أكدّت حملة العدالة للمحامي الأسير الفرنسي من أصول فلسطينية صلاح الحموري المدافع عن حقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، أنّ إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي صنفت الحموري على أنه "شديد الخطورة" ثم نقلته إلى سجن "هداريم"، بعد نحو أسبوعين على كتابته رسالة خاطب فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بمناسبة عيد استقلال فرنسا.
وقال مصدر من الحملة التي أطقلها نشطاء فلسطينيون وحقوقيون، للمطالبة بإنهاء ملاحقة الحموري المتواصلة منذ 22 عاماً، لـ "العربي الجديد"، إنّ "الحموري بعدما كتب الرسالة لماكرون، تعرض لعقوبات عدة بينها تصنيفه بـ(سجاف) أي شديد الخطورة، والتضييق عليه أكثر من خلال وضع الأصفاد في يديه وقدميه أغلب الأوقات، واقتحام زنزانته في سجن عوفر ليلاً مع التفتيش المتكرر، وصولاً إلى نقله إلى سجن هداريم بعد اقتحام زنزانته يوم أمس الثلاثاء".
وأشار المصدر إلى أنه وبعد 5 أيام فقط من كتابة الحموري رسالته إلى ماكرون تم تصنيفه بأنه "أسير شديد الخطورة"، وبعد 8 أيام من هذا التصنيف جرى نقله لأجل عزله في سجن "هداريم"، والمعروف عنه أنه سجن للعزل الجماعي، فيما تعتقد حملة العدالة للدفاع عن الحموري أنّ ما يجري معه هو محاولة لإسكاته.
وكان الحموري قد كتب في الرابع عشر من الشهر الجاري رسالة من سجن عوفر إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بمناسبة عيد استقلال فرنسا، مذكراً إياه بازدواجية المعايير التي يمارسها وادّعاء التزامه بقيم الديمقراطية وشعار الجمهورية الفرنسية: "حرية، إخاء، مساواة".
وقال الحموري في رسالته لماكرون: "إلى رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون من زنزانة رقم 4 في سجن عوفر، أكتب لك هذه الرسالة، ونحن على أعتاب تاريخ 14/ 07، هذا التاريخ العظيم الذي غيّر وجه العالم، وجلب قيم الإنسانية والديمقراطية، وثبت شعار الجمهورية الفرنسية: (حرية وإخاء ومساواة)".
وأكد أنّ "هذه المعايير والقيم الإنسانية التي كانت نتاج النضال الذي خاضه مئات آلاف الفرنسيين من أجل الخلاص من الظلم والفقر والاضطهاد، حيث لا يزال سقوط سجن (الباستيل) في هذا التاريخ يشكل بالنسبة لي بوصلة عنوانها أن الشعوب هي صاحبة الحق في تقرير مصيرها".
وقال الحموري: "أود اليوم من خلال هذه الرسالة فقط تذكيرك أنني موجود في باستيل اسمه عوفر على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتذكيرك أيضاً أنني معتقل على ذمة الاعتقال الإداري للمرة الثالثة، وهو الاعتقال الذي لا يوجه فيه أي تهم وأخضع فيه مع بقية الأسرى الإداريين لمحكمة عسكرية صورية تحمل الشكل والمضمون نفسهما للمحاكم العسكرية التي كانت في فرنسا، والتي حكمت بالإعدام وسحب الجنسية للجنرال ديغول".
وأضاف "هل تعلم سيادة الرئيس أننا في سجون دولة احتلال تصنفها العديد من المؤسسات القانونية والحقوقية التابعة للأمم المتحدة دولة أبارتهايد، وأحد أسباب هذا التصنيف هو الاعتقال الإداري، وهو كما وصفه مناحيم بيغن الزعيم الصهيوني أثناء جلسة في الكنيست بأنه اعتقال قائم على (قانون استبدادي وغير أخلاقي) عام 1951".
وتابع الأسير: "اسمح لي أن أسالك اليوم: ما هو السبب في ازدواجية معاييرك في التعامل مع الشعوب التي تخضع للظلم؟ عندما رأيتك في أكثر من مناسبة وأنت تدافع عن الشعب الأوكراني، وتتحدث عن آلامه وعذاباته، ونسيت أو تتناسى أننا شعب يتعرض للظلم والاحتلال منذ 78 عاماً. هذه هي نفسها دولة الاحتلال التي تصر أنت على معاملتها كدولة فوق القانون الدولي، وهي مستمرة في سياسة التطهير العرقي الكولونيالي، وتسعى كل يوم إلى تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه".
الحموري خاطب ماكرون قائلاً: "أنا اليوم، وبصدق، أشعر كأنني مواطن من الدرجة الرابعة أو الخامسة بالنسبة للدولة الفرنسية، في ظل استمرار فرنسا بالتغاضي، والسماح لدولة الاحتلال بالاستمرار في اعتقالي بدون تهم وبدون محاكمة".
وأضاف، "يجب أن تعلم سيادتك أنّ قيم الحرية والعدل والمساواة غير قابلة للتجزئة، وهي من حق كل الشعوب، وأتنمى أن تمتلك القليل من الجرأة من أجل الضغط على دولة الاحتلال لإطلاق سراحي".
ويقبع الأسير الحموري في سجون الاحتلال رهن الاعتقال الإداري، وكانت سطات الاحتلال جددت في السادس من الشهر الماضي، وقبل ساعات من موعد الإفراج عنه الاعتقال الإداري بحقه، لمدة ثلاثة أشهر أخرى، علماً بأن قرار تجديد أمر الاعتقال الإداري قد وقع عليه بتاريخ 2 يونيو/ حزيران 2022.
والحموري أسير محرر ومعتقل إداري سابق، وهو مهدد بسحب الإقامة المقدسية منه بأي لحظة لأسباب يدعي الاحتلال أنها أمنية، ويحرمه الاحتلال من رؤية زوجته وأطفاله حيث قامت سلطات الاحتلال بترحيل زوجته إلى فرنسا أثناء عودتها إلى القدس بعد احتجازها في المطار قبل سنوات.
واعتقل للمرّة الأولى في عام 2001 لمدّة خمسة أشهر، ثمّ اعتُقل إدارياً في عام 2004 لمدّة أربعة أشهر، وبعدها اعتُقل في عام 2005 لمدّة سبع سنوات، وأعيد اعتقاله في عام 2017 إدارياً لمدّة 13 شهراً، ثم اعتقل في السابع من مارس/آذار 2022، في حين مُنع من دخول الضفة الغربية لمدّة عامين.
وصلاح الحموري هو محامٍ ومدافع عن حقوق الإنسان ويعمل في مؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، والدته فرنسية ووالده فلسطيني من مدينة القدس التي ولد وعاش فيها، متزوج من فرنسية وأب لطفلين، يتعرض لحملة ممنهجة ضده من قبل سلطات الاحتلال بدءاً من اعتقاله الإداري والتعسفي والتجسس على هاتفه ومراقبته ووصولاً إلى سحب إقامته المقدسية، إذ إنه خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي صادق المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ووزير القضاء الإسرائيلي على قرار سحب هوية الحموري وحرمانه من الإقامة في القدس بحجّة "خرق الولاء" لدولة الاحتلال.
ورفعت قبل أشهر دعوى قضائية من قبل الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان وبدعم من عدة مؤسسات ضد شركة "إن إس أو" الإسرائيلية للتكنولوجيا لقيامها باختراق هاتف المحامي صلاح الحموري.
ويعود الكشف عن هذا الاختراق إلى شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2021، حيث تعرض الحموري لاختراق هاتفه إلى جانب عدد من أجهزة هواتف عدد من المدافعين الحقوقيين بواسطة تكنولوجيا تابعة لمجموعة "إن اس أو"، وهي شركة تكنولوجيات إسرائيلية معروفة باستخدامها برنامج "بيغاسوس" التجسسي.