الاستثمارات في الأردن: قطاع واعد أم بيئة طاردة؟

12 نوفمبر 2014
الاستثمارات في الاردن تواجه مصاعب(جمال نصرالله/فرنس برس/getty)
+ الخط -
تطور النقاش أخيراً حول ازدياد الاستثمارات في الأردن. إذ يوجد من يعتبر أن السوق الأردنية واعدة، في المقابل ترتفع الشكاوى من البيئة الاستثمارية الطاردة.

محمد علاونة: الأردن يستقطب الاموال

يعتبر المحلل الاقتصادي الأردني، محمد علاونة، أن سوق الاستثمارات في الأردن واعدة، وقادرة على جذب الاستثمارات من المناطق المحيطة، نظراً للظروف السياسية القائمة. ويسعى هذا البلد ليكون قبلة أنظار المستثمرين الأجانب، نظراً للهدوء الأمني الذي يمتاز به مقارنة مع الدول المجاورة، والتسهيلات التي يمنحها للمستثمر. ويقول علاونة لـ "العربي الجديد": لا شك في أن منح إعفاءات وتسهيلات للقطاع العقاري من شأنه أن يجذب المزيد من المستثمرين. فالأردن يعد سوقاً واعدة سواء من ناحية الاستثمار الداخلي أو الخارجي وخاصة في القطاع العقاري. كما أن عمليات البيع والشراء تعد مزدهرة جداً، وذلك لأسباب عديدة تتعلق بالأجواء الإقليمية من ناحية، والأجواء الداخلية من ناحية أخرى، فالأردن يستفيد فعلياً من حالة عدم الاستقرار التي تعيشها المنطقة. لقد استفادت المملكة الأردنية بشكل واضح من الأحداث التي تسيطر على عدد من الدول المجاورة. هذه الأحداث أدت إلى هروب رؤوس الأموال من تلك الدول، واللجوء إليه، وقد تم ضخ الأموال الهاربة إلى الأردن في الدورة الاقتصادية وشغّلت العديد من القطاعات، لعل أبرزها القطاع العقاري. إذ شكلت السوق الأردنية طوال السنوات الماضية ملاذاً آمناً لرؤوس أموال سورية وعراقية ضخمة. وقد توجهت هذه المبالغ نحو السوق العقارية بشكل كبير. إلا أن الحروب المحيطة بالأردن، ليست السبب الوحيد لنمو حجم الاستثمارات في الأردن. إذ يوجد الكثير من العوامل المحلية التي ساهمت في تشجيع المستثمرين للتوجه نحو السوق الأردنية. مثلاً، تُعتبر أسعار الأراضي والعقارات في المملكة الأردنية الأدنى في المنطقة. ففي حين شهدت الأسعار ارتفاعات كبيرة خلال السنوات الماضية في دول الجوار، حافظت الأسعار في الأردن على ثباتها، ما جعل الفارق في الأسعار ملحوظاً. إضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة الأردنية على وضع العديد من التعديلات المهمة في قوانين وتشريعات تنعكس على الاستثمار. وهي تقوم بإرساء بيئة قانونية تتلائم والمرحلة الجديدة. هذا الموضوع سيساهم برأيي في جذب العديد من الاستثمارات الخارجية. كذلك أصدرت الحكومة، وستصدر خلال الفترة المقبلة، مشاريع قوانين جديدة تتعلق بالاستثمار بشكل عام، وبقطاع العقار بشكل خاص. وذلك نظراً لأهمية هذا القطاع في الاقتصاد الاردني، وقدرته على تحريك النمو والعجلة الاقتصادية بشكل عام. إضافة الى كل ذلك، هنالك توجهات مرتقبة بتقديم إعفاءات هامة لخدمة أصحاب الدخول المتدنية والمتوسطة لتملك مسكن في حال كانت المساحات صغيرة. الأمر الذي سيشجع رجال الأعمال والمقاولين للدخول بقوة في السوق العقارية، وسيساهم ذلك في تشجيع الاستثمار بشكل لافت في عمليات البناء وتحديداً في مجال السكن. وبالتالي فإن الأردن مقبل على مرحلة جديدة، سيكون عنوانها الاستثمار في القطاعات العقارية، وستكون الأردن محط أنظار المستثمرين، وستلقى السوق الأردنية رواجاً واهتماماً خلال الفترة المقبلة.

كمال عواملة: البيروقراطية أبرز العوائق

من جهة اخرى، يرى رئيس جمعية المستثمرين في قطاع الإسكان كمال عواملة انه لا وجود للبيئة الاستثمارية ضمن حدود العاصمة الأردنية، ويقول لـ "العربي الجديد": إجراءات ترخيص المباني والحصول على أذونات الإشغال للمباني الجديدة لا تستغرق أكثر من عدة أيام في المحافظات، بينما في عّمان تحتاج الى أربعة او خمسة أشهر. وسبب هذا التأخير هو سيطرة البيروقراطية على الإدارة، كما أن عدم إقرار قانون ضريبة الدخل الجديد يشكل عائقاً امام جذب المزيد من الاستثمارات العقارية مما سيؤثر على المنتج السكني. إضافة الى ذلك، يساهم تخفيض المساحات المعفاة من الضريبة التي لا تتجاوز مساحتها اكثر من 150 متراً مربعاً أو 120 متراً مربعاً من رسوم التسجيل، في ابطاء حركة النمو في القطاع العقاري. هذه الإرباكات دفعت المستثمر الأردني على سبيل المثال، إلى توجيه مشاريعه إلى الخارج. واذا اردنا الحديث بالأرقام، فقد بلغت استثمارات الأردنيين في الإمارات العربية المتحدة، اكثر من ملياري دولار. وفي تركيا 500 مليون يورو. وفي مصر 500 مليون دولار. وفي بريطانيا مثلاً وصلت قيمة الاستثمارات الاردنية إلى أكثر من 45 مليون جنيه استرليني. فيما قيمة الاستثمار المحلي داخل السوق الاردنية أقل من حجم المشاريع الأردنية الخارجية. هذا الأمر ساهم بخلق ركود اقتصادي في السوق المحلية الاردنية. والسبب الأساس هو نقص الإنتاج السكني عقب خروج العديد من المستثمرين من الاستثمار في القطاع، بسبب عدم جدوى الاستثمار فيه، خصوصاً في العاصمة عمان، التي من المفترض أن تكون محط الاستثمارات العقارية الكبرى. إذ غالباً ما تكون عواصم الدول محط أنظار رجال الأعمال، والمستثمرين الأجانب وحتى المحليين، الذين يسعون لضخ اموالهم واستثماراتهم في العاصمة. إلا أن هذه المعادلة معكوسة في الأردن، حيث إن العاصمة تحديداً تعاني من مشاكل كثيرة، اهمها البيروقراطية وغياب البيئة الحاضنة للاستثمارات. وهذا الأمر ينعكس سلباً على الاقتصاد وعلى المشاريع. وأعتقد أن الاستمرار بهذا النهج سيؤدي الى خسارة الاقتصاد الاردني، وبخاصة ان الاردن يحتاج الى استثمارات خارجية لتحريك عجلة النمو، وخلق فرص العمل. كما أنه من جهة ثانية، فإن التأخر في اقرار الأذونات والتراخيص للبناء، سيؤدي الى حدوث ازمة سكن في الاردن، التي بدأت أولى مظاهرها منظورة، ويُتوقع أن تفجر مستقبلاً، وسيؤدي ذلك حتماً الى ارتفاع الاسعار وظهور العشوائيات حول العاصمة. 

المساهمون