يُهدّد اكتظاظ الفصول الدراسية عام تونس الدراسي، بعدما اشتكى المدرسون في المرحلة الابتدائية من العدد الكبير للتلاميذ داخل الفصل الواحد، ما قد يتسبب في مخاطر صحية ناتجة عن عدوى كورونا التي يمكن أن تتفشى بين التلاميذ.
وقالت نقابات التعليم ومدرسون إنّ الفصول الدراسية تشهد اكتظاظا غير مسبوق يمكن أن يصل إلى أكثر من 42 تلميذا داخل القسم الواحد، وهو ما يؤثر على قدرة الأطر التربوية في تنفيذ البروتوكولات الصحية والعناية بالتلاميذ في الجانب التعليمي.
ويوم 15 سبتمبر/ أيلول الجاري، استقبلت مدارس ومعاهد تونس أكثر من 2.3 مليون تلميذ، بزيادة تقدر بنحو 50 ألف تلميذ جديد، وهو معدل الزيادة المتوقع خلال السنوات القادمة، وفق ما أعلنه وزير التربية فتحي السلاوتي.
وقال السلاوتي إن النظام التعليمي العمومي سيشهد ضغطاً خلال السنوات القادمة بزيادة عدد التلاميذ، وهو ما يتطلب خطة لتوسعة المؤسسات التعليمية وزيادة المدرسين، في وقت تحول فيه الظروف المالية للبلاد دون ذلك.
وبسبب قلة عدد المدرسين وتوقف الانتدابات في القطاع الحكومي، اضطر المشرفون على المؤسسات التعليمية هذا العام إلى زيادة عدد التلاميذ داخل الفصل الواحد، في تعارض تام مع البروتوكولات الصحية المتفق عليها بين وزارتي الصحة والتربية.
يوم 15 سبتمبر/ أيلول الجاري، استقبلت مدارس ومعاهد تونس أكثر من 2.3 مليون تلميذ، بزيادة تقدر بنحو 50 ألف تلميذ جديد، وهو معدل الزيادة المتوقع خلال السنوات القادمة
وقال كاتب عام نقابة التعليم الثانوي الأسعد اليعقوبي إنّ "العام الدراسي انطلق في ظروف سيئة غابت فيها كل بوادر للإرادة الرسمية لتحسين ظروف التعليم في البلاد".
وأكد اليعقوبي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ" أغلب المؤسسات التعليمية تشكو من اكتظاظ قياسي داخل الصفوف، بل إن بعضها غير قادر على استيعاب عدد التلاميذ المرسمين، ما جعل الدروس تنطلق في أجواء غير جيدة ومخاوف صحية كبيرة" .
وأضاف، في السياق، أن "ضعف الموارد المالية تسبب في غلق مؤسسات تعليمية بلغت حد الاهتراء وتهاوي جزء من قاعاتها، نتج عنه نقل التلاميذ إلى مدارس إعدادية ومعاهد ثانوية".
وأشار إلى أن "الاكتظاظ يؤثر على جودة التعليم وقدرة المدرس على التواصل مع طلابه"، مؤكدا أن "كل المؤسسات التعليمية تفتقد للحد الأدنى من وسائل العمل، ما يحولها إلى فضاءات لحشد التلاميذ دون القيام بدورها الرئيسي التعليمي والتربوي" .
في المقابل، لا يواجه تلاميذ التعليم الخاص الإشكاليات ذاتها لطلاب القطاع الحكومي، حيث تحدد مؤسسات التعليم الخاص حدا أقصى داخل الفصول الدراسية لا يتجاوز 20 تلميذا في الصف الواحد، مقابل ضِعف هذا العدد في التعليم الحكومي.
ومع تحسن الوضع الوبائي في تونس، اتخذت وزارة الصحة هذا العام قرارا بإنهاء العمل بنظام الفرق (تقسيم الطلاب)، الذي جرى اعتماده خلال العامين الماضيين لتجنّب الاكتظاظ داخل الصفوف واحترام شروط التباعد الجسدي التي فرضها فيروس كورونا .
وتقر وزارة التربية بوجود إشكاليات لوجستية خلال العودة المدرسية هذا العام، وهي تحديات جديدة تُضاف إلى التحدي الصحي الذي فرضه انتشار الوباء، ومن بينها قلة الإمكانات المالية بسبب الصعوبات المالية العمومية وتأثيراتها على مخصصات انتدابات المدرسين، وصيانة المؤسسات التعليمية التي وصل جزء منها إلى حالة الاهتراء.