أوصى مؤتمر تجديد وإصلاح النظام الصحي في الجزائر الذي اختُتم، أمس الاثنين، الحكومة بضرورة وضع "خطة عاجلة" لتطوير أنشطة الأمن الصحي، عبر إنشاء مصلحة للمراقبة الصحية في المطارات والمعابر البرية الحدودية، ولضمان عدم وصول بعض الأمراض والفيروسات إلى البلاد، لا سيما بعد تجربة فيروس كورونا والمتحورات المتعلقة به، إضافة إلى تدعيم وتحديث منظومة الإعلام الصحي الوقائي، تماشياً مع التطوّرات الصحية في العالم.
وتكشف وثيقة تتضمن توصيات المؤتمر، عن ضرورة رقمنة نظام المعلومات الصحية الوقائية، وتعزيز استخدام تكنولوجيات الإعلام والاتصال في عملية تسيير جميع الهياكل الصحية ومنح المراكز الصحية الاستقلالية في التسيير، واستحداث خريطة صحية تعتمد على إنشاء أقاليم جهوية تتميز بالاستقلالية في التسيير لتلبية الحاجات الصحية في ظلّ مراعاة الخصوصيات التي تميّز كلّ إقليم، كما السماح بتنويع مصادر تمويل المؤسسات الصحية.
واختُتم المؤتمر، أمس الاثنين، بعد ثلاثة أيام من النقاشات بين الحكومة ومدراء الصحة للولايات والأطباء والنقابات المهنية والصيادلة، ضمن ثماني ورش كاملة ناقشت آليات وخطط إصلاح قطاع الصحة في الجزائر.
وحضر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، المؤتمر، وقال، في خطاب له، الأحد، إنّ النظام الصحي في الجزائر "هو الأفضل في أفريقيا"، مدافعاً عن "إنجازات القطاع الصحي في البلاد منذ الاستقلال". وأشار إلى أنّ الأطباء الجزائريين "يعدّون من بين الأفضل"، معترفاً في الوقت عينه بأنّ "هناك بعض نقاط الضعف والخلل التي يجري العمل على إصلاحها"، وتعهّد بأن تكون سنة 2022، "سنة إصلاح القطاع الصحي وتحسين ظروف عمل الأطباء والكادر الطبي بشكل عام".
وفي السياق، نصّت توصيات المؤتمر بشأن الكادر الطبي، على مراجعة آليات تسيير المسار المهني، ومراجعة القوانين الأساسية الخاصة بالأطقم الطبية وقانون الخدمة المدنية ونظام الحوافز والتعويضات، ما يسمح بتشجيع الكفاءات وتقدير الأداء والمجهود، والزيادة في العلاوات المخصصة لشاغلي المناصب العليا على مستوى المؤسسات الصحية. إضافة إلى تحيين قائمة الأمراض المهنية وتجهيز وتوفير المعدات الصحية وتجهيزات السلامة الصحية، ووضع تدابير تحفيزية لفائدة الممارسين الأخصائيين لضمان تغطية صحية عادلة على مستوى مناطق الجنوب والهضاب العليا، وتمكين مستخدمي قطاع الصحة من الاستفادة من التقاعد المسبق بالنظر إلى مشقة العمل في هذا المجال.
ودعا الخبراء والمشاركون في المؤتمر إلى ترشيد الإنفاق الصحي، بما في ذلك مراجعة أساليب تغطية تكاليف علاجات الأجانب المقيمين وغير المقيمين، وإنشاء صناديق مالية خاصة للتكفّل بالنفقات الغير متوقعة والمنجرّة عن الأزمات الصحية، ورقمنة مسار المواد الصيدلانية، ومراجعة حركة المنتجات الصيدلانية في المستشفيات، ورفع المخصّصات المالية الموجّهة للصيدليات والتجهيزات الطبية حسب الأنشطة الطبية، وتطوير اليقظة الدوائية بما يضمن الحدّ من الاستخدام العشوائي للأدوية، ومراجعة القانون الذي ينظم فتح الصيدليات الخاصة وتحويلها وغلقها وتحديد شروط ممارسة مهنة الصيدلي من الناحية التنظيمية. إضافة إلى تطوير الثقافة الصحية في أوساط المواطنين، وإدماج التربية الصحية في مناهج مختلف الأطوار التعليمية.
وحافظ قطاع الصحة في الجزائر على مستوى مرتفع في الموازنة السنوية لعام 2022، حيث يمثّل ثالث أكبر موازنة في البلاد، بعد قطاعي الدفاع والتربية، على الرغم من الضائقة المالية التي تعيشها الجزائر نتيجة تراجع عائدات النفط.
ووصلت مخصّصات قطاع الصحة إلى حدود 3.1 مليارات دولار أميركي، بانخفاض طفيف مقارنة مع موازنة العام المنقضي 2021، لإسناد القطاع والسماح بمواجهة تداعيات الأزمة الوبائية وتفشي وباء كورونا، إضافة إلى إعادة رفع التجميد عن جملة من مشاريع إنجاز مستشفيات وتجهيزها.