"لا يمكن أن يفترس كلبي أحداً. إنّه أليف ويؤنس وحشتي في البيت". بهذه الكلمات أبدت الشابة الثلاثينية آيناز اعتراضها على اقتراح في البرلمان الإيراني لحظر اقتناء الحيوانات الأليفة وتلك غير الأليفة. تضيف في حديثها لـ"العربي الجديد"، لدى تنزهها مع كلبها في حديقة "ميعاد" غربي العاصمة طهران: "ربّى والدي قطاً أيضاً في البيت، ولا يمكنه العيش من دونه، وأنا أتمنى رفض مشروع القانون وعدم إقراره".
وكان 75 نائباً قد قدموا مشروع القرار قبل أكثر من شهر، لكنّه لم يُناقَش في جلسة رسمية حتى الآن، وسط توقعات باحتمال تعديله أو رفضه إذا لم يُسحب من التصويت.
وينص مشروع القانون على حظر امتلاك حيوانات مثل الكلاب والقطط والأرانب التي يدرجها ضمن قائمة "الحيوانات الوحشية وغير التقليدية والضارّة والخطرة"، التي واجهت انتقادات، لكن داعمي المشروع يصرّون على ضرورة الحدّ من انتشار ثقافة اقتناء الحيوانات الأليفة، باعتبارها نموذجاً للثقافة الغربية.
ويحظر المشروع استيراد الحيوانات وتوزيعها وتربيتها وبيعها وشراءها ونقلها، واصطحابها مشياً أو عبر وسائط نقل والاحتفاظ بها، ويحدد أنواع هذه الحيوانات بأنها التماسيح والسلاحف والثعابين والسحالي والقطط والفئران والأرانب والكلاب، مطالباً بفرض غرامة مالية تراوح بين 1500 و4500 دولار على مالكي الحيوانات ومصادرتها.
ويستثني مشروع القرار من إجراءات الحظر منظمة الهلال الأحمر والقوات المسلحة والشرطة والمختبرات العلمية، ويسمح لسكان القرى بامتلاك كلاب للحراسة.
ويوضح مشروع القانون أن آلية اقتناء الحيوانات تشمل تقديم طلب إلى النيابة العامة التي تدرسه بالتنسيق مع مسؤولي المدن. ويلزم مكاتب العقارات بإدراج حظر امتلاك هذه الحيوانات في عقود الإيجار، مشيراً إلى أنّ اقتناء المستأجرين هذه الحيوانات يعرضهم لغرامة مالية بين 1500 و4500 دولار.
ويمنح مشروع القانون السكان حق رفع دعاوى أمام المحاكم ضد امتلاك جيرانهم حيوانات أليفة، ويُلزم السلطة القضائية بالبت فيها من دون كشف هوية من رفع الدعاوى، ويفرض غرامة مالية على سائقي السيارات التي تنقل حيوانات، ويمنعهم من استخدامها لمدة ثلاثة أشهر.
وواجه مشروع القانون كمّاً هائلاً من التعليقات الغاضبة من إيرانيين ومدافعين عن حقوق الحيوانات أطلقوا هاشتاغ بعنوان "حماية حقوق المواطنين ضد الحيوانات الضارّة والخطيرة". وقال أحدهم: "لم يتخيل الأرنب يوماً أنّه حيوان مضرّ وخطر" وطرح بعضهم أسئلة من قبيل: "هل شاهدتم قطاً يفترس إنساناً؟"، وأيضاً "ما ذنب قطي؟"، و"هل تمزحون؟".
وأطلق مدافعون عن حقوق الحيوانات وناشطون حملات افتراضية، وناشدوا رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، عدم تجريم امتلاك حيوانات أليفة مثل الكلاب والقطط، والتدخل لمنع إقرار المشروع واستبداله بالتصديق على مشاريع تحدد الأطر الصحيحة والتخصصية لاقتناء الحيوانات وتربيتها، والتي تأخذ آراء الخبراء في الاعتبار.
لكنّ إيرانيين آخرين أيدوا المشروع، وطالبوا السلطات بوضع قوانين لاقتناء الحيوانات في البيوت والشوارع والمتنزهات، "لتجنب الإزعاجات التي تسببها، خصوصاً الكلاب في العمارات السكنية".
في السياق، يشكو أبو الفضل الذي يملك متجراً لبيع الألبسة غربي طهران، من "اصطحاب أشخاص كلاباً مخيفة مسعورة قد تهاجم المارة في أية لحظة، وهو ما حصل فعلاً". ويدعو في حديث لـ"العربي الجديد" السلطات إلى حظر اقتناء هذه الكلاب، وتغريم أصحابها، ويقول: "من الأفضل السماح باقتناء كلاب عادية وقطط بعدما أصبح ذلك ثقافة حياة عند البعض. وأنا لا أحب تربية الحيوانات وسجنها في البيوت، لكنني أحترم من يرغب في ذلك".
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ إقرار مشروع قانون حظر الحيوانات الأليفة سيطيح آلاف الأعمال المرتبطة بتربيتها وبيعها وشرائها وتوفير علاج بيطري لها.
على طريق أزادغان السريع، جنوبي طهران، يوجد سوق للطيور يتحول الجمعة إلى سوق عام يضم كلّ أنواع الحيوانات الأليفة وغير الأليفة. ويقول علي رضا، الذي يبيع ويشتري الحيوانات والطيور في هذا السوق، لـ"العربي الجديد": "أزاول هذه المهنة منذ أكثر من 7 سنوات، وقد سمعت عبر أحد أصدقائي بوجود اقتراح في البرلمان لحظر اقتناء الحيوانات وبيعها وشرائها، لكنّني لم أتعامل مع الموضوع بجدّية". يضيف: "الإيرانيون يملكون حنكة إيجاد مخارج للالتفاف على القوانين. نعم قد تحارب القوانين مظاهر اقتناء الحيوانات الأليفة ووجودها في الأسواق والسيارات، لكننا سنجد وسيلة لبيعها وشرائها".