البهجة تغيب عن أحد الشعانين في فلسطين وسط الحرب على غزة

28 ابريل 2024
أحد الشعانين في كنيسة القيامة بالقدس المحتلة، 28 إبريل 2024 (سعيد القاق/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في ظل الحرب على غزة، اقتصرت احتفالات أحد الشعانين في فلسطين على الشعائر الدينية داخل الكنائس، معبرة عن التضامن مع الوضع في غزة وغياب مظاهر الفرح العامة.
- الطوائف المسيحية، بما في ذلك الروم الأرثوذكس، ألغت الاحتفالات الخارجية ليس فقط لأحد الشعانين بل وللجمعة العظيمة وعيد الفصح، مؤكدة على الأمل في السلام واستقلال فلسطين.
- على الرغم من القيود الإسرائيلية، استمر الفلسطينيون في بيت لحم ومناطق أخرى بإحياء الشعائر الدينية والعروض الكشفية المحدودة، معبرين عن تضامنهم وأملهم في السلام من خلال الصلاة.

غابت مظاهر الفرح عن احتفالات أحد الشعانين في فلسطين الذي احتفلت به الطوائف المسيحية التي تتّبع التقويم الشرقي اليوم، تماماً كما كانت الحال في أحد الشعانين الذي احتفلت به الطوائف المسيحية التي تتّبع التقويم الغربي في 24 مارس/ آذار الماضي، وذلك وسط الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المتواصلة لليوم 205، في حين شدّد المسؤولون الدينيون على ضرورة وقف العدوان على الفلسطينيين في القطاع المحاصر.

واكتفى الفلسطينيون المسيحيون بالاحتفال بالشعائر الدينية في قداديس أحد الشعانين أو أحد السعف، لتختفي أجواء البهجة التي اعتادوها في مثل هذه المناسبة، علماً أنّها مناسبة للفرح يشارك فيها الأطفال عادةً بثيابهم الجديدة فيما يحملون الشموع المزيّنة ويسيرون في مواكب إلى جانب أهلهم وسواهم من المؤمنين، وذلك في استعادة لدخول السيد المسيح إلى مدينة القدس. كذلك، من المتوقّع أن تغيب المظاهر الاحتفالية الأخرى الخاصة برزنامة مناسبات الأسبوع الأخير من الصوم الكبير الذي ينتهي بعيد الفصح أو أحد القيامة في الخامس من مايو/ أيار المقبل.

في هذا الإطار، أوضح راعي أبرشية طائفة الروم الأرثوذكس الأب إلياس عواد في رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة لـ"العربي الجديد" أنّ "الطوائف المسيحية اتّخذت قراراً بإلغاء كلّ مظاهر الاحتفالات بأعيادها، واقتصارها فقط على الشعائر الدينية في نطاق الكنائس". وأضاف أنّ ذلك يشكل إلى جانب أحد الشعانين في فلسطين احتفالات "الجمعة العظيمة وسبت النور وعيد الفصح، تضامناً مع قطاع غزة والوضع المأساوي فيه". وبيّن عواد أنّ "إلغاء الاحتفالات هذا العام أتى رسالة إلى العالم مفادها أنّ لا حرية من دون الحرية في قطاع غزة، وأنّ لا بدّ من وقف الحرب على قطاع غزة"، معبّراً عن "أمل بذلك، وبأن نحتفل في دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس".

وتابع عواد أنّ لا مظاهر احتفالية مبهجة سُجّلت هذا العام بمناسبة أحد الشعانين في فلسطين الذي حلّ اليوم، شارحاً أنّ "لا مسيرات كشفية ولا احتفالات ولا زينة، فقط صلوات وشعائر دينية في داخل الكنائس". وأوضح أنّ "ما ينغّص علينا احتفالاتنا هو الاحتلال، ونحن نأمل أن تكون فلسطين حرّة وأن يعمّ السلام والمحبة". ولفت عواد إلى رسالة توجّهها الطوائف المسيحية إلى العالم، إذ تدعوه إلى "التضامن مع القضية الفلسطينية"، بالإضافة إلى العمل على "وقف الحرب على قطاع غزة فوراً". وشدّد على أنّ "من حقّ أهالي قطاع غزة أن يعيشوا من دون قصف وقتل، ولا بدّ من إقامة دولة فلسطينية فنعيش بحريّة أسوة بكلّ (شعوب) دول العالم".

وكما غابت المظاهر الاحتفالية عن رام الله بمناسبة أحد الشعانين في فلسطين كذلك الأمر في مناطق أخرى من الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس المحتلة. وبدت الصورة مشابهة في رعايا بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور وجنين التابعة للطوائف الأرثوذكسية من الروم والسريان والأرمن والأقباط والأحباش، واقتصرت على قداديس في الكنائس.

أحد شعانين حزين في بيت لحم

وفي بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، اقتصرت احتفالات أحد الشعانين على الشعائر الدينية في الكنائس وعدد من العروض الكشفية في ساحة كنيسة المهد، فيما اختفت مظاهر البهجة الأخرى المعتادة في هذه المناسبة التي تحلّ في الأحد الأخير الذي يسبق أحد القيامة الذي يُحتفل في خلاله بعيد الفصح، وذلك على خلفية الحرب الإسرائيلية المدمّرة والمستمرّة على قطاع غزة.

في هذا الإطار، بيّن كاهن رعية الروم الأرثوذكس في بيت لحم الأب عيسى ثلجية، لوكالة الأناضول، أنّ "الاحتفالات اقتصرت على الشعائر الدينية والصلوات". وأضاف: "صلّينا لكلّ الناس"، شارحاً "للشهداء والمكلومين والجرحى". وأشار إلى تأثّر الاحتفالات بهذه المناسبة بالإجراءات المشدّدة التي اتّخذتها سلطات الاحتلال التي تمنع وصول فلسطينيي الضفة الغربية إلى مدينة القدس. وتابع مستهجناً: "في القدس مكان الشعانين... الأصل أن تكون احتفالاتنا في القدس. لكنّ الظروف الصعبة تمنع إصدار تصاريح دخول (إسرائيلية) إلى المدينة، فأتت الاحتفالات في داخل الكنائس ورُفعت الصلوات من أجل السلام والمحبة".

من جهته، قال رئيس بلدية بيت لحم أنطون سلمان لوكالة الأناضول إنّ "غياب مظاهر الاحتفال في المدينة أتى نتيجة تصعيد إسرائيل وحربها على قطاع غزة". وبيّن أنّ "بيت لحم حزينة"، موضحاً أنّ "لا زوّار ولا سيّاح من الخارج، ولا نزلاء في الفنادق، إلى جانب ركود في الحركة التجارية".

يُذكر أنّه أسوة بالمناسبات الدينية الإسلامية، تفرض قوات الاحتلال الإسرائيلي قيوداً مشدّدة على دخول الفلسطينيين المسيحيين من الضفة الغربية إلى مدينة القدس للمشاركة في مناسباتهم الدينية. فالقوات المتمركزة عند حواجز في محيط المدينة، تمنع دخول أهالي الضفة الغربية إلا في حالات استثنائية. وكانت الطوائف المسيحية باختلافها قد أعلنت، منذ عيد الميلاد في نهاية عام 2023، أنّ احتفالات الأعياد سوف تُقتصَر على الشعائر الدينية، في تعبير عن التضامن مع الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر والمستهدف.

المساهمون