الجزائر: منتجات رمضانية من أسر وشبان
يشهد شهر رمضان في الجزائر انخراط عائلات كثيرة في إنتاج وبيع أصناف تستهلك في إحياء الشهر تحديداً، في محاولة منها لتحسين مداخيلها في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة. وبين هذه المنتجات الخبز والحشائش التي تدخل في إعداد الوجبات الأكثر استخداماً على الموائد. أيضاً يعد شبان مشروبات تقليدية ويبيعونها، في إطار مظاهر خاصة برمضان.
أكثر ما تنشط فيه العائلات صنع وبيع الخبز المنزلي الذي يعرف في الجزائر بأسماء تختلف بحسب كل منطقة، وبينها "الكسرة" و"الطابونة" و"المطلوع". وتحرص ربات بيوت كثيرات على استغلال شهر الصوم للإفادة من رغبة عدد كبير من الجزائريين في تذوق الخبز المنزلي، ويحضرن كميات كبيرة منه، ويكلفن الأبناء مهمة بيعه في الأسواق الشعبية.
في السابق، كان الخبز البلدي يحضّر في ما يعرف بفرن "الكوشة" الطيني المستدير الذي يتضمن فتحة لإدخال العجين، ويوضع داخله حطب وفحم ثم يسخّن بدرجة كافية لإنتاج الخبز. لكن مع تطور الزمن، نجح حدادون في صنع نماذج أفران من الحديد لطهي الخبز المنزلي باستخدام مادة الغاز، ما يجعل إنتاجه أكثر سهولة وبكميات أكبر باعتبار أن سعة فرن الحديد أكبر، لكن أشخاصاً كثراً قد يجدون أن مذاق الخبز المصنوع في الأفران الطينية ألذّ.
وإلى الخبز المنزلي، تجتهد بعض النساء في صنع ما يعرف في الجزائر باسم "الديول"، وهي رقائق عجين دائرية الشكل تستخدم غالباً في طهي أصابع "البوراك" المحشية والتي تعد ضرورية لموائد الإفطار في كل البيوت، حيث تقتني العائلات هذه الرقائق ثم تحشوها بأنواع مختلفة من الجبن والبطاطا والتين ومأكولات غيرها. وتطهى هذه الرقائق وتباع بالقطعة الواحدة أو بحزمة تضم 12 قطعة غالباً.
وبين مظاهر الأسواق الخاصة بالشهر، تبيع عائلات كثيرة خصوصاً تلك التي تقيم في الريف أو أطراف المدن حشائش مثل النعناع والبقدونس وغيرها التي يزداد الطلب عليها في شكل كبير خلال شهر رمضان، باعتبارها تستخدم كثيراً في تحضير وجبات الإفطار والسلطات والشاي وغيرها. ويقول محمد بن عيسى الذي يقيم في منطقة ريفية قرب العفرون بجوار الجزائر العاصمة: "أملك بستاناً صغيراً لا يكفي لزرع الخضار، لذا فكرت في كيفية الإفادة منه. وقبل أسابيع من حلول شهر رمضان أزرع أنواعاً من الحشائش التي تحتاجها العائلات في الشهر الفضيل تحديداً، مثل المعدنوس (البقدونس) والقصبر والنعناع التي لا يتطلب زرعها وجود مساحات كبيرة، وتسقى بكميات مياه مقبولة. وفي رمضان، أقتلع الحشائش وأرتبها في حزم صغيرة وأبيعها".
وقد يلجأ بعض الشباب الى صنع عصائر تقليدية من الليمون مثلا الذي يضاف إليه الماء والسكر لصنع مشروب "الشاربات"، لكن في السنوات الأخيرة بدأت تضاف إليه مواد كيمائية لذا لم يعد مذاقه كما في السابق. أما في مناطق الصحراء الجزائرية فيشتهر عصير "اللاقمي" الذي يستخرج من النخيل بطريقة تحتاج إلى صبر طويل لأنه يجري البحث عن نقاط معينة في النخل، ثم يوضع نصف أنبوب مصنوع لنقل قطرات "اللاقمي" الى إناء يخصص لتجميع المشروب قبل تجهيزه نهائياً ببعض الإضافات لبيعه. ويقاوم هذا المشروب العطش في منطقة تشهد غالباً درجات حرارة مرتفعة.
وفي بعض المناطق، تسمى العادات الخاصة بشهر رمضان "إحياء العوايد" التي تعني إظهار طقوس الفرح بحلول شهر رمضان، التي تميزه عن باقي الأيام، وتمنح البهجة للعائلات وتسمح لأفرادها بتغيير عاداتهم اليومية خارج شهر الصوم تحديداً، رغم أن بعض هذه الطقوس بدأت تتلاشى بمرور الزمن بفعل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الجديدة.