الإيفواريون في تونس: دخول سهل ثم مشاكل

29 يناير 2022
وقع ضحية شبكات الاتجار بالبشر (فتحي نصري/ فرانس برس)
+ الخط -

يواجه المهاجرون الإيفواريون الذين يشكلون أكبر جالية أفريقية في تونس مخاطر الاستغلال الاقتصادي والاتجار بالبشر بسبب عدم قدرتهم على دفع غرامات "حرق الإقامات"، وانحسار فرص العمل التي قد تسمح لهم بتسوية أوضاعهم القانونية.
ويسمح القانون التونسي بدخول الإيفواريين البلاد بلا تأشيرة، لكن تجاوزهم مدة الإقامة الممنوحة يحتم دفعهم غرامات للمغادرة محددة بـ 20 دينارا (6.88 دولارات) عن كل أسبوع تأخير، ما يضطر هذه الفئة من المهاجرين إلى الخضوع لابتزاز المشغلين أو شبكات الإتجار بالبشر التي تساعدهم في الخروج من تونس بطرق غير شرعية عبر قوارب الموت التي تعبر إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.
وفي السنوات الأخيرة، زاد وجود الإيفواريين في تونس بسبب تفضيلهم الإقامة الدائمة فيها، بعدما اعتبرت سابقاً محطة لعبورهم إلى أوروبا .وتقدّر بيانات مفوضية شؤون اللاجئين عدد الإيفواريين المقيمين في تونس بأكثر من 3500، لكنها لا تملك على غرار المنظمات الراعية للمهاجرين أرقاماً عن عدد المهاجرين السريين الذين يتواجدون  في البلاد.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

ويفسّر الحضور الكبير للإيفواريين مقارنة بباقي الجنسيات من دول جنوب الصحراء، بحذف تونس تأشيرة دخولهم منذ سنوات، لكن مع إبقاء الإجراءات الإدارية الخاصة بحصولهم على الإقامة المؤقتة التي يجب تجديدها كل ثلاثة أشهر، شرط توفير عقد عمل ووثيقة لإيجار سكني.
يقول الإيفواري سايكا تراوري الذي يعيش منذ أكثر من 4 أعوام في تونس لـ"العربي الجديد": "تونس اليوم هي أرض إقامة للإيفواريين بعدما كانت سابقاً مجرد محطة لعبورهم إلى دول أخرى. يحصلون على تسهيلات لدخول تونس، ثم يواجه قسم منهم صعوبات في تجديد إقاماتهم نتيجة التشدد الإداري، ما يجبر مهاجرين كُثرا على حرق إقاماتهم في انتظار إعادتهم إلى بلدهم أو المغادرة إلى وجهة أخرى. والخروج بطريقة قانونية يتطلب دفع غرامات يفرضها قانون الإقامة بطريقة غير شرعية، ما يدفع المهاجرين إلى البحث عن طرق أخرى للمغادرة وتجنّب دفع أموال، وهو ما يحصل غالباً عبر وسطاء لعمليات الهجرة السرّية والاتجار بالبشر المحفوفة بالمخاطر الكبيرة".

مهاجرة من جنوب الصحراء تتعلم الخياطة في مركز للمساعدة (فتحي نصري/ فرانس برس)
مهاجرة من جنوب الصحراء تتعلم الخياطة في مركز للمساعدة (فتحي نصري/ فرانس برس)

يضيف: "يعرض مهربو البشر دفع رسوم مغادرة المهاجرين البلاد في مقابل تشغيلهم والحصول على جزء من رواتبهم خلال مدة محددة، فيحققون أرباحاً على قوت المهاجرين الذين قد يفضل جزء منهم أيضاً دفع ما يدخرون من أموال للمهربين لتأمين سفرهم إلى أوروبا في قوارب قد توصلهم جثثاً على شواطئ، وتبقيهم أرقاماً مجهولة في سجلات الموت".
ويفيد منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس بأن "الاتجار بالبشر يمثل مشكلة حقيقية في تونس ودول مجاورة، ويرتبط مباشرة بأزمة الهجرة في البحر الأبيض المتوسط، باعتبار أن جزءاً كبيراً من المهاجرين الذين يحاولون عبوره هم ضحايا للاتجار البشر".
ويؤكد المتحدث باسم منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر أن عدداً كبيراً من المهاجرين الإيفواريين، بينهم طلاب وقعوا ضحايا شبكات الاتجار بالبشر، بسبب عدم قدرتهم على دفع غرامات المغادرة بعدما أقاموا فترات بطريقة غير شرعية في البلاد. 
ويوضح بن عمر لـ"العربي الجديد" أن "المنتدى ومنظمات مدنية أخرى نظمت احتجاجات عام 2019 لمساندة المهاجرين الإيفواريين، ما دفع وزارة الخارجية التونسية إلى إسقاط الغرامات المفروضة على من يرغبون في المغادرة نهائياً. لكن القرار لم ينفذ بالكامل" .
ويشرح أن أحد أسباب حرق المهاجرين الايفواريين إقاماتهم وعدم تسوية أوضاعهم يرتبط بطول الإجراءات الإدارية في تونس، ومطالبتهم بعقود عمل وإيجارات مساكن لا تتوافر لغالبيتهم. وحذر من تعاظم دور شبكات الاتجار بالبشر التي تستغل الأوضاع الهشّة لهؤلاء المهاجرين من أجل تحقيق مكاسب مادية على حساب حياتهم".

وفي عام 2016، أقرّت تونس قانوناً يهدف إلى مكافحة الاتجار بالبشر، لكن سياستها تجاه ملف المهاجرين أبقت هذه الفئة في وضع هشّ، ومعرّضة لكل أنواع المخاطر. وقد نشرت الهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص (الاتجار بالبشر) في تونس أخيراً عن "دليل مرافقة وإعادة إدماج ضحايا الاتجار بالأشخاص في تونس"، من أجل تطوير الآليات الوطنية لتوجيه ضحايا الاتجار بالبشر إلى خدمات الرعاية المناسبة التي تضمن حمايتهم ومرافقتهم. وتحدثت الهيئة عن تراجع عدد ضحايا الاتجار بالبشر من 1313 عام 2019 إلى 907 عام 2020. 

المساهمون