الأدوية المهربة تهدد صحة الآلاف في أفغانستان

12 مايو 2023
غالبية الأدوية في السوق الأفغانية مهربة (سكوت بيترسون/Getty)
+ الخط -

تؤكد نقابة تجار الأدوية الأفغانية أن 90 في المائة من الأدوية المباعة في السوق الأفغانية تأتي من الخارج، وذلك بقيمة نحو 500 مليون دولار، وأن المعضلة الأساسية تتمثل في كون 70 في المائة من تلك الأدوية تدخل إلى البلاد عن طريق التهريب.
وعادة ما تكون الأدوية المهربة ذات جودة متدنية، إذ يصنع الكثير منها داخل معامل صغيرة، أو حتى منازل، في باكستان المجاورة، وتصدر إلى أفغانستان بعد تغليفها على اعتبار أنها منتجة بمعرفة مختبرات الأدوية الشهيرة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، أجرت وزارة الصحة الأفغانية العديد من حملات التفتيش على الصيدليات والمستشفيات الخاصة، وقامت بفحص أصناف الأدوية الموجودة لديها، وكشفت عن إعدام كميات كبيرة منها، كانت غير مطابقة للمواصفات أو منتهية الصلاحية.
وفي منتصف إبريل/نيسان الماضي، طلبت جمعية الأدوية والمنتجات الصحية الأفغانية من حكومة طالبان اتخاذ خطوات جادة وسريعة من أجل تقليص استيراد الأدوية، خصوصاً الرديئة التي تضر بصحة المواطنين، كما تتسبب في أضرار لصناعة الأدوية المحلية.
وقال المسؤول في جمعية الأدوية والمنتجات الصحية محمد ذكي زكوت، خلال اجتماع حكومي في العاصمة كابول، إنه "يُجلب ما قيمته مليار دولار من الأدوية إلى البلاد في كل عام، وهذا يزيد عن الاحتياجات، وزيادة الأدوية في السوق تسببت في خلق منافسة غير عادلة، ونتيجة لذلك، قامت الإدارة الوطنية للغذاء والدواء بحرق مئات الأطنان من الأدوية خلال الأشهر الماضية. هناك 88 مصنعاً محلياً للأدوية مسجلة لدى النقابة، 65 منها في العاصمة كابول وحدها، وغالبيتها تعمل بالفعل، والبقية في طور التشغيل".

في الاجتماع نفسه، طالب مدير شركة "ستاندرد فارما" للأدوية، سيد نور باشا، بمنع استيراد الأدوية منخفضة الجودة، واتخاذ إجراءات حاسمة لمنع تهريب الدواء لدعم المنتج المحلي، مضيفاً أن "البلاد فيها قوانين خاصة بتصدير واستيراد الأدوية، ومن الضروري تطبيق تلك القوانين. إذا توقف استيراد 15 نوعاً من الأدوية كما وعدتنا الحكومة، فإن ذلك سيعطي دفعة كبيرة للمصانع الأفغانية، كما سيشجع آخرين على الاستثمار في القطاع".
وقال مدير الصناعات الخفيفة بوزارة الصناعة والتجارة المفتي فايز محمد، خلال الاجتماع، إن "هناك تحسناً واضح في القطاع. كان لدينا في السابق 38 مصنعاً للأدوية تعمل منها 28 فقط، وحالياً لدينا 91 مصنعاً، 76 منها تعمل، والبقية في طور التفعيل، وستبدأ العمل قريباً. قبل وصول طالبان إلى الحكم، كانت المصانع الأفغانية تنتج 120 نوعاً من الأدوية، ووفق الإحصائيات الحالية للإدارة الوطنية للغذاء، فإن المصانع المحلية تنتج 630 نوعاً من الدواء، ما يؤكد التحسن، وسنتخذ خطوات إضافية لتقوية مصانعنا، من بينها إجراءات للحد من دخول الأدوية بشكل غير قانوني إلى البلاد".
بدوره، وصف نائب رئيس وزراء حكومة طالبان، عبد السلام حنفي، مستوردي الأدوية الرديئة بـ"الخونة"، مشدداً على أن تراخيص عملهم ستُلغى، وأشار، خلال افتتاح معمل في مدينة قندهار لفحص المواد الغذائية والأدوية في 5 مايو/أيار الجاري، إلى "أهمية إنشاء المعامل لتحديد جودة ومعايير الأدوية والمنتجات الغذائية المحلية والأجنبية، وهذا من بين أولويات الحكومة، وتقع على عاتق جميع رجال الأعمال الأفغان مسؤولية استيراد أفضل الأدوية والمواد الغذائية، وكذلك إنتاج سلع عالية الجودة".

وكشف رئيس الإدارة الوطنية للغذاء والدواء، عبد الباري العمري، أن المعمل الذي افتتح في قندهار تكلف نحو 350 ألف دولار أميركي، من بينها 200 ألف دولار أُنفقت على المعدات التقنية، ولديه القدرة على تقييم نحو 200 عينة من الأدوية والأغذية يومياً، مؤكداً أن "جميع المنتجات الغذائية والطبية التي يجرى استيرادها أو انتاجها محلياً يجب فحصها أولاً قبل وصولها إلى الأسواق، وتتضمن خطة هذا العام بناء مختبرات لتقييم الأدوية والأغذية في أربعة مناطق رئيسية قريبة من الحدود، وبتكلفة ثلاثة ملايين دولار".
ولا ينكر الطبيب الأفغاني زاهد شاه أن جهود حكومة طالبان مهمة وضرورية مقارنة مع حجم الأزمة القائمة في قطاع الدواء، خصوصاً مكافحة الأدوية المهربة التي لها أثار سيئة على صحة المواطنين، ويضيف لـ"العربي الجديد": "ثمة حاجة إلى الكثير من العمل من أجل منع دخول تلك الأدوية التي تصنعها معامل باكستانية صغيرة بالقرب من الحدود الأفغانية، كما أن هناك حاجة ملحة للتنسيق بين التجار والحكومة، فالكثير من الأشياء لا يمكن تغييرها من دون التعاون بين القطاعات المختلفة".

المساهمون