اعتقال المدير الإداري بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية

16 نوفمبر 2020
احتُجز محمد بشير لمدة تقارب الـ12 ساعة في أحد مقرّات قطاع الأمن الوطني (فيسبوك)
+ الخط -

أعلنت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة مجتمع مدني مصرية)، أنه في تصعيد غير مسبوق، لم تواجهه أبداً من قبل، توجّهت قوة أمنية إلى منزل المدير الإداري في المبادرة المصرية، محمد بشير، فجر الأحد 15 نوفمبر/تشرين الثاني، واحتجزته لمدة تقارب الـ12 ساعة في أحد مقرّات قطاع الأمن الوطني، قبل ظهوره في نيابة أمن الدولة العليا بالتجمّع الخامس.

وباشرت النيابة التحقيق مع محمد بشير، ووجّهت له عدداً من الأسئلة دارت كلها حول طبيعة نشاط المبادرة وإصداراتها الأخيرة وعملها في مجال الدعم القانوني، وركّزت الأسئلة داخل مقر الأمن الوطني بشكل خاص على زيارة عدد من السفراء المعتمدين بمصر إلى مقرّ المبادرة المصرية، يوم الثلاثاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري الجاري، في لقاء ناقش سبل دعم أوضاع حقوق الإنسان في مصر وحول العالم.

ووجهت النيابة لمحمد بشير، في وقت متأخر من يوم القبض عليه، اتهامات بـ"الانضمام لجماعة إرهابية مع العلم بأغراضها، واستخدام حساب خاص على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) بهدف نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام، وارتكاب جريمة من جرائم تمويل الإرهاب، وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام والإضرار بالمصلحة الوطنية".

صحة
التحديثات الحية

ولم تواجه النيابة، محمد بشير، بتحرّيات يُعتد بها، واكتفت بالإشارة إلى ما أسمته "تحقّقها من مشاركته في تحرّك يهدف لنشر أخبار كاذبة وإشاعات مغرضة" حسب بيان المبادرة.

وأصدرت النيابة قرارها بالحبس 15 يوماً على ذمة التحقيقات، مع استكمال التحقيق في وقت لاحق، وضمه إلى القضية 855 لسنة 2020 المحبوس على ذمتها عدد من النشطاء الحقوقيين والسياسيين ومنهم المحاميان، محمد الباقر وماهينور المصري.

وقالت المبادرة: "يأتي حبس محمد بشير إذاً كحلقة جديدة في سلسلة استهداف وترهيب العاملين بمجال حقوق الإنسان. ولا ينفصل ذلك عن مجمل المناخ السلطوي والقمعي الذي يعصف بمجمل الحقوق والحريات المكفولة دستورياً أو دولياً استناداً إلى اتهامات فضفاضة وعامة أصبحت تحفل بها القوانين المصرية".

وطالبت المبادرة، بالإفراج الفوري عن محمد بشير، وجميع النشطاء الحقوقيين المحبوسين على ذمة القضية نفسها. كما طالبت بإسقاط الاتهامات الموجهة له والتوقّف الفوري عن ترهيب النشطاء والعاملين في الحقل الحقوقي المحبوسين على ذمة قضايا مماثلة.

واستهداف الحقوقيين بدأ منذ سنوات في مصر، منذ فتح القضية رقم 173 المعروفة بـ"التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني- شقّ المنظمات الأجنبية" والتي تعود وقائعها إلى عام 2011، للتحقيق في تمويل منظمات محلية وأجنبية، بعد خمسة أشهر من سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك، وأدّى بالفعل إلى إدانة وإغلاق مكاتب خمس منظمات دولية غير حكومية في مصر.

بعدها توسّع النظام العسكري الحاكم بعد ثورة 25 يناير في استهداف الحقوقيين، وأكمل مسيرته، الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي شهد عهده منذ توليه سدة الحكم في 2014، العديد من الانتهاكات التي تعرّض لها المدافعون عن حقوق الإنسان في مصر، وتعدّدت بين سجن ومنع من السفر واعتداءات بدنية وتهديدات وحملات تشويه إعلامية.

ففي سبتمبر/أيلول 2014، أدخل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، تعديلات على قانون العقوبات، تُشدد العقوبة على تلقي الأموال من مصادر أجنبية بهدف "الإضرار بالمصلحة القومية".

وإزاء الشجب الدولي لهذه التدابير، تراجعت الحكومة عن قرارها القاضي بالحلّ الفوري لسائر المنظمات التي تنفذ أنشطة متصلة بالمجتمع المدني، من دون أن تكون مسجلة في أواخر العام 2014. ولكنها عادت من جديد في تنفيذ تلك التدابير، ولكن هذه المرة في بشكل مبطن قانونياً وأقلّ وضوحاً.

ثم منذ ما يقرب من ثلاثة أعوام، أعادت الحكومة المصرية، فتح القضية رقم 173 لسنة 2011 والمعروفة إعلامياً باسم "قضية تمويل المجتمع المدني"، والتي بموجبها تمّ استدعاء العديد من العاملين في منظمات غير حكومية لحقوق الإنسان والتحفّظ على أموالهم ومصادرة ممتلكاتهم ومنهعم من السفر خارج البلاد.

كذلك، ضمّت السلطات المصرية، مجموعة كبيرة من الحقوقيين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان على ذمة عدة قضايا، بتهم تمويل الإرهاب والانضمام لجماعات محظورة وغيرها، وأبرزها القضية رقم 855 لسنة 2020 أمن دولة. 

وحسب ما رصدت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية)، أنه في الفترة من نهاية 2018 إلى نهاية 2019 فقط، كان السجن في مقدمة الانتهاكات ضدّ المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر، وكذلك المنع من السفر والتحفظ على الأموال واعتداءات بدنية، فضلاً عن التشهير والتهديدات العلنية بالقتل، والحبس الاحتياطي، بل والاختفاء القسري وغيرها.

المساهمون