الجفاف يحاصر نهر كولورادو الأميركي.. لهذه الأسباب

23 مايو 2023
يبلغ طول نهر كولورادو 1450ميلًا (Getty)
+ الخط -

نجحت سبع ولايات أميركية، تعتمد على نهر كولورادو الذي يستهلك بشكل مفرط في التوصل، أمس الإثنين، إلى اتفاق لخفض الاستهلاك والمساعدة في إنقاذ النهر، الذي يوفر مياه الشرب لنحو 40 مليون شخص والري لبعض أكثر الأراضي الزراعية وفرة في البلاد.
وستعمل أريزونا وكاليفورنيا ونيفادا على تقليل الاستهلاك بمقدار 3 ملايين فدان (3.7 مليارات متر مكعب) حتى نهاية عام 2026، وهو مبلغ يساوي 13 في المائة من تخصيص الأنهار، بموجب صفقة توسطت فيها وأعلنتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، بحسب ما ذكرته وكالات الأنباء العالمية.

تشهد المنطقة أسوأ موجة جفاف لها منذ 1200عام، حتى مع هطول أمطار غزيرة وتساقط ثلوج هذا العام

يأتي هذه الاتفاق، في الوقت الذي بات النهر يعاني فيه بسبب الجفاف والتغيير المناخي، كما أن عوامل عديدة، من ضمنها، الاستخراج الهائل للمياه، بشكل أساسي للزراعة، ساهمت في زيادة تبخر المياه وتقليل كتلة الجليد التي تغذي النهر. وتشهد المنطقة أسوأ موجة جفاف لها منذ 1200عام، حتى مع هطول أمطار غزيرة وتساقط ثلوج هذا العام، ولا يُتوقع أن يفرج عن قبضة "الجفاف الضخم" الذي دام عقدين من الزمن.

أهمية نهر كولورادو؟
نهر كولورادو هو أحد الأنهار الرئيسية في جنوب غرب الولايات المتحدة وفي شمال المكسيك، يستنزف النهر الذي يبلغ طوله 1450 ميلًا مستجمعات مائية واسعة وجافة تشمل أجزاء من سبع ولايات أميركية وولايتين مكسيكيتين. 
 وبفضل مياه النهر، فقد تمكنت مدن مثل لوس أنجليس وفينيكس ولاس فيغاس من الازدهار، فضلاً عن السماح بزراعة ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية في البيئات الصحراوية القاسية. 

الصورة
نهر كولورادو (Getty)
تُستخدم غالبية مياه نهر كولورادو لزراعة الأعلاف للماشية (Getty)

وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، فإن السبب الرئيسي لانكماش النهر، يتعلق بالاستهلاك الكبير لموارده المائية، إذ يتم استخدام نحو  1.9 تريليون غالون من المياه سنوياً، يحصل القطاع الزراعي على حصة الأسد منها، إذ يستنزف القطاع الزراعي على ما يقارب من  79 في المائة من إجمالي المياه، فيما يستخدم السكان نحو 12 في المائة، ونحو 4 في المائة، يتم استخدامها لصالح الأعمال التجارية والصناعية، إضافة الى 4 في المائة للطاقة الكهروحرارية. 

37 في المائة من المياه المستخدمة في حوض نهر كولورادو يتم استخدامها لزراعة البرسيم والتبن

ووفق التقرير، تُستخدم غالبية المياه في حوض نهر كولورادو - أكثر من تريليون غالون - لزراعة الأعلاف للماشية
فعلى سبيل المثال، فإن نحو 37 في المائة من المياه المستخدمة في حوض نهر كولورادو يتم استخدامها لزراعة البرسيم والتبن الذي يعد العنصر الأساسي في تغذية الماشية، وهذا يعادل ثلاثة أضعاف كمية المياه التي يستخدمها سكان المنطقة لري المروج والاستحمام وغسل الملابس. 

البصمة المائية للغذاء
وتشير الدراسات إلى أن ري الأعلاف للحيوانات، سواء لاستخدام لحومها أو لدورها في إنتاج الأطعمة الغذائية، يحتاج إلى كميات كبيرة من الماء، لإنتاج قطعة لحم بقري، تزن ربع رطل، تحتاج ما لا يقل عن 38 غالوناً من الماء، يتضمن ذلك الماء الأساسي لزراعة كل الأعلاف مثل البرسيم والتبن الذي تأكله الماشية نفسها. في المقابل ، تحتاج إلى حوالي خمسة غالونات من الماء للحصول على نفس الكمية من البروتين من التوفو.

الصورة
نهر كولورادو (Getty)
السبب الرئيسي لانكماش نهر كولورادو يتعلق بالاستهلاك الكبير لموارده المائية (Getty)

وتعتبر منتجات الألبان مثل الحليب والجبن أكثر استهلاكًا للمياه لكل غرام من البروتين مقارنة بلحوم البقر لأن الأبقار الحلوب تتطلب المزيد من الطاقة لإنتاج الحليب. وغالباً ما يتم إطعامها البرسيم، ويرجع ذلك جزئياً إلى احتوائه على نسبة عالية من السعرات الحرارية والبروتين. ويمكن لبعض المكسرات مثل اللوز استخدام كمية كبيرة نسبيًا من الماء أيضًا.
يمكن أن تختلف تقديرات البصمة المائية على نطاق واسع اعتمادًا على الظروف التي تربى فيها الماشية، أو ممارسات الزراعة والتكنولوجيا المستخدمة. لكن بشكل عام  تعد لحوم البقر ومنتجات الألبان من أكثر الأطعمة التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، والتي سيكون لها انعكاس واضح على زيادة انبعاثات غازات الاحتباس.

ماذا عن المحاصيل الزراعية؟ 
تشير دراسات عديدة، إلى أن المحاصيل الزراعية، التي تتدخل في النظام الغذائي للإنسان مثل الخضار والفاكهة لا تستهلك كميات من الماء مثل تلك المستخدمة لزراعة الأعلاف للماشية. فعلى سبيل المثال، بينت الدراسات التي أجريت عام 2020 نُشرت في مجلة  Nature Sustainability بأن المحاصيل المزروعة التي يأكلها الإنسان مباشرة، مثل الخضروات لا تحتاج لأكثر من ربع كمية المياه التي تستخدم في علف الماشية.
يشير بريان ريختر  رئيس منظمة "المياه المستدامة" التعليمية إلى أن الأزمة الحالية في نهر كولورادو تجعل من الضروري على المواطنين إعادة التفكير بالتغييرات المناخية، وكيفية مواجهتها.
ووفق تعبيره، ليس من الضروري الإقلاع عن تناول اللحوم، ولكن بدلاً من ذلك يمكن تقليص استهلاكها، وإدخال عناصر غذائية أخرى، في الوجبات الرئيسية التي نتناولها لمواجهة التغيير المناخي.

أهمية الاتفاق
أثنى العديد من الخبراء على أهمية الاتفاق بين الولايات وإدارة الرئيس بايدن، ووفق ما نقلته صحيفة "ذي غارديان" البريطانية، فبدون اتفاق يخشى، أن تنخفض مستويات المياه في بحيرة ميد وبحيرة باول لدرجة أن التوربينات الكهرومائية التي تعمل بالطاقة ستفشل، مما يهدد بإمدادات الطاقة لملايين الأشخاص.
ووصفت وزيرة الداخلية الأميركية ديب هالاند، الاتفاق بالتاريخي، ولفتت إلى أنه يمثل نوعا من  الشهادة على التزام إدارة بايدن بالعمل مع الولايات والقبائل والمجتمعات في جميع أنحاء الغرب لإيجاد حلول توافقية في مواجهة تغير المناخ والجفاف المستمر.

المساهمون