطراً إلى الاندماج بعد الآن.
واعتبر النائب عن الحزب غوتفريد كوريو أن "قانون الجنسية المقدم من الحكومة الفيدرالية يشكل انقلاباً بارداً لإعادة هيكلة التركيبة السكانية للناخبين. حزبنا ضد التجنيس القسري المصطنع وغير المناسب، ونطالب بالتخلص من هذا القانون".
بدورها، قالت نائبة رئيس كتلة المسيحي الديمقراطي في البوندستاغ أندريا ليندهولز، لصحيفة "راينشه بوست"، إن ألمانيا تمر بأزمة هجرة خطيرة، وزعمت أن "المعادين للسامية يريدون إعلان الخلافة في شوارعنا، بينما الحكومة تريد توزيع جواز السفر الألماني بسخاء أكبر من ذي قبل".

في المقابل، تحدثت السياسية عن حزب الخضر فيليز بولات عن إخفاقات في الاعتراف بإنجازات المهاجرين، وأن البعض لم يُجنسوا إلا بعد 20 عاماً، كما أن هناك 1,7 مليون شخص مولودين في ألمانيا لم يحصلوا بعد على الجنسية من بين 11 مليوناً يعيشون في البلاد من دون الجنسية الألمانية، ولفتت إلى أن "المانيا بلد هجرة، ومجتمعها منفتح، ولا يمكن تحقيق الوحدة إلا من خلال التنوع. معدل التجنيس متأخر جداً مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي. جرى تجنيس 168775 شخصاً فقط في عام 2022".
وفي رد مبدئي، قالت وزيرة الداخلية الفيدرالية نانسي فيزران إن ألمانيا بحاجة إلى قانون محدث للجنسية يكون أكثر قدرة على المنافسة على المستوى الدولي، وأن يكون جزءاً من سياسة الهجرة الحديثة. مضيفة: "لا يمكن تحقيق رخاء الغد بقواعد الأمس. من أجل الحصول على الجنسية، فإن الالتزام بالقوانين شرط أساسي، ولن يسمح لأي شخص يشارك في أنشطة معادية للسامية أن يصبح ألمانياً، والوزارة منفتحة على التعديلات والإجراءات الإضافية".

ذات صلة

الصورة
مسيرة في الأردن داعمة لغزة 15 نوفمبر 2024 (العربي الجديد)

سياسة

انطلقت مسيرة حاشدة بعد صلاة ظهر اليوم الجمعة من أمام المسجد الحسيني وسط العاصمة الأردنية عمّان تحت شعار "حق العودة مقدس - لا لإلغاء أونروا"
الصورة
عمال إنقاذ وسط الدمار الناجم عن غارة جوية على غزة، 7 نوفمبر 2024 (Getty)

سياسة

زعمت القناة 12 العبرية، أمس الاثنين، أن الإدارة الأميركية قدّمت للسلطة الفلسطينية مقترحاً بشأن الإدارة المستقبلية لقطاع غزة
الصورة
رام الله، ديسمبر 2017 (getty)

منوعات

يكرّر الإعلام الغربي نزع الأحداث المرتبطة بفلسطين من سياقها، ليقدّمها وفق السردية التي تناسب الاحتلال، حتى وإن كان ذلك منافياً للواقع
الصورة
فلسطينيون يحملون طفلاً أصيب بقصف إسرائيلي في مخيم جباليا 7 نوفمبر 2024 (فرانس برس)

سياسة

في مجزرة جديدة للاحتلال الإسرائيلي، استشهد أكثر من 36 مواطناً فلسطينياً بينهم 15 طفلاً، وأصيب العشرات بقصف إسرائيلي لمنزل في جباليا البلد شمالي قطاع غزة