الاحتيال الإلكتروني في العراق ينتشر ودعوات لتتبع المتورطين

21 فبراير 2022
تستغلّ الظاهرة حاجة مواطنين للعلاج أو تأمين المعيشة (أليكس بوتر/Getty)
+ الخط -

تواصل ظاهرة الاحتيال الإلكتروني في العراق، الاتساع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتطاول مدنا عديدة، وهي تستغلّ حاجة مواطنين للعلاج أو تأمين المعيشة، كما يقوم البعض بتزييف قصص بهدف استدرار عطف المتابعين والتبرّع لهم.

يقول الناشطون إنّ الظاهرة أضرّت بحملات التبرّع الخيرية التي تستهدف شرائح عديدة داخل المجتمع، بسبب تشكيك المواطنين بكل مناشدة أو حملة مساعدة، إذ بات أغلبهم يفضّل التبرّع لحملات يشرف عليها أشخاص يعرفهم المتبرّع بشكل شخصي.

ولا تضع السلطات العراقية أي ضوابط فيما يتعلق بمثل هذا النوع من الحملات، باستثناء تلك التي تنظمها الجمعيات المرخّصة العاملة في البلاد، والتي تمتلك حسابات معروفة ولديها وسائل تثبّت وتوثيق مختلفة.

ويلجأ أشخاص إلى استغلال حالات إنسانية حقيقية مثل المرضى والنازحين والفقراء وغيرهم، لعرضها على مواقع التواصل وتخصيص رقم هاتف للتبرّع من خلاله، غير أنّ جزءا من تلك التبرّعات يذهب للقائمين على تلك الحملة، فيما آخرون يتجهون لاختلاق قصص لا أصل لها للاستيلاء على مبالغ مالية من المتبرّعين.

وخلال السنوات الست الأخيرة، شهد العراق عدة أزمات إنسانية عقب اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي لمدن شمال وغربي البلاد، فضلاً عن أزمات معيشية واقتصادية بمناطق مختلفة من العراق، كان لحملات التبرّع التي تصدّر بها ناشطون مدنيون أثر كبير في تخفيف معاناة الأهالي، لكن أيضاً ظاهرة الاحتيال أو التسوّل عبر مواقع التواصل كان لها تأثير سلبي، وفقاً لما يؤكده الناشط أحمد جواد، في بغداد.

ويقول جواد، الذي يعمل ضمن فريق إغاثي ساهم في تنفيذ أكثر من 70 حملة إنسانية استهدفت نازحين ومرضى ومحتاجين من سكّان مناطق عشوائية وفقيرة، من بينها حملة لأطفال السرطان، إنّ "الناس لا يطمئنون لأي حملة تبرّع قبل التأكد ممن يقف خلفها".

ويضيف جواد أنّ "النصب والاحتيال أثّرا على البسطاء والفقراء. إذ هم يمنعون باحتيالهم هذا، الناس من مساعدة الفقراء والمحتاجين". وأضاف أنّ "المتورّطين بهذا النوع من الجرائم أسوأ من اللصوص الذين يتسلّلون إلى المنازل ليلاً، كونهم يسرقون دواء الفقراء وخبزهم".

واليوم الاثنين، قالت الشرطة العراقية في محافظة بابل، 100 كيلومتر جنوب بغداد، إنها تمكّنت من القبض على محتال يقوم باستحصال مبالغ مالية من المواطنين عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.

وأشارت في بيان إلى أنّ قوات الأمن تمكّنت من خلال كمين محكم، من إلقاء القبض على شخص "يقوم بالاحتيال على المواطنين، عبر نشر صور لأطفال وعوائل محتاجة وحالات مرضية على مواقع التواصل الاجتماعي واستحصال مبالغ مالية من ذلك"، وبحسب البيان فقد اعتُقل المتهم وفقاً لقانون العقوبات ضمن جرائم النصب والاحتيال.

و"يقوم محتالون بالحصول على صور حقيقية لمرضى مصابين بأمراض مستعصية، يقومون بنشرها على مواقع التواصل من دون علم أصحابها أو بعد إقناعهم أنهم سيحصلون لهم على تبرعات، لكنهم، في الحقيقة، يستولون عليها ولا يمنحون الضحايا إلا الشيء البسيط"، بحسب ضابط في وزارة الداخلية العراقية. وأكّد الضابط لـ "العربي الجديد" أنّ مراكز الشرطة في عموم البلاد تلقّت بلاغات حول مثل هذه الحالات، مشيراً إلى وجود صعوبة في السيطرة على جميع جرائم التسوّل الإلكتروني، كون كثير من المتورطين بها يعملون بأسماء مستعارة، كما أنهم يقومون بتغيير حساباتهم التي يعملون بها بين الحين والآخر. 

المحامي علي الخفاجي، أكّد أنّ القانون يتعامل مع مثل هذه الحالات ضمن جرائم النصب والاحتيال التي تصل عقوبة مرتكبيها بحسب قانون العقوبات إلى السجن لعدة سنوات، مشيراً في حديث لـ "العربي الجديد"، إلى أنّ الضعف في تطبيق القانون أدى إلى انتشار مخيف لحالات الاحتيال، ومن ضمنها تلك التي تجري على مواقع التواصل الاجتماعي. 

وشدّد على أهمية تنفيذ حملات أمنية واسعة لمراقبة وتتبّع عناصر شبكات التسوّل الالكتروني التي تضرّ بالمواطنين وتسرق أموالهم، فضلاً عن كونها تسيء لسمعة البلاد. 

ووفقاً للمادة 456 من قانون العقوبات العراقي، فإنه "يعاقب بالحبس كل من توصل إلى تسلم أو نقل أو حيازة مال منقول مملوك للغير لنفسه أو إلى شخص آخر، من خلال استخدام طرق احتيالية، أو اتخاذ اسم كاذب، أو صفة غير صحيحة، أو تقرير أمر كاذب عن واقعة معينة".

المساهمون