لم تفلح تدخلات الأحزاب اللبنانية في الانتخابات الطلابية بجامعة القديس يوسف (اليسوعية)، إحدى أعرق الجامعات اللبنانية الخاصة، كما لم تفلح لغة التخوين ومحاولات الترهيب والوعيد في إلغاء نتائج انتفاضة 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وتداعيات انفجار مرفأ بيروت، بل جاءت النتائج صادمة للأحزاب.
وانتهت الانتخابات التي استمرت أربعة أيام، بانتصار غير مسبوق للنادي العلماني الذي حصد 85 مقعداً من أصل 101 في 12 كلية، وتمكّن تحت شعار "حملة طالب"، من إحكام السيطرة للمرة الأولى على رئاسة مجالس فروع الطلاب في كل الكليات، ومنها كلية الحقوق، التي لطالما سيطر عليها حزبا القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية، وأطلقا عليها "قلعة البشير"، نسبةً إلى رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميل، بالإضافة إلى كلية الهندسة، التي كانت تُعتبر "القلعة المتينة" للتيار الوطني الحر، وهو حزب رئيس الجمهورية ميشال عون.
وعقد النادي العلماني، الجمعة، مؤتمراً صحافيّاً في ساحة الشهداء بوسط بيروت. وقال رئيس النادي، شربل شعيا: "اليوم الجامعات الخاصة، وغداً الجامعة الوطنيّة والنقابات والبلديّات والمجلس النيابي. انتصار اليوم هو بداية انتفاضة طلابيّة حقيقيّة، ونتيجة إرث نضالي لعقود. هذا النبض الثوري ليس جديداً على (اليسوعيّة) التي لم تكن يوماً قلعة لحزب أو زعيم، ولن تكون. الانتصار رسالة لكل أحزاب الطوائف بأنّها جامعتنا كلنا، وليست مساحة نفوذ لأي زعيم أو حزب أو طائفة".
وأوضح شعيا أنّ "انفجار بيروت جعلنا ندرك أنّ حياتنا أرخص من مصالح هذا النظام. نريد دولة علمانيّة ديمقراطيّة تكرّس الحريات والعدالة الاجتماعيّة، وتمنح الحقوق المشروعة للنساء، وتنهي كلّ الممارسات العنصريّة، دولة لامركزيّة تضمن فرص العمل والحياة الكريمة، دولة يُحاسب فيها المجرم والفاسد، لا دولة زبائنيّة، وعصابة تحمي بعضها لتنهب على أشلاء شعبها".
وأضاف رئيس النادي العلماني في المؤتمر أن "كون طلاب لبنان اليوم مشاريع بطالة وهجرة، يجعلنا نسعى إلى تأسيس اتحاد وطني لطلاب لبنان لاستعادة دورهم في الحياة السياسيّة، كما سنطلق مؤتمراً وطنيّاً لجميع طلاب لبنان، من أجل رسم خريطة طريق لمواجهة السلطة، كي نقول إنّ صوتنا سيبقى عالياً، وسنسترجع مستقبلنا، لأنّ الغد لنا".
وشهدت الانتخابات الطلابية على مدار يومين، توترات واشتباكات بالأيدي والعصي والأدوات الحادّة، وإطلاق شعاراتٍ طائفية وتحريضية بين طلاب من "القوات اللبنانية" وآخرين من "حزب الله"، ما أدّى إلى عدد من الإصابات، وتوقيف بعض الطلاب في حرم كلية العلوم الاجتماعية في بيروت، المعروف تاريخيّاً بأنه معقل التحركات الطلابية السياسية.
وتأتي نتائج انتخابات "اليسوعية" عقب فوز كاسح للنادي العلماني في الجامعة الأميركية في بيروت، بعد انسحاب الأحزاب، علماً أنّ المستقلين حقّقوا فوزهم الأول هذه السنة في الجامعة اللبنانية الأميركية، وتمكّنوا من خلق حركة مستقلة لأول مرة في جامعة رفيق الحريري.