استمع إلى الملخص
- تتفاقم معاناة النازحين بسبب غرق خيامهم بمياه الأمطار، مع نقص حاد في المياه والغذاء والمستلزمات الأساسية، وسط دعوات للمجتمع الدولي للتحرك الفوري.
- أصدرت السلطات المحلية إرشادات لتجنب مخاطر البرد، لكن النازحين يظلون يعانون من نقص الأغطية والملابس الثقيلة ووسائل التدفئة، مع استمرار الهجمات الجوية.
بعد استهدافهم قصفاً وقنصاً وحرقاً، يُواجه النازحون الفلسطينيون في قطاع غزة خطر الموت نتيجة موجات الصقيع التي تجتاح خيامهم مع دخول فصل الشتاء والنقص الحاد في المستلزمات الأساسية. فخلال الأيام القليلة الماضية، توفي 5 أشخاص معظمهم من الأطفال نتيجة البرودة الشديدة داخل الخيام التي لجؤوا إليها بعدما دمرت إسرائيل أغلب منازلهم.
وللعام الثاني على التوالي، يقضي النازحون فصل الشتاء داخل خيام مصنوعة من القماش والنايلون، ما سبّب اهتراءها حتى أصبحت غير صالحة للاستخدام. ومع انعدام توفر وسائل التدفئة، عانى النازحون داخل الخيام مضاعفات صحية كألم في العظام والمفاصل ونزيف الأنف.
وفجر اليوم السبت، غرقت العشرات من خيام النازحين بمياه الأمطار الغزيرة التي هطلت على القطاع بالتزامن مع منخفض جوي جديد. وأفاد شهود عيان لوكالة الأناضول بأنّ الرياح العاتية المصاحبة للمنخفض الجوي سبّبت تضرر خيامهم وتطاير بعضها. وقالوا إنّ الخيام تحولت مع دخول فصل الشتاء إلى ثلاجات حيث تفشل كل محاولات تدفئتها بالطرق التقليدية والخطيرة بإشعال النيران.
مشاهد توثق تطاير عدد من خيام النازحين في قطاع غزة؛ جراء الرياح العاتية. pic.twitter.com/sOV2qxcdSR
— القسطل الإخباري (@AlQastalps) December 28, 2024
إلى جانب ذلك، يواجه النازحون مأساة أخرى تتمثل بغرق خيامهم ومستلزماتهم القليلة المتوفرة لديهم بمياه الأمطار ما يضاعف من معاناتهم التي خلفتها الإبادة الجماعية المتواصلة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. ويتركز وجود هؤلاء النازحين في منطقة المواصي الممتدة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من جنوب مدينة دير البلح وسط القطاع وحتى شمال مدينة رفح جنوبي القطاع.
هذه المنطقة المقدرة بخمس مساحة قطاع غزة، لجأ إليها على مدار أشهر الإبادة أكثر من مليون و700 ألف نازح فلسطيني، وفق معطيات نشرتها منظمة المساعدة الإنسانية الدولية "أوكسفام" في يونيو/ حزيران الماضي. وعانى النازحون في هذه المنطقة الرملية ظروفاً معيشية صعبة للغاية وسط نقص إمدادات المياه والغذاء ومستلزمات الحياة الأساسية. وبحسب تقديرات المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن عدد النازحين في قطاع غزة بلغ نحو مليونين من أصل 2.4 مليون يقطنون في القطاع.
اهتراء 81% من الخيام في قطاع غزة
وقالت حكومة قطاع غزة، إن إسرائيل تسبّب أزمة إنسانية مأساوية تُهدد بموت آلاف النازحين بعد اهتراء 110 آلاف خيمة تزامناً مع موجات الصقيع الشديدة. وأضاف المكتب الإعلامي الحكومي في بيان السبت: "من جديد يتسبب الاحتلال بأزمة إنسانية مأساوية جديدة تُهدد بموت آلاف النازحين بعد اهتراء 81% من خيامهم بالتزامن مع دخول فصل الشتاء وموجات الصقيع الشديدة". وأوضح أن النازحين يعيشون "ظروفاً قاسية تسببت خلال الأيام الماضية بوفاة خمس حالات بسبب شدة البرد ونتيجة تدمير الاحتلال للقطاع الإسكاني".
وذكر أنّ نحو مليون نازح يعيش منذ أكثر من "سنة كاملة في خيام مصنوعة من القماش، والتي أصبحت الآن غير صالحة للاستخدام بفعل عوامل الزّمن والظّروف الجوية". وبيّن أن نحو 110 آلاف خيمة من أصل 135 ألفاً أصبحت خارج الخدمة، أي ما نسبته "81% من الخيام تدهورت بشكل كامل". وأرجع المكتب الحكومي الأوضاع الكارثية في القطاع إلى "جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي الذي دمر مئات آلاف المنازل لهؤلاء المواطنين بشكل كامل، ما دفعهم للجوء إلى العيش في خيام تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الكريمة".
وندد باستمرار الأزمة الإنسانية في القطاع وتعمقها وسط عدم وجود خطوات عملية من المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والأممية لتجاوزها. وطالب "المجتمع الدولي بالتَّحرك الفوري وممارسة دوره الفعلي للضغط على الاحتلال لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ووقف ممارساته العدوانية وضمان توفير الدعم اللازم لإغاثة المتضررين وفي مقدمة ذلك توفير مأوى لكل أسرة فلسطينية".
كما ناشد الدول العربية والإسلامية وجميع الجهات الإنسانية والدولية بـ"ضرورة التحرّك العاجل لإنقاذ المدنيين في قطاع غزة، وتوفير الاحتياجات الأساسية لهم من مأوى، وغذاء، ودواء، بما يضمن كرامتهم الإنسانية ويحفظ أرواحهم من برد الشتاء وموجات الصقيع الشديدة".
تجنب مخاطر البرد
بدوره، نشر الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة إرشادات للنازحين لتجنب مخاطر البرد الشديد خاصة على الأطفال والمرضى وكبار السن داخل الخيام ومراكز الإيواء. وقال الدفاع المدني في بيان مساء أمس الجمعة: "تتوقع الأرصاد الجوية أن يشهد الطقس في الأراضي الفلسطينية انخفاضاً في درجات الحرارة وتكون الأجواء شديدة البرودة هذه الأيام تبدأ مساء الجمعة، يتخللها هطل للأمطار يوم الاثنين القادم".
ودعا النازحين إلى "وضع ضمادات دافئة على أطراف الجسم كاليدين والقدمين، والعمل على احتكاكها ببعضها بين الفينة والأخرى، ومتابعة حرارة أجسام الأطفال باستمرار". وحثهم أيضاً على "بذل التمارين الخفيفة بما يساعد على توليد الطاقة وتوازن الحرارة في الجسم"، إلى جانب وضع وشاح قطني على الأنف والفم والرقبة لمنع دخول الهواء البارد للجسم.
وأضاف إلى تعليماته للنازحين، ضرورة "الاهتمام بتغطية الخيمة أو المكان الذي تقيم فيه بشكل جيد، ووضع صفائح من الكرتون تحت الأفرشة وعلى جوانب الخيام، للمساعدة على امتصاص البرودة". وحذر من إشعال النيران داخل الخيام وغرف الإيواء المغلقة لتفادي مخاطر اندلاع الحرائق أو حوادث الاختناقات التي تؤدي إلى الوفاة.
ويعاني النازحون نقصاً في الأغطية والملابس الثقيلة ووسائل التدفئة التي يحتاجون إليها في مواجهة البرودة الشديدة. تأتي هذه المعاناة وسط استمرار الهجمات الجوية التي تستهدف النازحين في خيامهم ما يسبب استشهاد وإصابة العشرات منهم.
(الأناضول، العربي الجديد)