قال مصدر طبي في محافظة السويداء، لـ"العربي الجديد"، إن أكثر من 45 إصابة بمرض الجرب المعدي سُجلت بين الأطفال في مخيمات النازحين ببلدة "عرى" الواقعة في الريف الجنوبي للمحافظة جنوب سورية، مشيراً إلى أن هذا العدد قابل للارتفاع بسبب إمكانية الانتشار السريع للعدوى في المخيم وخارجه، نتيجة سوء العناية الصحية وضعف إمكانات العلاج والمتابعة.
وحذر المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، من سوء الواقع الحالي القابل للتطور بفصل الشتاء نتيجة عدم وجود أي مقومات للرعاية الصحية.
ويقطن في مخيمات "عرى" أكثر من 250 عائلة نازحة، معظمها من مناطق الحسكة والرقة والبوكمال في الشمال السوري. كما يتردد على المخيمات ما يقارب 300 عائلة تعيش في بيوت للإيجار في البلدة عرى المجاورة لها، حيث نزح جزء منها قبل العام 2010 للعمل في الأراضي الزراعية، ولحقتها عشرات العائلات بعد الحرب، لتستقر في أراض مستأجرة، تفتقر لأدنى مقومات الخدمات، فيما يعمل غالبية أفرادها، بمن فيهم النساء والأطفال، في الزراعة والرعي وأعمال فرز القمامة.
ويقول أحد أبناء محافظة دير الزور، لـ"العربي الجديد"، إنه فقد منزله وأحد أبنائه في الحرب، وكانت رحلة الهروب إلى السويداء مليئة بالتعب والمخاطر لأيام في البادية الشرقية، بقصد البحث عن الأمان بعدما هُدمت منازلهم واستولى أغراب على ما بقي منها، مشيراً إلى أنه يعمل في "عرى" مثل الكثيرين من أبناء المحافظة في المشاريع الزراعية، وجمع القمامة وفرزها وبيعها إلى ورش فرز البلاستك.
وأضاف: "أعيش مع زوجتي وابنتي في خيمة، نشتري مياه الشرب والغسيل ونستحم كل أسبوع تباعاً في الخيمة، لقد اعتدنا على هذه الحياة، بمرها اليومي، ولا سبيل للعودة إلى قرانا لعدم قدرتنا على بناء منازل من جديد".
الناشط الاجتماعي م. حمزة، من سكان بلدة "عرى"، قال إن المخيمات التي أُنشئت بشكل عشوائي في أرض ترابية تفتقر إلى الصرف الصحي وتمديدات المياه والكهرباء، وتغيب عنها كل الخدمات، ولا تقصدها المنظمات الإنسانية، إلا في الحالات الخاصة، كما هو الآن عندما ينتشر مرض معدٍ، أو الفرق الجوالة للتطعيم".
وأشار حمزة إلى أن غالبية القاطنين في الخيام يهملون أطفالهم بسبب العمل لساعات طويلة خارج المخيمات، حيث يوجد 262 طفلاً حتى عمر 12 سنة دون رعاية، على الرغم من إنشاء ناد بيئي خاص للأطفال من قبل أحد أبناء البلدة، حيث يهتم النادي بالتعليم والتغذية، ولكن القليل من العائلات النازحة ترسل أطفالها إليه.
ويؤكد أحد القاطنين في المخيمات أنه بعد انتشار مرض الجرب بنسبة تزيد عن 10% بين الأطفال، حضرت أحد الجمعيات الخيرية برفقة منظمة الهلال الأحمر السورية، واستدعت طاقما طبيا من مديرية الصحة، وبادر هؤلاء بأعمال تعقيم المخيم وعلاج المرضى، ولكن هذا لا يكفي في غياب المياه المصدر الأساسي للوقاية من الأمراض.
وأضاف أن مجمل المساعدات تأتي من جمعيات خيرية محلية على شكل ألبسة وأدوية وغذاء، أما المنظمات الدولية فحضورها قليل وبرفقة أمنية غالباً، ويصعب بحضورها شرح المعاناة والاحتياجات.
من جانبه، حذر الدكتور منير اللبان، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، من خطورة انتشار الأمراض والأوبئة في المخيم، ومنه إلى باقي الأماكن المجاورة، خاصة بوجود عدد من الطلاب في المدارس العامة، والكثير من العمال الذين يختلطون مع غيرهم، مطالبا بوجود عناية صحية دائمة وتوفير الخدمات الرئيسية في الحد الأدنى أسوة بباقي المواطنين، أو العمل لنقل هؤلاء النازحين إلى أحد التجمعات السكانية قبل بداية فصل الشتاء.