كشفت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، اليوم الجمعة، أنّ ثلاثة آلاف عائلة نزحت من ثماني محافظات في البلاد بسبب الجفاف والتغيّر المناخي والنقص الحاصل في مناسيب المياه، داعية الحكومة إلى إيجاد حلول للأزمة.
وكانت محافظة ديالى الحدودية مع إيران أولى المحافظات العراقية التي سُجلت فيها موجات نزوح، كونها الأكثر تضرراً من موجة الجفاف، بسبب قطع إيران روافد نهر دجلة، الأمر الذي تسبّب في انخفاض مناسيب المياه في نهر ديالى إلى أكثر من 90 في المائة. ومن جهتها، استثنتها وزارة الزراعة العراقية من الخطة الزراعية بشكل كامل، وهو ما تسبّب كذلك في تعطّل مشاريع كثيرة خاصة بمياه الشرب نتيجة عدم توفّر مياه في الأنهر التي تعمل عليها، وقد حُرمت مناطق كثيرة في المحافظة من تلك المياه.
وبحسب ما جاء في بيان صادر عن عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، اليوم الجمعة، فإنّ "العراق يُعَدّ من بين الدول الخمس الأولى الأكثر تضرراً من التغيّر المناخي، وفي المرتبة 39 من بين الدول الأكثر إجهاداً للمياه". أضاف: "وقد أدّى الانخفاض القياسي في معدّل سقوط الأمطار في العام الماضي إلى نقص المياه والتصحّر وتآكل التربة بسبب الممارسات الزراعية غير المستدامة، وإلى تضرّر وانكماش الغطاء النباتي، وجفاف الأهوار والبحيرات وارتفاع اللسان الملحي والتصحر، وارتفاع الملوّثات الصناعية، ممّا شكّل خطراً محدقاً على حياة المواطن والبيئة".
ولفت الغراوي إلى أنّ "أهوار العراق، بتراثها الثقافي والإنساني العميق ومواردها الطبيعية، باتت مهدّدة بالزوال بسبب الجفاف"، داعياً الحكومة إلى "اتّخاذ إجراءات عاجلة للحدّ من تلك الآثار ومعالجة إدارة المياه العابرة للحدود الوطنية".
وشدّد الغراوي في بيان المفوضية نفسه على "ضرورة معالجة التراجع في الأهداف البيئية والمناخ والموارد المائية واستخدام الأراضي، وتشجيع الاستخدام الفعّال للمياه، وتجديد خزانات المياه، وإعادة تأهيل البنية التحتية لمنظومة الريّ، وزراعة مزيد من الأشجار والغابات والشجيرات، وكذلك زراعة أحزمة خضراء مستدامة حول المدن، والتحكم في أنشطة التعدين، وتحسين جودة التربة وحمايتها من الملوحة من خلال تقنيات زراعية أكثر استدامة".
وتحدّث الغراوي كذلك عن ضرورة "اعتماد الاستمطار الصناعي كحلّ لمعالجة الجفاف وقلّة الأمطار، وإنشاء نهر ثالث عكسي في اتجاه الصحراء للاستفادة من المياه المهدورة، وزراعة الأراضي وتأمين غطاء أخضر بمواجهة التصحّر والعواصف الرملية كون حياة المواطنين باتت في خطر محدق".
ولم تبدِ الحكومة أيّ اهتمام بهذا الملف، لجهة احتواء العائلات النازحة وتقديم الدعم لها، وكذلك لجهة العمل على تفكيك أزمة المياه مع إيران وإبرام تفاهمات معها، الأمر الذي فاقم الأزمة وزاد من عدد العائلات النازحة من مناطق في محافظات عدّة.
ولفتت وزارة الموارد المائية أخيراً إلى خطة لزيادة إطلاقات المياه في نهرَي دجلة والفرات لتوفير مياه الشرب كأولوية، ثمّ تأمين مياه للزراعة وتعزيز الأهوار والتي خُطّط أن تكون نسبتها 50 في المائة من إجمالي الخزين المائي المُتاح في خزانات العراق.
يُذكر أنّ الخزين المائي العراقي انخفض بنسبة 60 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وقد لجأت محافظة ديالى أخيراً إلى معالجات مؤقتة لإيصال المياه إلى بعض المناطق، من خلال شقّ مجار جديدة لعدد من الأنهر التي لم تنخفض نسبة المياه فيها بشكل كبير، وتحويلها إلى تلك التي جفّت أو أوشكت على الجفاف، وذلك من أجل توفير المياه لمشاريع تحلية المياه الصالحة للشرب. لكنّها لم تستطع تغطية كلّ المناطق، فيما لجأ أهالي المحافظة بمعظمهم إلى حفر آبار صغيرة في باحات منازلهم بغية الحصول على المياه، علماً أنّ تلك الآبار بمعظمها لا تُعَدّ صالحة للاستهلاك البشري.
وكان العراق قد قلّص مساحة الأراضي المشمولة بالخطة الزراعية الموسمية إلى النصف، فيما استُبعدت محافظات معيّنة من الخطة بشكل كامل، بسبب موجة جفاف غير مسبوقة تضرب البلاد نتيجة قطع إيران روافد نهر دجلة، فيما لوّحت الحكومة العراقية في مرّات عدّة باللجوء إلى المؤسسات الدولية للحصول على المياه من إيران وفقاً لاتفاقيات تقاسم المياه، إلا أنّها لم تأتِ بأيّ خطوة نحو تدويل الملف في حين ترفض إيران أيّ حلول يطرحها العراق.