نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، تقريراً مطولاً، تناولت فيه جميع الأسئلة التي يمكن أن تطرح حول اللقاحات، ونوعيتها، وتأثيرها.
وبحسب الصحيفة، فقد تمّ إعطاء أول لقاح لفيروس كورونا للعاملين في مجال الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، في 14 ديسمبر/كانون الأول، والآن، هناك ثلاثة لقاحات مصرّح بها في البلاد، ما يعزّز الإمدادات الأولية النادرة. وقد قال الرئيس الأميركي، جو بايدن، مؤخراً، إنّه سيتم توفير اللقاح لجميع الأميركيين البالغين بحلول مايو/ أيار المقبل. فيما يلي أهم الإجابات على بعض الأسئلة المتكررة.
كيف يعمل لقاحا فايزر وموديرنا؟
تمّ تطوير أول لقاح مصرّح به في الولايات المتحدة من قبل شركة الأدوية العملاقة فايزر وشركة بيونتك الألمانية. يُعطى اللقاح بجرعتين، بفارق ثلاثة أسابيع. في المقابل، فإنّ لقاح موديرنا الذي طوّرته شركة التكنولوجيا الحيوية في ماساتشوستس بالشراكة مع المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، كان ثاني لقاح تمّت الموافقة عليه ويُعطى بجرعتين، بفارق 28 يوماً. يستخدم كل من موديرنا وفايزر، تقنية messenger RNA. يختلف هذا النهج عن أسلوب اللقاحات الأكثر تقليدية، والتي غالباً ما تستخدم نسخة ضعيفة أو ميتة من الفيروس أو بروتيناً تمّ إنشاؤه في المختبر، وهو يستخدم قصاصات مركبة من المعلومات الجينية مغلفة بطبقة دهنية واقية لمنعها من التفكك. عندما ينتقل إلى الخلايا الموجودة في عضلة الجزء العلوي من الذراع، فإنه يحتوي على تعليمات جزيئية تخبر الخلايا بتكوين بروتين يؤدي إلى استجابة مناعية لبروتين السنبلة الموجود على سطح الفيروس التاجي. هذا يعني أنّ الجهاز المناعي سيكون مستعداً للقضاء على العامل الذي يتسبّب بالمرض إذا ما حاول الغزو.
كيف يعمل لقاح جونسون أند جونسون؟
يعمل هذا اللقاح بنظام الجرعة الواحدة، تحتوي الجرعة على فيروسات البرد التي تمّ تعديلها وراثياً، بحيث لا يمكنها استنساخ نفسها. عندما تصيب فيروسات البرد غير المؤذية، الخلايا، فإنها تقدّم المخطّط الجيني لبروتين سبايك الفيروسي، وتتعلّم الخلية بناء السنبلة. يتعلّم الجهاز المناعي عندها التعرّف على الفيروس الحقيقي ومنعه.
هل هذه اللقاحات آمنة؟
مرّت جميع اللقاحات بمراجعات سلامة صارمة من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA). وسمحت الوكالة بإعطاء لقاح فايزر للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 16 عاماً، بعد مراجعة البيانات من 44000 مشارك في تجربة سريرية عشوائية. ووجد تحليل من 53 صفحة، أجرته الوكالة، أنّ بعض الأشخاص الذين تلقوا الحقن، ظهرت عليهم آثار جانبية مزعجة ولكن يمكن احتمالها، بما في ذلك التعب والصداع وآلام العضلات وآلام المفاصل والقشعريرة والحمى. قال المراجعون، إنّ شهرين من المتابعة على 38000 من هؤلاء المشاركين، يقدّمان دليلاً على "ملف تعريف أمان ملائم، مع عدم وجود مخاوف محددة تتعلق بالسلامة والتي من شأنها أن تحول دون إصدار تصريح الطوارئ".
قامت إدارة الغذاء والدواء الأميركية، بالسماح بإعطاء لقاح موديرنا للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً أو أكثر، استناداً إلى بيانات من تجربة إكلينيكية مع 30000 مشارك، ووجدت الوكالة أنّ الآثار الجانبية كانت مماثلة لتلك التي حدثت مع فايزر.
تمّ ترخيص لقاح "جونسون أند جونسون" للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً، بناءً على بيانات من تجربة شارك فيها 44000 مشارك. كانت الآثار الجانبية للقاح أقل شيوعاً من تلك الخاصة بموديرنا وفايرز، مع وجود الألم في موقع الحقن والتعب والصداع.
هل يقي اللقاح من الإصابة بفيروس كورونا؟
أثبتت الدراسات أنّ لقاح فايزر فعّال بنسبة 95 بالمائة في التجارب العشوائية. ووجدت المراجعة المستقلة لإدارة الغذاء والدواء الأميركية أنه من بين أكثر من 20000 شخص تلقوا جرعتين من اللقاح، أصيب ثمانية فقط بفيروس كورونا، وأصيب شخص واحد فقط بمرض خطير. على النقيض من ذلك، أصيب 162 شخصاً في مجموعة الدواء الوهمي بفيروس كورونا، وأصيب تسعة منهم بمرض خطير. حتى أنّه هناك بعض الأدلة على أنّ الجرعة الأولى من اللقاح كافية لتحمي من المرض، لكن إدارة الغذاء والدواء قالت إنه لا توجد بيانات كافية بعد، لاستخلاص استنتاجات مؤكدة. فيما أثبت لقاح موديرنا أنّه فعّال بنسبة 94 بالمائة، في الوقاية من الأمراض في التجربة، وفعّال بشكل خاص ضدّ الأمراض الشديدة.
بينما لقاح "جونسون أند جونسون" فعّال بنسبة 72 بالمائة في الوقاية من حالات المرض المتوسطة إلى الشديدة في الولايات المتحدة، وكان فعالاً بشكل خاص ضدّ الأمراض الشديدة. ولا يعرف العلماء بعد إلى متى تدوم الحماية من اللقاحات.
ما مدى فعالية هذه اللقاحات ضد سلالات كورونا الجديدة؟
صمدت فعالية لقاح "جونسون أند جونسون" ضدّ التحوّر الذي أثار مخاوف، عندما تمّ اكتشافه في جنوب أفريقيا، من أنه قد يتفادى المناعة. وكانت فعالية اللقاح 72 بالمائة في الولايات المتحدة، مقابل 64 بالمائة في جنوب أفريقيا. وفعالية اللقاح ضدّ المرض الشديد، هي بنفس قدر قوته ضدّ المتحورات كما ضدّ سلالة الدورة العادية.
لا يعرف الخبراء حتى الآن مدى فعالية لقاحي فايزر وموديرنا، ضدّ السلالة الجنوب أفريقية، بينما لا يُتوقع أن تشكّل السلالة البريطانية تحدياً كبيراً للقاحات. لكن الأدلة الناشئة - بما في ذلك من تجربة لقاح تجريبية مختلفة - تشير إلى أنّ الحماية ضدّ السلالة الجنوب أفريقية قد تكون أقل اكتمالاً إلى حد كبير.
كيف تم صنع اللقاحات بهذه السرعة؟
تاريخياً، استغرق تطوير اللقاحات سنوات. قبل ذلك، كان لقاح النكاف، الذي استغرق تطويره أربع سنوات، هو أسرع لقاح تمّت الموافقة عليه للاستخدام في البشر. لقد كان تطوير لقاحات RNA مثل لقاحي فايزر وموديرنا، سريعاً، لأنّ العلماء كانوا قادرين على بدء عملهم قبل ظهور حالة معروفة لفيروس كورونا الجديد، باستخدام الجينوم الفيروسي المشترك عبر الإنترنت كقالب. لقد تمكنوا من الاعتماد على سنوات من البحث لتطوير منصة اللقاح. تمّ تصميم لقاح "جونسون أند جونسون" بسرعة باستخدام جينوم الفيروس. وقد تمّ تطوير تكنولوجيا اللقاح هذه، لسنوات، ضدّ فيروس نقص المناعة البشرية والإيبولا.
كيف سيتم شحن اللقاحات؟
يجب حفظ اللقاح من شركة فايزر، في درجة حرارة شديدة البرودة، أقلّ من 70 درجة مئوية أثناء الشحن. أنشأت الشركة مبرّدات خاصة بها، تعمل بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) مملوءة بالثلج الجاف لتوزيعه. يمكن تخزين القوارير لمدة تصل إلى أسبوعين عند -15 إلى -25 درجة مئوية تحت الصفر.
تمّ تخزين لقاح موديرنا مجمداً في درجة حرارة -20 درجة مئوية تحت الصفر، ولكنه يحفظ لمدة شهر في درجة حرارة الثلاجة. قد يُسهّل هذا التوزيع على الصيدليات والمناطق الريفية التي لا تحتوي على مجمّدات متخصّصة. ويمكن الاحتفاظ بلقاح "جونسون أند جونسون" في درجة حرارة الثلاجة لمدة ثلاثة أشهر، هذا يبسّط إلى حد كبير الخدمات اللوجستية في توزيع اللقاح.
ما الذي يحدث للقاحي أكسفورد ونوفافكس؟
يتم اختبار لقاح أكسفورد في تجربة سريرية كبيرة في الولايات المتحدة، ومن المتوقع ظهور نتائجها في مارس/ آذار الحالي. أوصت الجهة المنظمة في الاتحاد الأوروبي بترخيص اللقاح لاستخدامه، على الرغم من نقص البيانات حول فعاليته لدى كبار السن. أثار المسؤولون الأوروبيون قلقهم بشأن المعرفة المحدودة لفعالية اللقاح لدى كبار السن، وهم مثّلوا 6 في المائة فقط، من المشاركين في التجارب السريرية، على الرغم من أنهم يمثّلون معظم وفيات فيروس كورونا ويحتلّون مرتبة عالية في قوائم أولويات التطعيم في معظم البلدان.
أما فيما يتعلّق بلقاح "نوفافكس"، فقد أعلنت مؤخراً، شركة التكنولوجيا الحيوية في ماريلاند التي أنتجته، أنه تمّ تجريبه، في مرحلة متأخرة في أميركا الشمالية، ضمن تجربة كبيرة، وهو أثبت فعاليته في وقف العدوى المصحوبة بأعراض في المناطق الساخنة العالمية حيث تسود المتحورات المقلقة، بحسب الشركة.
هل يجب أن أتلقى اللقاح إذا أصبت بالفعل بفيروس كورونا؟
تقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، إنه "يجب تقديم اللقاح للجميع، بغضّ النظر عما إذا كانوا أصيبوا سابقاً بالفيروس أم لا". وتضيف: "ما زلنا نكتشف إلى متى تستمر المناعة ضدّ فيروس كورونا بعد الإصابة به أو تلقي اللقاح التطعيم".
أعاني من فيروس كورونا الآن .. فهل أستطيع أخذ اللقاح؟
من الأفضل الانتظار حتى تتعافى من مرضك وتفي بجميع المعايير لإنهاء العزلة الذاتية لتجنّب نشر العدوى للآخرين.
أنا حامل أو أخطط للحمل قريباً أو أنا أرضع... فهل أستطيع أخذ اللقاح؟
يجب على النساء الحوامل أو المرضعات اللواتي ينتمين إلى مجموعة موصى بها للحصول على الحقن، على سبيل المثال العاملات في مجال الرعاية الصحية، التحدث مع مقدمي الخدمات الطبية قبل تلقي اللقاح. كما تمّ استبعاد النساء الحوامل من تجارب لقاح فيروس كورونا، لذلك لا توجد بيانات حول سلامة اللقاحات لهن، أو تأثيرها على الرضيع. تقول الكلية الأميركية لأطباء النساء والتوليد، "إنّ التحدث مع الطبيب قد يكون مفيداً ولكنه ليس واجباً".
لا يحتوي لقاحا موديرنا أو فايزر على فيروسات نشطة أو أيّ معززات لتعزيز الاستجابة المناعية، ولا يُعتقد أنهما يشكلان خطراً على الرضيع في حال الرضاعة، فهما لا يغيّران الحمض النووي البشري في الأشخاص الذين يحصلون عليه ولا يمكنهما إحداث تغييرات جينية.
هل يمكن تطعيم الأشخاص الذين يعانون من حساسية؟
يمكن للأشخاص الذين يعانون من حساسية خفيفة تجاه الطعام أو الحيوانات الأليفة أو البيئة الحصول على اللقاحات بشكل آمن. لقد أثيرت مخاوف بشأن ردود الفعل التحسسية النادرة، ولكن العديد من التقارير تفيد بأنّ اثنين من العاملين في مجال الرعاية الصحية في بريطانيا تعرّضا لمثل هذه التفاعلات بعد تلقيحهما بلقاحات الحمض النووي الريبي.
ماذا عن الأشخاص الذين يعانون من مرض نقص المناعة؟
لم يتم دراسة اللقاحات على الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة، ولكن لا يُتوقع أن يكون هؤلاء الأفراد في خطر متزايد.
متى سأتمكن من تلقي اللقاح؟
هذا يعتمد على وظيفتك وعمرك وصحتك وبلدك.
متى تعود الحياة إلى طبيعتها؟
ليس في البداية. يقول خبراء الصحة العامة، "يجب الانتظار حتى يتم تطعيم نسبة كبيرة من السكان والحدّ من الوباء". في الغالب، التوصية هي بأن يتابع الناس ارتداء الكمامات، ويحافظوا على التباعد الاجتماعي، خاصةً إذا لم يتم تلقيحهم.
أحد أسباب الحذر هو أنّ اللقاحات المستخدمة حالياً فعّالة بنسبة 95 في المائة - ولكن ليس بنسبة 100 في المائة - في الوقاية من السلالة الأصلية لفيروس كورونا التي تم اختبار اللقاح ضدها، ولكنها قد تمنح حماية أقل ضدّ السلالات الأحدث.