نفّذت ولاية ألاباما في جنوب الولايات المتحدة الأميركية حكم الإعدام بالنيتروجين الأوّل من نوعه في البلاد، في حين رأت الأمم المتحدة أنّه "يرقى إلى حدّ التعذيب". وأُعلنت وفاة كينيث يوجين سميث في تمام الساعة 20:25 من مساء أمس الخميس بالتوقيت المحلي، وعند الساعة 02:25 من فجر اليوم الجمعة بتوقيت غرينتش، بحسب ما أفاد النائب العام في الولاية ستيف مارشال.
وخلال الإعلان عن ذلك، قال مارشال: "تحقّقت العدالة. أُعدم كينيث سميث الليلة، بسبب العمل الشائن الذي ارتكبه قبل أكثر من 35 عاماً".
وكان قد حُكم على سميث (58 عاماً) بالإعدام قبل أكثر من ثلاثة عقود، بعدما أدين بقتل زوجة قسّ في عام 1988 مقابل أجر، بصفته قاتلاً مأجوراً. ونُفّذ حكم الإعدام بالنيتروجين في سجن هولمان في آتمور بولاية ألاباما، وذلك من خلال حرمانه من الأوكسيجين باستخدام قناع مرتبط بأسطوانة نيتروجين.
وذكر موقع "إل.كوم" الإخباري المحلي، نقلاً عن شهود من الإعلاميين، أنّ المحكوم "بدأ يتلوّى ويتخبّط لوقت تراوح ما بين دقيقتَين وأربع دقائق، أعقبتها نحو خمس دقائق من اللهاث".
وأفاد مفوّض إدارة السجون جون هام بأنّ سميث بدا كأنّه "يحبس أنفاسه لأطول وقت ممكن"، لكنّ "حركة لاإرادية" سُجّلت إلى جانب لهاث.
وعبّر المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك عن أسفه العميق إزاء تنفيذ حكم الإعدام بهذه الطريقة. وجاء في بيان أصدره أنّ "أسلوب الخنق بوساطة غاز النيتروجين هذا، الجديد وغير المختبر من قبل، قد يرقى إلى التعذيب أو المعاملة القاسية واللاإنسانية أو المهينة".
بدوره، قال المدير التنفيذي لمركز معلومات عقوبات الإعدام روبن ماهر إنّ تنفيذ الحكم أتى بـ"وسيلة إعدام لم يسبق اختبارها وغير مثبتة". وأكد ماهر لوكالة فرانس برس أنّ هذه الطريقة "لم تُستخدَم من قبل لإعدام أيّ شخص في الولايات المتحدة الأميركية، ولا في العالم بحسب علمنا".
According to a reporter who witnessed #KennethSmith's execution yesterday: "This was the fifth execution that I’ve witnessed in Alabama, and I have never seen such a violent reaction to an execution." Shame on you @GovernorKayIvey for not stopping this horror show! pic.twitter.com/UTYvq9ZpKb
— Karine Omry (@KarineOmry) January 26, 2024
الإعدام بالنيتروجين "خطوة إلى الوراء"
وكان سميث قد بقي على قيد الحياة بعد محاولة إعدام فاشلة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، عندما لم يتمكّن مسؤولو السجن من تحديد الخطوط الوريدية لإعدامه بحقنة قاتلة.
وقبل تنفيذ الإعدام بحقه، قال سميث إنّ "ألاباما تسبّبت الليلة في إرجاع البشرية خطوة إلى الوراء"، وفقاً لما نقل عنه الفرع المحلي لشبكة "سي بي إس" الأميركية. أضاف: "أغادر بحب وسلام ونور... أحبّكم. أشكركم على الدعم. أحبّكم جميعاً".
وأشارت إدارة السجون في ألاباما إلى أنّ الوجبة الاخيرة، التي تناولها سميث صباح أمس الخميس، كانت شريحة لحم وبطاطس مقلية مهروسة وبيضاً.
ويعود تاريخ عملية الإعدام الأخيرة بواسطة الغاز في الولايات المتحدة الأميركية إلى عام 1999، عندما أُعدم شخص مدان بالقتل بغاز سيانيد الهيدروجين.
وفي عام 2023 الماضي، نفّذت الولايات المتحدة الأميركية 24 عملية إعدام، كلّها بالحقن القاتلة.
وألاباما واحدة من ثلاث ولايات أميركية وافقت على استخدام الإعدام بالنيتروجين كوسيلة إعدام، إلى جانب أوكلاهوما وميسيسيبي.
الإعدام بالنيتروجين "عقوبة غير عادية"
وعلى الرغم من أنّه لم يسبق استخدام غاز النيتروجين لإعدام البشر في الولايات المتحدة الأميركية، فإنّه يُستخدم أحياناً في عمليات الإجهاز على الحيوانات.
لكنّ مكتب المفوّض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان أشار إلى أنّه حتى الجمعية الأميركية للطب البيطري توصي بتخدير الحيوانات الكبيرة قبل الإجهاز عليها بهذه الطريقة.
ولا ينصّ قانون ألاباما الذي يتضمّن الإعدام بالنيتروجين على تخدير المحكوم عليه قبل تنفيذ الحكم.
من جهته، صرّح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي المناهض لعقوبة الإعدام بأنّ التكتّل المؤلف من 27 دولة يشعر "بأسف عميق" لعملية الإعدام هذه. أضاف في بيان : "بحسب كبار الخبراء، فإنّ هذه الطريقة خصوصاً قاسية، وهي عقوبة غير عادية".
لكنّ ولاية ألاباما دافعت عن هذه الوسيلة، وصرّحت بأنّها "قد تكون وسيلة الإعدام الأكثر إنسانية التي استُخدمت على الإطلاق".
وكان كينيث يوجين سميث قد أُدين مع شريكه جون باركر بقتل إليزابيث سينيت في عام 1988، بعدما تلقّى كلّ واحد منهما مبلغ ألف دولار أميركي من قبل زوج المغدورة. أُعدم باركر بحقنة قاتلة في عام 2010، أمّا تشارلز سينيت الذي رتّب عملية قتل زوجته، فانتحر بعد أسبوع من مقتلها.
وفي تصريحات أدلى بها للصحافيين بعد عملية الإعدام أمس الخميس، قال مايك سينيت، ابن المغدورة، إنّ "لا شيء حصل هنا اليوم من شأنه أن يعيد والدتي" إلى الحياة.
يُذكر أنّ المحكمة الأميركية العليا كانت قد رفضت طعناً تقدّم به مايك سميث للمطالبة بوقف تنفيذ حكم الإعدام.
في سياق متصل، أظهر استطلاع أخير أعدّه معهد "غالوب" أنّ 53 في المائة من الأميركيين يؤيّدون عقوبة الإعدام بحقّ شخص مُدان بالقتل، وهي النسبة الأقلّ منذ عام 1972، علماً أنّ 23 ولاية أميركية ألغت عقوبة الإعدام في حين علّق حكام ستّ ولايات أخرى، هي أريزونا وكاليفورنيا وأوهايو وأوريغون وبنسلفانيا وتينيسي، استخدامها.
وفي البيان الأخير الصادر عن تورك، شدّد على أنّ "عقوبة الإعدام تتعارض مع الحقّ الأساسي بالحياة"، مضيفاً: "أحضّ كلّ الولايات (الأميركية) على وقف استخدامها، وذلك في اتجاه إلغائها الشامل".
(فرانس برس)