الأمم المتحدة تصدر "إنذاراً أحمر" للبشرية: ظواهر مناخية "غير مسبوقة" ولا يمكن عكسها

09 اغسطس 2021
الاحترار العالمي وراء الفيضانات المدمرة (Getty)
+ الخط -

حذّر تقرير صادر عن خبراء الأمم المتحدة للمناخ، الإثنين، من أن الكوكب سيشهد زيادة "غير مسبوقة" في الظواهر الجوية القصوى، مثل موجات الحر، أو الأمطار الغزيرة، حتى لو تمكن العالم من الحد من ارتفاع درجة الحرارة بمعدل 1.5 درجة مئوية.
ووفق التقرير، ستكون هذه الحوادث غير مسبوقة في تاريخ البشرية في "الحجم"، و"التكرار"، والوقت من العام الذي تضرب فيه، أو المنطقة الجغرافية المتأثرة، ويحذر العلماء في ملخص تقني من "اجتماع ظواهر قصوى مثل موجة حر مع جفاف وأمطار وفيضانات يمكن أن تسبب تأثيرات كبيرة وغير مسبوقة".
كما حذر العلماء من أن قدرة الغابات والتربة والمحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون المنبعث من النشاطات البشرية من المرجح أن تتراجع مع استمرار الانبعاثات، وهو أمر يهدد الجهود المبذولة للحد من ظاهرة الاحترار المناخي إلى مستويات مقبولة.

وأكد التقرير أن "مناخ الأرض يزداد سخونة، حتى إن درجات الحرارة خلال عقد من الزمان قد تتجاوز مستوى الاحترار الذي سعى قادة العالم إلى منعه"، وقالت ليندا ميرنز، المؤلفة المشاركة للتقرير، وهي عالمة المناخ في المركز القومي لأبحاث الغلاف الجوي بالولايات المتحدة: "من المؤكد أن الأمور ستزداد سوءًا. لا أرى أي منطقة آمنة. لا مكان للفرار، لا مكان للاختباء".
ويصف التقرير الأممي تغير المناخ بأنه من صنع الإنسان، وشيء "لا لبس فيه"، يتوقع درجات حرارة أكثر سخونة خلال القرن الحادي والعشرين مقارنة بالتقرير السابق الصادر في العام 2013.
وخلص التقرير إلى أن الأمطار الغزيرة التي كانت تحدث مرة كل عشر سنوات أصبحت الآن أكثر تواترا وحدة مقارنة بما كانت عليه خلال السنوات الخمسين السابقة لعام 1900 عندما بدأت حرارة الكوكب تزيد بسبب النشاط البشري، وأنه قد تتكرر موجات الجفاف كل خمس أو ست سنوات بعد أن كانت تحدث مرة كل عشر سنوات.
وأكد العلماء على أن تأثيرات تغير المناخ تحدث بالفعل بالنظر إلى أحداث مثل الموجة الحارة التي ضربت شمال غرب الهادئ بالولايات المتحدة وقتلت المئات في يونيو/حزيران، وموجة الجفاف الحالية في البرازيل، وهي الأسوأ منذ 91 عاما.

ويقول باولو أرتاكسو، وهو من كبار المشاركين في إعداد التقرير وأستاذ الفيزياء البيئية بجامعة ساو باولو: "الموجة الحارة في كندا، والحرائق في كاليفورنيا، والفيضانات في ألمانيا، والفيضانات في الصين، والجفاف في وسط البرازيل، تجعل من الواضح للغاية أن الظروف المناخية القاسية لها تبعات وخيمة جدا".
وقال فريدريك أوتو، وهو أحد علماء المناخ بجامعة أوكسفورد ومن المشاركين في وضع التقرير، إن "وتيرة موجات الجفاف ستزداد في المناطق المعرضة بالفعل له، ومن بينها منطقة البحر المتوسط، وجنوب أستراليا، وغرب أميركا الشمالية".
وأشار العلماء إلى أن توقعات ظروف الطقس القاسية الواردة في التقرير تسلط الضوء على أهمية الحد من تغير المناخ وفقا للمستويات المذكورة في اتفاقية باريس للمناخ.

وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، تعقيبا على التقرير، إنه يعلن نهاية الوقود الأحفوري الذي "يدمر الكوكب". وأضاف في بيان، أن التقرير وهو الأول من نوعه منذ سبع سنوات، هو "إنذار أحمر للبشرية. أجراس الإنذار تصم الآذان. انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الوقود الأحفوري وإزالة الغابات تخنق كوكبنا".

وعلى مدى العقود الستة الماضية، نجحت مصارف الكربون الطبيعية في إزالة 56 في المائة من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من النشاطات البشرية من الغلاف الجوي، ما يحد من ظاهرة الاحترار المناخي. لكنها قد تصبح "أقل فعالية" في المستقبل، وفقا لتقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

وقال خبراء المناخ إن "بعض عواقب الاحترار المناخي، بما فيها ذوبان الجليد، وارتفاع منسوب مياه البحر، ستبقى غير قابلة للعكس لقرون أو آلاف السنين".

ويتوقع أن يصل الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية قرابة عام 2030، أي قبل عشر سنوات من آخر التقديرات التي وضعت قبل ثلاث سنوات، وفقا للتقرير الجديد، وسيستمر الارتفاع في درجات الحرارة بعد ذلك في تجاوز هذه العتبة، وهي أحد البنود الرئيسية لاتفاق باريس، حتى لو تمكن العالم من الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة.
وبغض النظر عن معدل انبعاثات غازات الدفيئة في المستقبل، فإن مستوى المحيطات سيستمر في الارتفاع، خصوصا في ظل تسارع وتيرة ذوبان القمم الجليدية، ويقدر التقرير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية أن يرتفع مستوى سطح البحر إلى متر بحلول عام 2100.

يأتي تقرير اللجنة قبل ثلاثة أشهر من مؤتمر مناخي مهم للأمم المتحدة سيعقد في غلاسكو باسكتلندا، حيث ستتعرض الدول لضغوط للتعهد بإجراءات طموحة وتمويل كبير لمكافحة تغير المناخ، ويعتمد التقرير على أكثر من 14 ألف دراسة علمية، ويقدم أشمل وأكثر الصور تفصيلا على الإطلاق بشأن كيف يؤثر التغير المناخي على العالم الطبيعي، وما قد يحدث مستقبلا.

(فرانس برس، أسوشييتد برس)

المساهمون