التعليم العالي التركي وحصاد الكارثة

17 ابريل 2023
تضرّرت عدد من جامعات تركيا في الزلزال (عمر أورو/الأناضول)
+ الخط -

تحولت المدن والمباني والمرافق الجامعية في المدن التركية التي تعرضت للزلزال إلى مراكز إيواء لعشرات ألوف الناجين من الكارثة، وهو ما من شأنه أن ينعكس على التدريس في هذه المؤسسات، سواء كانت عامة أو خاصة. 
لجأت السلطات إلى إعلان الإقفال، ثم دعوة الطلاب الجامعيين إلى إخلاء مساكنهم، لكن إبلاغ الطلاب بأن التدريس سيتم "أون لاين" خلال الفصل الدراسي الثاني، لا يعني بأي حال أنه سيحقق ممارسة الحياة الأكاديمية للطلاب والأساتذة على نحو طبيعي، طالما أن هناك عشرات الاختصاصات التي تتطلب أكثر من قاعات التدريس الحضوري المباشر، بل توافر مراكز أبحاث ومختبرات ومراكز تدريب ومكتبات، وغيرها من التجهيزات التي باتت لصيقة بالحياة الجامعية.
ولا شك أن الفصل الدراسي الثاني من عام 2022- 2023، سيكون أكثر تأثراً مما سبقه، بالنظر إلى ما فرضته الكارثة من أحكام، قضت بداية بتأجيل الدراسة لأسبوع، ثم أسبوعين في عموم البلاد، قبل أن تواصل الولايات الدراسة على نحو عادي، بينما ظلت الدراسة معطلة في الولايات المنكوبة.
لا شك أن قطاع التعليم الجامعي هو أحد القطاعات الرئيسية في البلاد، بالنظر إلى تنوعه، وما يرافقه من عملية جذب، سواء من داخل تركيا أو خارجها. وتشير الإحصاءات المتوفرة من مجلس التعليم الأعلى إلى وجود 208 جامعات ومعاهد عليا تتبع مباشرة الدولة والمؤسسات الخاصة والأوقاف، وتمارس هذه المؤسسات مئات الاختصاصات في العلوم الإنسانية والعلمية.
ومن المعلوم أن الجامعات التركية بالنظر إلى المزايا التي تتمتع بها البلاد كصلة بين آسيا وأوروبا من جهة، وكمكان ملائم للعيش، دفعت بالألوف من الأهالي إلى تسجيل أبنائهم في مؤسساتها الجامعية.
تجتذب الجامعات والمعاهد عشرات الألوف من الطلاب الأجانب الذين يدرسون فيها بالإنكليزية أو التركية، وارتفع عدد طلابها تباعاً، ووفقاً لأرقام العام الماضي، هناك نحو 7.6 ملايين من طلبة التعليم العالي في تركيا، والمؤكد أن تواتر الأخبار عن أخطار زلزالية محتملة في المستقبل من شأنه أن يؤثر في إقبال الطلاب الوافدين، كما أن قرار التعليم عن بعد يؤثر في اختيارات عدد كبير من الطلاب الذين يفضلون الحضور الصفي، باعتباره أكثر مردوداً من الإلكتروني.

موقف
التحديثات الحية

وتفيد الإحصاءات بأن عدد مباني السكن الجامعي يناهز 800 مبنى في عموم تركيا، وهي تضم نحو 850 ألف سرير، وأغلبها تركها الطلاب للنازحين من المناطق المدمرة، كإجراء اضطراري للتخفيف من آثار الكارثة التي تعرضت لها المساكن في المناطق المتضررة.
يمكن القول إن الزلزال أعاد التعليم خطوة إلى الوراء، إلى زمن كورونا، حيث التدريس عن بُعد، من دون أن ينجح في تغطية اختصاصات تتطلب وجود الأستاذ مع طلابه في قاعة المحاضرات أو المختبر أو المستشفى أو مؤسسات الإنتاج.
ومما لا شك فيه أن الحكومة التركية اندفعت نحو استعمال السكن الجامعي بدل الخيام في عمليات الإيواء لتخفيف العبء المادي عن كاهلها، نظراً للكلفة التي تتجاوز تأمين السكن، إلى الطعام والكساء والطبابة، وغيرها، وكلها نفقات لها الأولوية، مثل إعادة بناء ما تدمر من بيوت ومنشآت.

(باحث وأكاديمي)

المساهمون