التقسيط لا يحل مشكلة فقراء غزة

13 يناير 2023
يلجأ كثيرون إلى شراء الأجهزة الكهربائية بالتقسيط (محمد الحجار)
+ الخط -

تزداد حاجة الغزيين إلى الأجهزة الكهربائية بشكل عام وأجهزة التدفئة بشكل خاص لمواجهة برد الشتاء. ويجد البعض الكثير من العقبات المالية لتأمين احتياجاتهم، وخصوصاً أجهزة التدفئة والأغطية وغيرها. وفي ظل الظروف المعيشية الصعبة، لا بديل عن التقسيط في أحيان كثيرة. إلا أن التقسيط لا يحل المشكلة تماماً، إذ إن الكثير من الغزيين لا يتقاضون رواتبهم بانتظام من المؤسسات الرسمية، أو المساعدات المالية المنتظمة من وزارة التنمية الاجتماعية التابعة للسلطة الفلسطينية في رام الله، ما اضطر هؤلاء إلى إرجاء مواعيد تسديد الأقساط. 
مرّ أكثر من عام على انتظار مصطفى مؤمن (48 عاماً)، صرف المخصّصات المالية من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، وقد تأثرت عائلات عدة من جراء التأخير، وخصوصاً الأشد فقراً. يرغب مصطفى في تسديد أقساط أدوات كهربائية اشتراها من أحد المحال التجارية في حي الشيخ رضوان، وقد وقّع على أوراق تفيد بأن موعد التسديد هو كل ثلاثة أشهر.
مصطفى مؤمن عاطل من العمل منذ عشر سنوات وهو مصاب بمرضي الربو والسكري، يقول لـ"العربي الجديد": "تعرضت لتهديد بإدخالي السجن من قبل صاحب محل الأدوات المنزلية أكثر من مرة. ووصلني إنذاران من قبل شرطة الشيخ رضوان من أجل التسديد، لكنني عاجز عن ذلك. في إحدى المرات صدر بحقي قرار بالسجن، لكن الشرطة لم تسجني وطلبت مني البحث عن وسيلة للسداد، وما زلت أنتظر الحصول على المخصصات المالية من قبل وزارة التنمية الاجتماعية".
أما صخر الأقرع (51 عاماً)، فكان قد اشترى في سبتمبر/ أيلول العام الماضي فرن غاز وثلاجة وجهاز تدفئة بالتقسيط، كما حاول دفع رسوم الجامعة لابنيه بالتقسيط، لكنه لم ينجح لأنه موظف تابع للسلطة الفلسطينية في رام الله، وفي الوقت الحالي يسدد قرضاً مصرفياً حصل عليه قبل عامين بهدف تسجيلهما في الجامعة. ويقول الأقرع لـ"العربي الجديد": "نفتقر للسيولة وهذه مشكلة عامة. الفقير والموظف وغالبية الناس في غزة لا يشترون إلا بالتقسيط في الوقت الحالي. نظام التقسيط انتشر من أجل ضمان الأرباح من المواطنين في وقت زمني معين بدلاً من بيع البضائع على مدار عام كامل. ونحن الضحايا للأسف، لكن ما باليد حيلة".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويضطر الغزيون، منهم موظفو السلطة الفلسطينية وغيرهم من الموظفين التابعين لحكومة غزة، إلى شراء أدوات كهربائية منزلية أساسية، بعضها لمواجهة البرد في فصل الشتاء أو الحر في فصل الصيف، بنظام التقسيط، لكنهم يجبرون على دفع الأقساط بحسب السعر المعلن من الشركات، أي بزيادة قدرها نحو 20 في المائة بالمقارنة مع السعر في أسواق الجملة.

عادة ما يكون البرد شديداً في شتاء غزة (محمد الحجار)
عادة ما يكون البرد شديداً في شتاء غزة (محمد الحجار)

من جهته، يقول صاحب محل الهسي للأدوات الكهربائية إن غالبية الناس الذين يأتون للشراء من محله في حي الزيتون يطلبون التقسيط، لافتاً إلى أنه يعجز عن البيع نقداً في الوقت الحالي. قبل عامين كان يبيع نقداً فقط إلا أنه واجه كساداً كبيراً، مشيراً إلى أنه يواجه مشاكل عدة للحصول على المال من الزبائن، والبعض الآخر يضطر إلى تقديم شكاوى للشرطة من أجل إلزام الناس بالسداد.

تعجز عائلات عن سداد أقساط الأجهزة الكهربائية التي اشترتها (محمد الحجار)
تعجز عائلات عن سداد أقساط الأجهزة الكهربائية التي اشترتها (محمد الحجار)

يُذكر أن بعض الناس يشترون أدوات كهربائية وغيرها ويبيعونها في ظل عدم توفر المال وغياب مؤسسات للإقراض من دون فرض شروط كثيرة. إلا أن الأزمة التي يواجهونها هي التي تدفع الناس إلى ذلك، ويشير إلى أن أكثر من 5 زبائن من الذين باعهم أدوات كهربائية بالتقسيط عمدوا إلى بيعها. 

شكاوى وضبط حالة التقسيط
ودفعت أزمة التقسيط وزارة الاقتصاد الوطني إلى إصدار لوائح وقوانين تنظم عملية البيع في الأسواق، بناءً على تنسيب من الوزارة واعتماد من لجنة العمل الحكومي لتنظيم عملية البيع والشراء بنظام التقسيط، وأصدرت القرار رقم 73 للعام 2022 بشأن نظام البيع بالتقسيط. يقتضي القرار عدم إجازة زيادة نسبة الزيادة في المبلغ المُقسّط عن 5 في المائة سنوياً، وكحد أقصى عن 30 في المائة مهما بلغت سنوات التقسيط.

قلة تشتري أجهزة كهربائية نقداً (محمد الحجار)
قلة تشتري أجهزة كهربائية نقداً (محمد الحجار)

ويقول مدير عام الشؤون القانونية في وزارة الاقتصاد يعقوب الغندور إن الهدف من القرار ضبط الحالة الاقتصادية التي تهتم بحركة البيع والشراء وتقليل الاستغلال في التقسيط بسبب حاجة المواطنين لشراء الأجهزة المختلفة، وهي من المشاكل المتفاقمة بعد الحصار الإسرائيلي على غزة وحالة الفقر المرتفع، ويوضح في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "المواطنين يلجأون إلى التقسيط بسبب ضعف السيولة والأوضاع الاقتصادية الصعبة. وهناك الكثير من عمليات التقسيط التي يزيد سعرها عن النقدي بنسبة 100 في المائة، ويضطر المواطنون إلى شرائها بسبب الحاجة الملحة، وفي ذلك استغلال. لذلك، ربطنا الأمر بالقانون. ونتيجة الفقر، يبحث الناس عن أي طريقة لتأمين احتياجاتهم".

المساهمون